حضرت مئات من النساء الإيرانيات اليوم الخميس، مباراة منتخب بلادهن مع منتخب كمبوديا، في استاد آزادي في طهران، في التصفيات الآسيوية المزدوجة لكأس العالم 2022 وكأس آسيا 2023 في كرة القدم، وذلك للمرة الأولى منذ عقود، وبعد ضغوط من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، وتلويح بفرض عقوبات على إيران.
وقام لاعبو المنتخب الإيراني بجولة في الملعب بعد فوز كبير بأربعة عشر هدفاً نظيفاً، وتبادلوا التحية مع المشجعات اللواتي صفقن لهم ملوِّحات بأعلام إيرانية.
ولم تُخفِ السيدات الحاضرات فرحتهن بأول مباراة يتابعنها بهذا الشكل منذ الثورة الإسلامية في عام 1979، وحملن علم بلادهن ووضعن على أكتافهن وحول رؤوسهن أوشحة بألوانه (أخضر، أبيض وأحمر)، بينما انصرفت العديد منهم لالتقاط صور "سيلفي" لتخليد هذه اللحظة.
ومنذ الثورة الإسلامية عام 1979، يحظر على النساء دخول الملاعب في إيران، واعتبر بعض رجال الدين أنه يجب حمايتهن من "الأجواء الذكورية" ومن "رؤية رجال متخففين من بعض لباسهم"، لكن السلطات سمحت للأجنبيات بدخول الملاعب سابقاً، كذلك دخلت نساء إيرانيات الملاعب بشكل متقطع، إما لمناسبات استثنائية، أو بطريقة متخفية لتفادي التعرض لعقوبات.
وأثير في الآونة الأخيرة جدل واسع في إيران بعد أن أقدمت الثلاثينية الإيرانية سحر خضيري مطلع أيلول/سبتمبر، على الانتحار بحرق نفسها أمام مدخل محكمة في طهران، بعدما علمت أنها ستُسجَن ستة أشهر لمحاولتها الدخول متنكرة بزي رجل لحضور مباراة لفريق استقلال طهران العام الماضي.
وبعد سماح السلطات رسمياً للنساء بحضور المباراة، أقبلت السيدات بشكل كبير على شراء التذاكر، وأفادت وسائل إعلام رسمية بأن الدفعة الأولى من التذاكر المخصصة للنساء بيعت خلال ساعة من طرحها، كذلك طرحت دفعة ثانية ونفذت في وقت سريع أيضاً.
وبلغ عدد التذاكر المخصصة للنساء 3500 تذكرة، فيما يتسع الملعب الأكبر في طهران لنحو 100 ألف متفرج.
ومن اللواتي تمكنّ من الحصول على تذكرة، الصحافية الرياضية رها بوربخش، التي قالت: "حتى الآن لا أصدق أن الأمر سيحصل. بعد كل هذه الأعوام من العمل في هذا المجال، ومتابعة كل شيء عبر التلفزيون، يمكنني أن أختبر الأمر مباشرةً".
وفي بيان الأربعاء، اعتبرت منظمة العفو الدولية أن "العدد المحدود للتذاكر المخصصة للنساء يعد بمثابة حملة دعائية لإيران"، داعية السلطات إلى "رفع كل القيود على حضور النساء مباريات كرة القدم، بما فيها مباريات الدوري المحلي، في مختلف أنحاء البلاد".
وستحافظ إيران على مبدأ الفصل بين الإناث والذكور في مدرجات الملعب، إذ ستجلس النساء في منطقة مخصصة لهن، بحماية 150 من عناصر الشرطة الإناث.
Twitter Post
|
وأبدى سكان في العاصمة طهران ارتياحهم للسماح للنساء بحضور المباراة في الملعب الذي يعني اسمه بالفارسية "الحرية". وقالت سيدة: "أرغب في منح المزيد من الحرية للنساء كما الرجال، وأن يتمكنّ من الجلوس جنباً إلى جنب من دون أي قيود، كما في الدول الأخرى".
ورأى نادر فتحي الذي يدير مؤسسة للملابس، أن الحضور النسائي في ملاعب كرة القدم قد يعزز الأجواء الحماسية، محذراً في الوقت عينه من أن النساء قد "يشعرن بالندم" في حال تعرضهنّ "للكلمات البذيئة" أو "التصرفات السيئة"، وهو أمر شبه معتاد في ملاعب الكرة.
وقال رئيس الفيفا السويسري جاني إنفانتينو في سبتمبر/أيلول الماضي: "ثمة كرة قدم للنساء في إيران، وثمة مشكلة أيضاً هي أن النساء لا يسمح لهن بالذهاب لمشاهدة مباريات كرة القدم للرجال"، مضيفاً: "تلقينا ضمانات من السلطات الكروية في إيران بأن هذا الأمر سيتغير، وسيتغير بدءاً من المباراة المقبلة في تصفيات كأس العالم. عين العالم ستكون على إيران، والعالم يتطلع لرؤية النساء يدخلن لمشاهدة مباريات كرة القدم في إيران".
لكن المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي، أكد في تغريدة عبر موقع "تويتر" أن "حضور النساء في الملاعب يعود إلى المطالب الاجتماعية المحلية، ودعم الحكومة لتلك المطالب، وليس الضغط الخارجي".
(فرانس برس)