فرض تفشي فيروس كورونا المستجد نفسه على حركة التبادل التجاري وانتقال المدنيين بين مناطق النظام السوري من جهة وتلك التي تسيطر عليها فصائل المعارضة في شمال وشمال غربي البلاد، أو منطقة شرقي نهر الفرات في الشمال الشرقي التي تقع تحت سيطرة قوات سورية الديمقراطية (قسد).
ودفع الفيروس هذه الأطراف إلى الإغلاق بشكل كامل أو جزئي لمعابر تربط ما بين هذه المناطق، في سياق إجراءات احترازية للحد من انتقال الفيروس في البلاد، الأمر الذي فاقم معيشة السوريين في مختلف المناطق.
وأوضحت مصادر محلية في محافظة إدلب (شمال غرب)، أنه لم تعد هناك معابر نظامية مع المناطق التي يسيطر عليها بشار الأسد عقب الحملة العسكرية واسعة النطاق من قبل قوات النظام ومليشيات تدعمها في شباط/ فبراير الفائت.
وأشارت المصادر، التي فضلت عدم ذكر اسمها، إلى أن هناك طرقا لتهريب مدنيين من مناطق النظام وبعض المواد الغذائية، وخاصة في منطقة سهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي.
كما أوضحت المصادر أن النظام والجانب الروسي أعلنا في الشهر ذاته عن فتح معابر (إنسانية) ولكن لم يدخل منها أحد من مناطق فصائل المعارضة السورية في إدلب إلى مناطق النظام، مضيفة: "كانت فقاعة إعلامية فقط".
وفي إطار إجراءات الحد من انتشار الفيروس، أوقف الجيش الوطني التابع للمعارضة السورية، منتصف الشهر الفائت، دخول وخروج المدنيين من معبر "عون الدادات" في ريف حلب الشمالي الشرقي الذي يربط منطقة "درع الفرات" مع المناطق التي تسيطر عليها قوات "قسد" في منطقة منبج، غربي نهر الفرات.
ونص القرار على منع اصطحاب مرافق مع السائقين القادمين من تلك المناطق، إضافةً إلى اتخاذ احتياطات وإجراءات خاصة بسيارات الشحن التي يسمح لها بالدخول إلى المنطقة، مثل: فحص السائق بشكلٍ دقيق ورش السيارات بمواد معقمة، حيث تمّ تزويد العاملين في المعبر بمعدات رش وأجهزة كشف للمدنيين وبلباس خاص للقائمين على عملية التفتيش.
وفي تصريحات، أخيرا، للصحافيين، أشار رئيس الحكومة السورية المؤقتة (التابعة للمعارضة)، عبد الرحمن مصطفى، إلى أنه تم إغلاق معابر "الحمران" و"عون الدادات" و"أبو الزندين" الداخلية، بشكل كامل حتى إشعار آخر.
وأشار إلى أن الحكومة اتخذت سلسلة إجراءات لمواجهة فيروس كورونا المستجد، منها: تفعيل التعليم عن بعد بالنسبة لجامعة حلب، وتعليق الدوام في المدارس، كما منحت عفوا عاما عن الجرائم المرتكبة قبل الأول من شهر إبريل/ نيسان الجاري.
وذكرت مصادر مطلعة لـ "العربي الجديد"، أنه "لا توجد أرقام يمكن الركون إليها لحجم التبادل التجاري بين مناطق النظام والمعارضة وقوات قسد"، مشيرة إلى أن إغلاق المعابر ستكون له تبعات سلبية كثيرة خاصة على المدنيين في المناطق الثلاث.
وأوضحت المصادر التي رفضت ذكر اسمها، أن الإغلاق سيؤدي إلى شح معروض الأدوية والمنسوجات والألبسة التي كانت تدخل من مناطق النظام إلى مناطق المعارضة، في مقابل شح المعروض السلعي في مناطق النظام مع توقف حركة المنتجات الزراعية من مناطق المعارضة وقسد، ما يؤدي إلى تراجع السيولة الدولارية لدى النظام.
وأشارت إلى أن إغلاق المعابر يؤدي لزيادة أسعار السلع في مناطق النظام، وخاصة الخضار والفواكه، وهو ما يزيد من أعباء المعيشة لدى المدنيين.
ويعاني الاقتصاد السوري من حالات تخبّط مستمرة؛ حيث فقدت الليرة أكثر من 12 بالمائة من قيمتها منذ مطلع العام الحالي، بعد خسارتها 44 بالمائة من قيمتها خلال العام الماضي، وسجل سعر صرف الدولار نحو 1300 ليرة في السوق السوداء، في وقت لا يزال البنك المركزي يحدد سعر الصرف بنحو 434 ليرة.
وفي سياق تقطع أوصال البلاد، قالت مصادر محلية إن قوات "قسد" أغلقت المعبر الإنساني والتجاري الذي يربطها مع النظام إلى الجنوب من مدينة الطبقة، جنوب غربي مدينة الرقة، موضحة أنه لم تعد هناك أي حركة مرور وخاصة للمدنيين القادمين من مناطق النظام.
ويعد هذا المعبر من أهم المعابر التي تربط مناطق النظام مع المنطقة التي تسيطر عليها قوات سورية الديمقراطية، حيث يعبر من خلاله المدنيون القادمون من حلب وحماة، كما ينتقل عبره المدنيون إلى مناطق النظام.
وكان النظام السوري قد اتخذ أخيرا سلسلة إجراءات رادعة، منها منع الانتقال بين المدن السورية بشكل كامل في الآونة الأخيرة، ما أدى إلى شلل الحركة داخل المناطق التي يسيطر عليها النظام.
وأعلنت إدارة معبر "أبو الزندين"، الذي يربط بين مناطق المعارضة في ريف حلب الشمالي الشرقي ومناطق النظام، إغلاق المعبر في منتصف مارس/ آذار الفائت كإجراء احترازي لعدم تفشي وباء كورونا في المنطقة، مشيرة في بيان، إلى أنّ إدارة المعبر "اتخذت إجراءات وقائية تتعلق بالسائقين وآلياتهم القادمة إلى المنطقة المحررة، حرصاً على أمن وسلامة الأهالي وعدم وصول فيروس كورونا إليهم".
وكانت فصائل المعارضة السورية قد افتتحت هذا المعبر قبل نحو عام بين الشمال السوري الواقع تحت سيطرتها في منطقة "درع الفرات" ومناطق النظام.
ويقع المعبر قرب قرية أبو الزندين بالقرب من مدينة الباب، وهو مخصص لمرور المدنيين والحركة التجارية بين مناطق المعارضة والنظام.