لا يزال الضياع يلف معظم محطات التلفزة العربية، وربما العالمية عموماً، وذلك بسبب أزمة اجتياح فيروس كورونا العالم، وتأجيل كل الفعاليات الفنية والثقافية وحتى الرياضية. لكن ماذا بالنسبة إلى الفضائيات العربية؟ هل بالإمكان الاستمرار في الموسم المقبل، أي موسم 2020، بنفس هذه الباقة الخجولة من البرامج والإنتاجات؟
غالبًا ستقوم معظم محطات التلفزة العربية، خلال فترة الاستراحة والإغلاق في فصل الصيف، بدراسة تداعيات الأزمات المتكررة التي لحقت بها في السنوات الأخيرة. كالحروب والتوتر بين دول الخليج، والوضع الاقتصادي في العالم العربي وانعكاساته، وأزمة الإعلام أمام المنصات البديلة، وغياب الميزانيات الضخمة التي كانت بالعادة تخصص من أجل برامج المنوعات الضخمة، في مقابل دعم الإنتاجات البسيطة.
وبحسب معلومات متفرقة هنا وهناك، فإنّ حالة ترقّب تسود معظم أروقة الفضائيات العربية، وقد بدأ بعضها فعلاً بتخفيضٍ جزئي لرواتب الموظفين، لتنفيذ خطط التقشُّف التي وضعتها بعد انتشار جائحة كورونا. وفي السياق نفسه، عملت الكثير من المحطات على خفض مستوى المصاريف السنوية، والتوجه نحو الفضاء البديل في استثمار الأفكار والإنتاجات.
من هنا، يبدو من الأكيد أنَّ معظم برامج المواهب الخاصة بالغناء والتمثيل والتقليد قد دخلت مرحلة الجمود هذه الفترة. إذْ لم يعد باستطاعة الفضائيات العربية القيام بإنتاج مثل هذه البرامج التي استمرت لسنوات، وكانت بمثابة اللبنة الأساسية لبناء شهرة المحطات قبل شهرة المواهب، واستغلال هذا النجاح لمصالح المحطة على نطاق حصري وضيق.
قبل سنوات، توقف برنامج "ستار أكاديمي" بنسخته العربيّة. البرنامج الذي حقق أعلى نسبة متابعة عربيًا وفي العالم خرج من المنافسة العربية القائمة بين هذا النوع من البرامج. ويُقال إنَّ شركة "أندمول" باعت حقوق "ستاراك" إلى شركة أخرى، بعدما لم يعد البرنامج يحقق نسبة مشاهدة عالية كما كان لسنوات مضت. وحال الترويج والمتابعة لـ "ستاراك" لم يكن فقط على صعيد الشركة المنتجة أو صاحبة حقوق بيعه، بل أصاب النسخة العربية التي استكملت إنتاجه في مواسم، بدت ضعيفة من خلال الرعاية التجارية والإعلانات فقط. وأجهضت أحلام المواهب التي تقدمت وشاركت. أضف إلى ذلك، أنَّ غياب الفائزين باللقب شكَّل حالة صدمة لدى الحالمين بالمشاركة في البرنامج.
ولم يدم الوجه الترويجي لبرامج محطة "إم بي سي" السعودية أيضًا. إذْ بعد حرب اليمن، لم يُكتَب لمجموعة من البرامج التي تبنتها، مثل "فويس" و"أراب آيدول" و"غوت تالنت" و"توب شيف"، النجاح بذات الحجم الذي حققته في مواسمها الأولى.
والواضح أن جائحة كورنا حلت لتكون الضربة الأخيرة لاتخاذ قرار بتجميد هذا النوع من الإنتاجات الفنية، خلال الفترة الحالية. برنامج واحد صُور في الشتاء سيبصر النور في الخريف المقبل هو "فويس سينيور" لمواهب الغناء فوق الستين عاماً، بعدما كان مقرراً عرضه في آذار/ مارس الماضي، لكن مستجدات وباء كورونا حالت دون ذلك. تغييرات جذرية ستطرأ على الفضائيات العربية لاحقًا. البحث عن أشكال جديدة، ربما يكون أقل عبئًا من الالتزام بإنتاج برامج، لم تعد تستهوي المشاهد العربي المثقل بهموم يومياته.