لاجئو مخيم شعفاط يحلمون بالعودة للبيت والحاكورة

14 مايو 2015
مخيم شعفاط للاجئين الفلسطينيين (العربي الجديد)
+ الخط -

لا ينسى اللاجئ الفلسطيني أحمد العرجان، "أبو خليل" في أواخر الستينيات من عمره، ما كان يرويه والده الراحل عن خربته الجميلة "اللويبدة"، المطلة على الساحل الفلسطيني من ناحية الدوايمة، وبيت جبرين، متذكرًا تفاصيل "العقد" الكبير، والتينة المعمرة، والكنز الذي كان يعتقد والده بأنه مدفون في مغارة قرب الدار المهجورة.

"أبو خليل"، المولود بذات عام النكبة الفلسطينية في العام 1948، لجأ مع عائلته ليعيش في حارة الشرف ببلدة القدس القديمة، التي هدمتها قوات الاحتلال في العام 1967، إذ أقيمت على أنقاضها بعد النكسة ما تسمى "حارة اليهود"، ليرث أبو خليل عن والده هجرة أخرى إلى مخيم شعفاط.

 أبو خليل، لم يفقد الأمل بالعودة إلى بلدته "اللويبدة"، شأنه شأن الكثيرين من أبناء المخيم، الحالمين بالعودة إلى بيوتهم التي هُجروا منها، فهو واثق بأن أبناءه وأحفاده وأبناء أحفاده سيعودون يومًا ما، وفق ما يؤكد لـ"العربي الجديد".

الأمل بالعودة راسخ أيضًا لدى أبناء الراحل أبو محمود القطناوي، الذي لازمه مفتاح بيته أينما ذهب، متذكرين عبارة والدهم "والله لو طوبوا لي الدنيا بالذهب الخالص، لن أبدلها بالبيت والحاكورة".

لعل رحلتين من التهجير والنزوح كانتا كافيتين بالنسبة لأبي محمود وأبنائه، كي يتمسك ببيته وأرضه، وبحلم العودة إليهما، حلم ورثه الأبناء والأحفاد من بعده، كما سيرثه أبناء الأحفاد، وفي ما يقول نجله البكر محمود، لـ"العربي الجديد"، الذي يردد عبارة والده، مشيراً إلى المفتاح المعلق، كأيقونة على مدخل بيته في مخيم شعفاط.

مخيم شعفاط تحت وطأة المعاناة

تحول مخيم شعفاط شمال القدس المحتلة إلى عنوان صارخ، يدل على معاناة عظيمة يرزح تحت وطأتها سكان المخيم، لعلها الأكثر تعقيدًا من بين ما يعانيه اللاجئون الفلسطينيون في مخيمات الضفة الغربية وقطاع غزة، بعد أن هجروا من بلدانهم ومدنهم على أيدي العصابات الصهيونية في العام 1948.

وأقيم مخيم شعفاط، قبيل نكسة حزيران في العام 1967 على مساحة 400 دونم من أراضي بلدة شعفاط، وأُعدت بناه التحتية قبل أن تسقط القدس وبلدتها القديمة في قبضة الاحتلال، وأجبر سكان "حارة الشرف" من اللاجئين، على لانتقال إلى المخيم، وقد تحول جزء كبير منهم إلى نازحين، بعد أن هجروا مرتين من مدنهم وبلداتهم وقراهم، في اللّد والرملة، وبعض مناطق القدس والخليل.


وبعد استقرار اللاجئين في المخيم، نشأ جيلان من الأبناء والأحفاد وأبناء الأحفاد، في سيرة من المعاناة تروي قصة اللجوء الفلسطيني في أقسى صوره، كما يقول عادل محيسن من دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية، وأحد سكان المخيم لـ"العربي الجديد".

والمخيم الذي يطلق عليه أيضًا مخيم عناتا، لوقوعه بين بلدتي شعفاط وعناتا، ليس كباقي مخيمات الضفة الغربية، إذ تعتبره سلطات الاحتلال خاضعاً لسيطرتها، بعدما منحت سكانه صفة "مقيم في أراضيها"، بعد الاحتلال في العام 1967، ومنحوا بطاقات شخصية زرقاء تتيح لهم حرية الحركة والتنقل، ما دفع الكثير من الفلسطينيين إلى الانتقال للعيش فيه، قبيل الانتفاضة الأولى في العام 1987.

واستقطب مخيم شعفاط أبناء الضفة الغربية إليه، حيث ارتبط كثيرون منهم بعلاقات زواج، ما ضاعف عدد سكانه لأكثر من 50 ألف فلسطيني، فيما تشير معطيات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين إلى أن أعداد اللاجئين من سكان المخيم المسجلين رسميًا، تصل إلى حوالي 11,000 لاجئ، ويتوقع أن يصل العدد إلى أكثر من 18,000، وانتقل أربعة آلاف لاجئ آخر للعيش بالمخيم في السنوات الأخيرة، لتجنب فقدان حقوق الإقامة في القدس.

ويقول خضر الدبس، من لجنة مقاومة الاستيطان والجدار في مخيم شعفاط لـ"العربي الجديد"، إن "لجوء آلاف الفلسطينيين إلى المخيم للحفاظ على حقهم في الإقامة، دفع سلطات الاحتلال إلى تصعيد سياسة التطهير العرقي ضد المقدسيين، إذ يفقد نحو 200 مقدسي سنويًا حق إقامتهم في القدس".

مخيم في خط المواجهة الساخن

تحوّل مخيم شعفاط مع اندلاع الانتفاضة الأولى، إلى واحدة من أكثر بؤر المواجهة مع الاحتلال وأكثرها سخونة، خصوصاً بعد تمكن النشطاء الفلسطينيين من تطهير المخيم من تجار المخدرات ومروجيها.

وكانت الانتفاضة الثانية ذريعة للتصعيد غير المسبوق ضد المخيم، حيث عزل بجدار الفصل العنصري، وحرصت سلطات الاحتلال على التخلص منه لوقوعه في منطقة جغرافية حساسة جدًا، بين المستوطنات المقامة على أراضي الفلسطينيين شمال القدس، بينما شكل المخيم مع حي "الزعيم" القريب، قاطعًا جغرافيًا يحدّ من التوسع الاستيطاني، بين شمال القدس وشرقها.

اقرأ أيضاً: تحذير فلسطيني من تهويد قطاع التعليم في القدس

المساهمون