تعود الاعتصامات، اليوم الجمعة، إلى بعض ساحات العاصمة اللبنانية، بيروت، تزامناً مع إضرابات في أكثر من قطاع، احتجاجاً على بعض البنود التقشفية، فيما تواصل الحكومة بعد الظهر دراسة مشروع الموازنة العامة لسنة 2019.
فمن المقرر أن يعقد مجلس الوزراء اللبناني عند الواحدة والنصف من بعد الظهر بتوقيت بيروت، جلسة تاسعة في إطار الجلسات المتتابعة لدرس مشروع الموازنة العامة وإقراره.
ومن المتوقع أن يحمل وزير الدفاع الياس بو صعب، ووزيرة الداخلية ريّا الحسن، جداول تفصيلية تتعلق بالتخفيضات المرتبطة بالجيش اللبناني والأجهزة الأمنية، لينطلق على أساسها المشروع النهائي المتعلق بالرواتب والتعويضات وبعض الأمور الأُخرى.
وفي حين أعلن موظفو "مصرف لبنان" (المركزي) مواصلة تعليق إضرابهم بعدما قرّر مجلس الوزراء، الخميس، "وضع بند الرواتب جانباً"، قرّر العسكريون المتقاعدون التحرّك مجدداً، اليوم الجمعة، رفضاً لأي مسّ بتعويضاتهم، عبر اعتصامات في محيط السرايا ومجلس النواب، ودعوا إلى ما يُشبه التعبئة العامة لإسقاط تهديد أمنهم الاجتماعي، متراجعين عن تعليق تحرّكاتهم الميدانية.
وأعلنوا تفعيل تحركاتهم بالسرعة القصوى ودعوة كل المحاربين القدامى وعائلات جميع العسكريين والشهداء والجرحى من مختلف الرتب والمناطق إلى النزول الفوري، اليوم، في الحادية عشرة من قبل الظهر إلى "ساحة رياض الصلح" حتى سحب ما وصفوه بـ"المشاريع المشبوهة".
وخلال الاعتصام الذي ينفذه العسكريون المتقاعدون في ساحة رياض الصلح، أعلنت هيئة التنسيق لحراك العسكريين المتقاعدين في بيان، أن "العسكريين المتقاعدين لا يعيشون براتب كامل، فكيف سنعيش بنصف راتب؟".
وطالبت الهيئة بـ"تكليف أحد الوزراء من قبل الحكومة، ليتعهد أمامهم بسحب المواد المتعلقة بالعسكريين وإحالتها للجنة مؤلفة من وزير الدفاع الياس بوصعب ووزيرة الداخلية ريا الحسن لوضع مسودة اقتراح للحكومة وإلا لن نخرج من الساحة وسنستمر بالتصعيد إلى ما لا تحمد عقباه".
نقابة مستخدَمي "الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي" عادت إلى الإضراب مجدداً، ولوّحت بخطوات تصعيدية ابتداءً من يوم الإثنين المقبل، على ضوء ما سيصدر عن مجلس الوزراء، وقالت إن النزول إلى الشارع ليس لأهداف شخصية، بل لحماية مؤسسة الضمان.
كذلك، أُعلن الإضراب الشامل ليومين في الثانويات الرسمية ودور المعلمين ومراكز الإرشاد والتوجيه، على أن تُناقش رابطة التعليم الثانوي في اجتماعها، بعد ظهر اليوم، التحركات التصعيدية المناسبة والتي لا سقف مُحدّداً لها.
ونفذت رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية اعتصاما أمام وزارة التربية أكدت خلاله "المضي في الإضراب إلى أن تصدر موازنة تصون حقوقنا".
رئيس مجلس النواب نبيه برّي، الذي يلتقي اليوم في عين التينة وزير الخارجية جبران باسيل ورئيس لجنة المال والموازنة النيابية النائب إبراهيم كنعان، قال الخميس، إنه يرفض استقبال مشروع الموازنة العامة من الحكومة في حال إبقاء العجز على ما هو عليه.
وشدّد على أن المطلوب تخفيضه إلى ما دون 9% من الناتج المحلي المجمل، و"إذا لم يكن على هذا الشكل فمن الأفضل ألا تحيله الحكومة إلى مجلس النواب".
النائب إدي معلوف رأى أن المطلوب اليوم موازنة تقشفية إصلاحية متناسقة مع رؤية اقتصادية لفتح صفحة جديدة في لبنان، داعياً إلى انتظار الشكل النهائي لقانون الموازنة والابتعاد عن التكهنات والتسريبات ليُبنى بعدها على الشيء مقتضاه.
أما النائب فادي سعد، فاعتبر أن كل من يتظاهر اليوم في الشارع ليس معنياً بالإجراءات التقشفية الواردة في الموازنة، واصفاً هذه التحركات بأنها "في غير مكانها"، إذ إن الموازنة لن تمس برواتب ذوي الدخل المحدود والمتوسّط.
وانتقد في مقابلة إذاعية "رواتب خيالية" في "مصرف لبنان" (المركزي) وهيئة "أوجيرو" (للاتصالات) والجمارك وغيرها، معتبراً "من غير المقبول وجود محرّمات أمام الدولة، وجُزُر أمنية ووظيفية"، سائلاً: "كيف لموظف أن يتقاضى أضعاف راتب رئيس الجمهورية، وأن تكون مخصّصات البعض 3 أضعاف راتبه الأساسي".
بدورها، كتلة "الوفاء للمقاومة" النيابية أكدت بعد اجتماع لها، الخميس، أن الإجراءات المطلوبة للحد من الأزمة المالية الخانقة وإنقاذ البلاد من تداعياتها، تتطلب من الحكومة اتخاذ خطوات جادة للإصلاح المالي والاقتصادي ومكافحة الفساد والحد من الهدر ووقف التهرّب الضريبي والإنفاق غير المُجدي، كما تتطلب من المصارف أن تتحمل مسؤوليتها الوطنية وتساهم بدور وازن في خفض العجز وتحقيق مصلحتها في إطار المصلحة الوطنية للبلاد.
واعتبرت الكتلة أن الإنجاز المهم الذي تمثل بإعادة تكوين الحسابات المالية العامة للدولة، يجب أن يكتمل بالتدقيق المحاسبي في ديوان المحاسبة، وذلك قبل مناقشة موازنة عام 2019، مشيرة إلى أن اقتصار التدقيق الآن على قطع حساب عام 2017 لن يجيب عن الأسئلة المطروحة، بل لا بد من إنجاز التدقيق بدءاً من حسابات عام 1997 وصولاً إلى عام 2017.