سبعة آلاف لغة تعيش في عالمنا اليوم، لكن 96 في المائة منها لا يتحدث بها سوى أربعة في المائة من الناس. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 50 في المائة من تلك اللغات ستنتهي خلال أجيال، وتبقى بعد انقراضها وجهاً تاريخياً وأثراً ورمزاً لحياة سابقة.
اليوم العالمي للغة الأم الذي يحتفل به في 21 فبراير/شباط من كل عام، يحمل في 2018 عنوان "التنوع اللغوي وتعدد اللغات من أجل تنمية مستدامة". وأكدت الأمم المتحدة في بيان لها بالمناسبة أن "العولمة تعرّض وتهدد لغات كثيرة بالاختفاء تماماً، وإن تلاشي اللغات يعني تلاشي نسيج غني من التنوع الثقافي في العالم، كونها (اللغات) أقوى أدوات حفظ وتطوير التراث الإنساني المادي وغير المادي".
وأكد البيان أن إتقان اللغة الأم يعزز مهارات القراءة والكتابة والحساب المكتسبة، وأن اللغات المحلية، لا سيما لغات الأقليات والثقافات الأصلية، تنقل القيم والمعارف التقليدية وتلعب دوراً هاماً في تعزيز مستقبل مستدام.
— الأمم المتحدة (@UNarabic) ٢١ فبراير، ٢٠١٨ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
اللغات المستخدمة وأعداد الناطقين بها
2.3 مليار شخص يفتقرون إلى التعليم باللغة الأم، فالنزوح المديني والهجرات الواسعة وتعلم لغة البلد المضيف، وتطبيع نظم التعليم بنماذج عالمية، وطغيان لغة الإنترنت شبه الموحدة والتي تقتصر على لغات قليلة عالميا، تدفع إلى التخلي عن اللغات الأم لعدم صلاحيتها وضعفها في سوق العمل والمنافسة والعلم وسباق المعرفة.
وأوضحت دراسة نشرتها جامعة "داسلدورف" الألمانية عام 2015 أن 12 لغة من اللغات الأم المستخدمة في العالم، تبعاً لعدد السكان البالغ (وفق تقديرها) 7.2 مليار شخص، تتوزع وفقاً لعدد الناطقين بها كالتالي:
اللغة الصينية بلهجاتها المختلفة، يعتبر عدد الناطقين بها الأكبر إذ يبلغ 1.39 مليار شخص. تليها اللغة الهندية والأردية بعدد متحدثين يبلغ 588 مليوناً. ويصل عدد الناطقين باللغة الإنكليزية إلى 527 مليوناً، وتليها العربية التي يتحدث بها نحو 467 مليون شخص، ثم الإسبانية التي يتكلمها نحو 389 مليوناً، تليها البنغالية بعدد 250 مليوناً، والروسية بنحو 254 مليون متحدث، والبرتغالية بعدد 193 مليوناً، والألمانية بعدد 132 مليوناً، واليابانية وعدد المتكلمين بها 123 مليوناً، والفرنسية بعدد 118 مليون متحدث، والإيطالية بنحو 67 مليوناً.
اللغات في عالم الأعمال... والإنترنت
يشير مركز الأبحاث CSA إلى أن أكثر من 3.4 مليارات شخص استخدموا الإنترنت عام 2016، ويرى أن قوة اللغات في الميادين الرقمية والأكاديمية والأعمال تتحدد بحسب أعداد مستخدميها في العالم.
ويوضح أن اللغة الإنكليزية التي يستخدمها الناس في 94 بلدا أي نحو 339 مليون شخص في مختلف الميادين، هي كذلك اللغة الرسمية في 20 منظمة دولية، واللغة الأجنبية الابتدائية في المدارس، ويمكن أن يفهمها ثلث سكان العالم. وتحتفظ الإنكليزية بالمرتبة الأولى باعتبارها اللغة الأكثر استخداما بين مستخدمي الإنترنت الذين يبلغ عددهم 949 مليون مستخدم.
ويبيّن أن اللغة الصينية ولهجاتها المختلفة ثاني أكثر اللغات شعبية بين مستخدمي الإنترنت عام 2016، وينطق بها أكثر من 14.4 في المائة من سكان العالم. ومن المتوقع أن يستبدل الصينيون اللغة الإنكليزية للإنترنت في المستقبل القريب. ونقل عن "بلومبرغ" للبرمجيات المالية أن بإمكان اللغة الصينية التفوق مستقبلاً، مع نمو الاقتصاد الصيني ليصبح الأكبر بحلول عام 2026.
وعن اللغة الإسبانية يشير إلى أن الناطقين بها 405 ملايين نسمة، وتزدهر في أميركا اللاتينية مثل المكسيك وبيرو وباراغواي والإكوادور، وحتى في الولايات المتحدة. ويتوقع مضاعفة عدد السكان من أصل إسباني في الولايات المتحدة بحلول عام 2050، ما يجعل الإسبانية مهمة للغاية. وفقا للمجلس الثقافي البريطاني، الإسبانية "مفيدة" لـ 34 في المائة من الشركات البريطانية أيضا.
أما اللغة الألمانية التي يتحدث بها نحو 210 ملايين في جميع أنحاء العالم، هي رابع أكثر لغة استخداماً على الإنترنت. هي أيضاً اللغة المستخدمة في بعض البلدان الأكثر أهمية من الناحية الاقتصادية في أوروبا. وتجدر الإشارة إلى أن ألمانيا هي ثالث أكبر مساهم في العالم في مجال البحث والتطوير، ما يجعل لغتها ذات أهمية خاصة للبحوث العلمية على اختلافها.
أما اللغة العربية وهي اللغة الرسمية في 28 دولة مختلفة، بما في ذلك العديد من الاقتصادات المتنامية الدينامية في الشرق الأوسط وأفريقيا، فيعتبر المركز أنها لغة ستة بلدان أساسية ضمن أكبر أسواق التصدير في العالم. وتوقع تقرير للمجلس الثقافي البريطاني، أن تحتل العربية المرتبة الثانية في "لغة المستقبل" الأكثر أهمية. ووفق شركة "أمبليكسور" للخدمات الرقمية فإن عدم الاستقرار الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط وضمنها الخليج العربي يضيف الطلب على جميع أنواع المحتوى باللغة العربية لخدمة الاستخبارات والدبلوماسية. إضافة إلى زيادة طلب المتحدثين بالعربية على ترجمة المحتوى على الإنترنت الذي يعطيها ميزة في السوق الدولية.
إحياء اللغات الأم... أو محاربتها
سياسات دعم اللغات الأم تنشط في العديد من الدول الأفريقية التي باشرت منذ مدة طويلة في تشجيع تنوعها اللغوي. وتنقل تقارير صحافية نماذج عن التعدد اللغوي ومنها اعتماد سنغافورة، على سبيل المثال، سياسة مركزية لتعدد الثقافات ترتكز على ثنائية اللغة، وكذلك دعم السويد تنمية الأطفال المهاجرين من خلال تعليمهم بلغتهم الأم. وتشير إلى إصدار أستراليا أخيرا تشريعات لحماية وإحياء لغات السكان الأصليين، على غرار كندا بعد الضغوط المتصاعدة. وإدارة بوليفيا سياسة تعدد اللغات مع برامج محو الأمية بنحو 36 لغة من لغات السكان الأصليين.
يقابل تلك التوجهات الحامية للغات الأم سياسات معاكسة مثل الدنمارك التي تخضع الأطفال لاختبارات لغوية إلزامية مع تدابير عقابية ضد الأسر التي لا تتكلم الدنماركية بكفاءة. وعدم سن تشريعات واضحة في الولايات المتحدة بخصوص التعليم بلغتين وضمان الحقوق اللغوية للأطفال. ويشار أيضاً إلى أن الأطفال البولنديين في المملكة المتحدة يحرمون من عطلة السبت ليتعلموا لغتهم الأم، كما يحرم أطفال الجاليات الكبرى المهاجرة للعمل في عدد من دول الخليج العربي من دراسة لغاتهم.
— Tarjamationline (@tarjamationline) February 21, 2018 " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
من أقدم 5 لغات في العالم
لغة تاميل وعمرها 2300 سنة، إنها واحدة من الأكثر انتشارا. لا يزال يتحدث بها نحو 70 مليون شخص في جميع أنحاء العالم يعتمدونها كلغة رسمية في سريلانكا وسنغافورة والهند. وعلى مر القرون استمرت في التطور وأصبحت كما هي عليه الآن.
السنسكريتية وعمرها 4000 سنة، هي واحدة من اللغات الكلاسيكية في الهند، وأقدم لغة هندية أوروبية. أول سجل مكتوب بالسنسكريتية كتب في جزء منه خلال الألفية الثانية قبل الميلاد. الهيروغليفية وعمرها 4700 سنة، هي لغة المصريين القدامى، يعود تاريخ بعض نصوصها إلى 2600 قبل الميلاد.
اللغة اليونانية، المعروفة باسم لغة الفلاسفة والعلماء، لا يزال يتحدث بها أكثر من 13 مليون شخص. وتكشف السجلات أن اللغة ترجع إلى حوالى 1500 قبل الميلاد. ويعترف بها الاتحاد الأوروبي كلغة رسمية.
الصينية التي ترجع أصولها المكتوبة إلى عام 1250 قبل الميلاد في أواخر عهد أسرة شانغ. هي واحدة من أقدم اللغات الباقية على قيد الحياة في العالم إلى جانب تاميل.