11 أكتوبر 2024
ليالي الأنس في فيينا
حركة دؤوبة في العاصمة النمساوية فيينا، محورها الوضع السوري. أضداد يجتمعون هناك أمام كاميرات الإعلام وخلف الأبواب المغلقة، بحثاً عن حل للحرب الدائرة في بلاد الشام. كان الأسبوع الماضي موعد اللقاء الأول، والذي انتهى خلافياً، قبل أن يتم تحديد موعد آخر، وتوسيع رقعة المشاركة من رباعية إلى لا متناهية. هذا حقيقة ما حدث أمس، إذ حتى اللحظات الأخيرة لم يكن معلوماً من هم المدعوون إلى الاجتماعات الموسعة، وعلى أي أساس تمت الدعوة، والتي يبدو أنها تركت مفتوحة لكل من يرغب في الانضمام. ولم لا، الراغبون كثر، وهي بالنسبة لهم فرصة للاستمتاع بجمال فيينا التي تغنت بها المطربة السورية أسمهان، ووصفتها بأنها "روضة من الجنة".
لكن رياح هذه الروضة من الجنة لا تبدو أنها ستصل إلى تخفف من لهيب الجحيم السوري. معطيات كثيرة تدفع إلى هذا الاستنتاج، المتشائم، ربما المبكر، لهذه الحركة الدولية. ربما أولها هذا التوسيع غير المفهوم للأطراف المشاركة، وبعضها ليس له علاقة لا من قريب ولا من بعيد في الأزمة. في المقابل، أصحاب القضية أنفسهم غائبون عن الحدث. فإذا كان مفهوما أن تنضم إيران وقطر، وربما الأردن، إلى الرباعي الأميركي-الروسي-السعودي-التركي، لا نعلم ما هو الثقل السياسي المصري واللبناني في البحث عن حل للوضع السوري. حتى أن سياسة الباب المفتوح للمدعوين تشير إلى أن لا جدول أعمال واضحاً للاجتماعات، والتي كانت تثار معطيات بأنها للوصول إلى اتفاق على المرحلة الانتقالية السورية لما بعد بشار الأسد، وهو ما عاد الروس إلى نسفه، في تصريحات المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، والتي ذكرت أن "الهدف الرئيسي من محادثات فيينا لإنهاء الصراع في سورية هو إطلاق حوار سياسي".
وإذا ما أضيف كلام مساعد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، والذي تزامن مع الاجتماعات، ودعوته الغرب إلى "الاعتراف بالوقائع على الأرض في سورية، وبشار الأسد جزء منها"، يتضح أن من ذهب إلى العاصمة النمساوية، وربما سيذهب لاحقاً في جولات إضافية، لا يحمل أي برنامج أو مبادرة واضحة ولا نهائية للحل في سورية. هي مجرد "اختبار نيات"، كما قال المسؤولون الأميركيون والسعوديون قبل اللقاءات.
لكن، هل هناك حقاً حاجة لاختبار النيات الإيرانية والروسية في سورية، وخصوصاً في ما يتعلق برحيل بشار الأسد؟ إذا لم تكن التصريحات الصريحة والواضحة للطرفين كافية للإجابة عن هذا السؤال، ربما مراقبة الأداء في هذا المجال ستكون كافية، وخصوصاً في ما يتعلق بروسيا الداخلة حديثاً إلى الميدان السوري. فوفق أي منطق سياسي، يمكن الاقتناع بأن موسكو، وبعدما صنعت لنفسها موطئ قدم على ساحل المتوسط، وكرست نفسها لاعباً أساسياً في الساحة السورية، عسكرياً وسياسياً، يمكن أن تسلم ورقتها الرابحة بهذه السهولة للغرب، أي إقناع الأسد بالرحيل، لتحل مكانه أطراف معارضة ليس لروسيا فيها لا ناقة ولا جمل. وهل هناك من يتخيّل أن الخروج الروسي من الساحة سيكون بمثل هذه السهولة، وهي التي نقلت عتادها وعتيدها إلى الساحل السوري؟ الأمر نفسه بالنسبة إلى إيران، والتي تعتبر نظام الأسد خط الدفاع الأول عنها، وبالتالي، هي بالتأكيد ليست في وارد التفريط فيه.
إذاً هو "حوار طرشان" في العاصمة النمساوية. صيحات من هنا وأخرى من هناك. لكن، لا أحد على استعداد للاستماع أو الاطلاع على النيات، المعلنة أساساً. حوار لا وجود للأطراف الحقيقيين فيه، لا من النظام ولا من المعارضة، والذين أخذ المشاركون على عاتقهم تمثيلهم وإيصال آرائهم، وحتى الاستماع بخريف فيينا ولياليها نيابة عنهم.
لكن رياح هذه الروضة من الجنة لا تبدو أنها ستصل إلى تخفف من لهيب الجحيم السوري. معطيات كثيرة تدفع إلى هذا الاستنتاج، المتشائم، ربما المبكر، لهذه الحركة الدولية. ربما أولها هذا التوسيع غير المفهوم للأطراف المشاركة، وبعضها ليس له علاقة لا من قريب ولا من بعيد في الأزمة. في المقابل، أصحاب القضية أنفسهم غائبون عن الحدث. فإذا كان مفهوما أن تنضم إيران وقطر، وربما الأردن، إلى الرباعي الأميركي-الروسي-السعودي-التركي، لا نعلم ما هو الثقل السياسي المصري واللبناني في البحث عن حل للوضع السوري. حتى أن سياسة الباب المفتوح للمدعوين تشير إلى أن لا جدول أعمال واضحاً للاجتماعات، والتي كانت تثار معطيات بأنها للوصول إلى اتفاق على المرحلة الانتقالية السورية لما بعد بشار الأسد، وهو ما عاد الروس إلى نسفه، في تصريحات المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، والتي ذكرت أن "الهدف الرئيسي من محادثات فيينا لإنهاء الصراع في سورية هو إطلاق حوار سياسي".
وإذا ما أضيف كلام مساعد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، والذي تزامن مع الاجتماعات، ودعوته الغرب إلى "الاعتراف بالوقائع على الأرض في سورية، وبشار الأسد جزء منها"، يتضح أن من ذهب إلى العاصمة النمساوية، وربما سيذهب لاحقاً في جولات إضافية، لا يحمل أي برنامج أو مبادرة واضحة ولا نهائية للحل في سورية. هي مجرد "اختبار نيات"، كما قال المسؤولون الأميركيون والسعوديون قبل اللقاءات.
لكن، هل هناك حقاً حاجة لاختبار النيات الإيرانية والروسية في سورية، وخصوصاً في ما يتعلق برحيل بشار الأسد؟ إذا لم تكن التصريحات الصريحة والواضحة للطرفين كافية للإجابة عن هذا السؤال، ربما مراقبة الأداء في هذا المجال ستكون كافية، وخصوصاً في ما يتعلق بروسيا الداخلة حديثاً إلى الميدان السوري. فوفق أي منطق سياسي، يمكن الاقتناع بأن موسكو، وبعدما صنعت لنفسها موطئ قدم على ساحل المتوسط، وكرست نفسها لاعباً أساسياً في الساحة السورية، عسكرياً وسياسياً، يمكن أن تسلم ورقتها الرابحة بهذه السهولة للغرب، أي إقناع الأسد بالرحيل، لتحل مكانه أطراف معارضة ليس لروسيا فيها لا ناقة ولا جمل. وهل هناك من يتخيّل أن الخروج الروسي من الساحة سيكون بمثل هذه السهولة، وهي التي نقلت عتادها وعتيدها إلى الساحل السوري؟ الأمر نفسه بالنسبة إلى إيران، والتي تعتبر نظام الأسد خط الدفاع الأول عنها، وبالتالي، هي بالتأكيد ليست في وارد التفريط فيه.
إذاً هو "حوار طرشان" في العاصمة النمساوية. صيحات من هنا وأخرى من هناك. لكن، لا أحد على استعداد للاستماع أو الاطلاع على النيات، المعلنة أساساً. حوار لا وجود للأطراف الحقيقيين فيه، لا من النظام ولا من المعارضة، والذين أخذ المشاركون على عاتقهم تمثيلهم وإيصال آرائهم، وحتى الاستماع بخريف فيينا ولياليها نيابة عنهم.