من جهته، أوضح المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، عبد الله بليحق، أن أعضاء المجلس استمعوا خلال الجلسة إلى عرض مفصل من قبل السايح لجهد المفوضية وإحالته لبعض التفاصيل القانونية بشأن قانون الاستفتاء.
وأضاف بليحق، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "السايح طالب مجلس النواب بمخطابة حكومة الوفاق بضرورة توفير التمويل اللازم لإجراء الاستفتاء"، مشيراً إلى أن مجلس النواب بصدد الإجابة على تساؤلات المفوضية حول تفاصيل فنية في القانون، ومشدداً على أن النواب
أوفوا بالالتزامات المناطة بهم بشأن إنجاز الدستور.
وكان مجلس النواب الليبي قد أعلن عن مصادقته على مشروع قانون الاستفتاء نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وإحالته للمفوضية للبدء في إجراءات تنفيذه للاستفتاء على الدستور. ورغم ترحيب الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور وقتها، إلا أن المجلس الأعلى للدولة أعلن عن تحفظه على بنود قانون الاستفتاء، مستغرباً قبول المفوضية للقانون دون موافقته، بناء على نص الاتفاق السياسي على ضرورة صدور قانون الاستفتاء بالتشاور معه.
من جهة أخرى، لا يزال عدد من أعضاء مجلس النواب يبدون اعتراضهم على جلسة المصادقة على قانون الاستفتاء، مؤكدين عدم قانونية الجلسة.
وفي هذا الصدد، قال العضو في مجلس النواب عبد المنعم بوحسن، إن عدداً من الطعون التي قدمها بعض النواب لا تزال تنتظر أمام القضاء ولم يبت فيها، موضحاً في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن التجاوزات القانونية تتجاوز قانون الاستفتاء على شكل الدستور المختلف عليه.
وتساءل بوحسن: "حتى لو تمت المصادقة بالاجتماع على قانون الاستفتاء، فكيف سيتم القفز على المواد المعيبة في الدستور ذاته؟ وكيف سيتم الاستفتاء دون موافقة الطرف الآخر وهو مجلس الدولة؟"، لافتاً إلى أن السايح "كان يتحدث عن موقف فني للمفوضية، وهي جهة غير معنية بالجانب القانوني المناط بمجلسي الدولة والنواب".
ولفت البرلماني الليبي إلى أن "أطيافاً ومكونات ليبية لا تزال مقاطعة لمشروع الدستور، وقد أكدت أنها ستقاطع حملة الاستفتاء لأنه معيب، فبحسب تقسيم ليبيا إلى ثلاث دوائر ستكون فيها الغلبة للأكثرية، ولن يكفل القانون بشكله الحالي حقوق الأقليات والمكونات الثقافية في البلاد"، مؤكداً أن الاستفتاء على الدستور "يحتاج لتوفر شروط، من بينها توفر الأمن، وهو ما لا يتوفر مع وجود مسلحين يمكن أن يسعوا إلى تخريب عملية الاستفتاء أو يعلنوا رفضهم لنتائجه في حال لم يكن خادماً لمصالحهم".
وكانت قيادة قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر قد أعلنت منتصف الشهر الماضي قبولها بإجراء الاستفتاء على الدستور شرط أن يكون لمرةٍ واحدة. وقال العميد أحمد المسماري، المتحدث باسم قوات حفتر، في تصريحات صحافية، إن قيادة حفتر "تشترط عدم إعادة نتائج الاستفتاء إلى الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور إذا تمّ رفضه وتتم إعادة صياغته من خلال هيئة جديدة"، مهدداً بما وصفه بأن قوات حفتر ستتخذ إجراءات في حينها لمنع إعادة الاستفتاء على الدستور مرة ثانية.
وحول ذلك، أعرب الناشط السياسي الليبي جمال الأسود عن خشيته من أن مشروع الدستور لا يزال مهدداً من أطراف الصراع في البلاد.
وتساءل الأسود، في حديثه لـ"العربي الجديد"، عن أنه "كيف لنيابي في مجلس النواب كان يؤيد حفتر وانقلب عليه، أن يستخدم الدستور والاستفتاء عليه كسلاح ضده، كون مواد الدستور أغلبها يلغي وجود حفتر من الأساس". وعن تحفظ مجلس الدولة على قانون الاستفتاء، أجاب الأسود بأن ذلك "يرجع لرغبتهم في تمديد فترة وجودهم، فالدستور يعني انتخابات تفزر بديلاً عنهم وعن الأجسام السياسية الأخرى".
وفي الإطار ذاته، أشار الناشط الليبي إلى أن الدستور وإنجازه تحولا من حلٍّ إلى سلاح بيد الساسة للضغط على بعضهم البعض لتمرير مصالحهم الشخصية، معتبراً أن توقيت عقد مجلس النواب لجلسة خاصة بالدستور والاستفتاء عليه "له علاقة بالصراعات الحالية التي تستهدف حكومة الوفاق وجهود محاولة التقارب بين (رئيس حكومة الوفاق فايز) السراج وحفتر، وإمكانية رأب شروخ في العلاقة بين أطياف ليبية عدة ستلتقي خلال الملتقى الوطني الجامع برعاية أممية قريبا".
ورأى ازهيمة، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الأحداث الأخيرة في أقاليم البلاد أدت إلى إحداث هوة سياسية واجتماعية وخدمية ستزداد حدة في مرحلة ما قبل الاستفتاء المزعوم، وستنفجر بظهور نتائجه، ما يغذي قوة أصوات الفيدراليين ومطالب الاستقلال الذاتي، خصوصاً التي ظهرت في العام 2013 في الشرق الليبي".