ماذا خسر الفلسطينيون بانحطاط العرب؟

03 يونيو 2017
+ الخط -
استلهمت عنوان مقالي من العالم الإسلامي الهندي الشهير، أبو الحسن الندوي، الذي حقّق شهرة عالمية عبر كتابه "ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟".
رحم الله الندوي الذي توفي في العقد الأخير من القرن العشرين، ولم يشهد الألفية الثالثة، وما عصف بالمنطقة من ثورات وتقلبات سياسيّة، وخصوصا ما صدر عن اجتماع القادة العرب والمسلمين في الرياض مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، فهو بالتأكيد لن يفقد أمله بالعالم العربي، لكنّه لعله سوف يوافقني على ما سوف أتحدث به.
لم ينخدع أحد باجتماع العرب في الرياض، فأعتقد أنّ الجميع كان يعلم الأجندة السياسيّة، ولكن لم يتوقع أحد أن يخلو بيان الرياض من الحديث عن القضيّة الفلسطينيّة، وعن الإرهاب الإسرائيلي، بل لم يفرّق البيان بين المقاومة والإرهاب في الرد على ترامب حدا أدنى، حين شمل حركة المقاومة الإسلامية حماس بالحركات الإرهابية، وهو بالتالي الرد الأميركي الصريح والواضح على "وثيقة حماس"، ودعوة الرئيس السابق للمكتب السياسي للحركة، خالد مشعل، الإدارة الأميركيّة لتلّقي الوثيقة بإيجابيّة. هذا ولا بد من التنويه بموقف قطر، الذي دعا الى وجوب التفريق بين المقاومة والإرهاب، وهو يكاد يكون الصوت العربي الوحيد بعد هذه القمة.
المثير للدهشة فعلاً أنّ البيان أعلن "الرفض الكامل لممارسات النظام الإيراني المزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، ودعمها للإرهاب والتطرف"، فهل فلسطين من هذا العالم؟ وهل دعم حركات المقاومة الفلسطينيّة إرهابا؟
ليس مستغرباً، فقد عدّت قناة العربية حركة الجهاد الإسلامي من الحركات الفوضويّة التي تتلقى الدعم من إيران، وعلى حد علمي وعلم كلّ فلسطيني، للجهاد الإسلامي شهداء في فلسطين، وأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وقادتها ملاحقون ومهدّدون بالاغتيال من إسرائيل، وليس لهم أي أجندة خارج فلسطين، وكيف يمكن تطبيق محاربة الإرهاب وتجفيف ينابيعه؟ عبر طرد قادة المقاومة الفلسطينية وفق المفهوم الترامبي، من قطر وسورية ولبنان، وكل مكان؟
يدعونا هذا البيان إلى التذكير بما هو مفترض أنّه من البديهيّات، بل من المسلّمات، فإسرائيل شرّدت شعباً بأكمله واحتلت أرضا عربية، وقتلت الآلاف المؤلفة من الفلسطينيّين عبر عصاباتها الإجراميّة، وهي تسجن الفلسطينيّين عبر جدار فصل عنصري، وتعتقل سبعة آلاف فلسطيني، وتسن قوانين لسرقة الأراضي وإذلال الفلسطينيّين، وهي نقضت كلّ اتفاقاتها مع السلطة الفلسطينيّة وما يسمّى المجتمع الدولي، وهي "دولة" احتلال، ليس لها حدود، فهي تحتل الجولان السوري، وأراضي شبعا اللبنانية، أليس هذا إرهاباً؟
أنقذت القمة في الرياض ترامب، وشكلت له فرصة للنجاة من كمائن وسائل الإعلام الأميركية على الأقل، ووفقاً للكاتب ويسلي برودن من "واشنطن تايمز" فإنّ القمة مثلت نقطة انطلاق نحو أشياء جيدة في إسرائيل، فترامب ربط مصالح العرب مع إسرائيل من خلال تحليقه من الرياض إلى إسرائيل مباشرة، وهو ما عبّر عنه نتنياهو بفرحة لا توصف إزاء التحول في المواقف العربيّة تجاه إسرائيل، "فهي المرة الأولى التي يستطيع أن يتذكر مثل هذا التحول"، وترامب بشّر إسرائيل بتقارب عربي هدفه مواجهة إيران.
وعن التحالف لمحاربة الإرهاب (إيران)، من الواضح أنّ العرب لا تجمعهم كلمة واحدة، وليسوا متفقين، فقد نشر مركز واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، مقالاً "هل يكون إنشاء تحالف سني ضد التطرف بقيادة السعودية هو الحل؟"، شكّك بنجاح هذه الرؤية، فحكومتا السعودية والإمارات تعتبران إيران التهديد الأول لنظامهما، في حين أنّ الكويت ومصر وعمان تعتمد مقاربة أقل عدائية تجاه إيران، وهي مستعدة لاستيعاب المصالح الإيرانية.
أما ماذا خسر الفلسطيّنيون بانحطاط العرب، فلا شيء، فمنذ معركة العرب وإسرائيل عام 1967 والعرب في انحطاط ولم يقدموا شيئاً جديّاً، ولم يتقدّموا خطوة واحدة إلى الأمام في الصراع مع إسرائيل، بل تكفّل الشعب الفلسطيني ومقاومته بالمواجهة مع الاحتلال بكل أشكال المقاومة المتاحة، وكفوا العرب شرف القتال.
F4F14766-7D2F-4617-9AFB-878AF02EAFEE
F4F14766-7D2F-4617-9AFB-878AF02EAFEE
أحمد الصباهي (فلسطين)
أحمد الصباهي (فلسطين)