21 نوفمبر 2024
ماذا يجري بين دول مجلس التعاون؟
سألني صديقي، هل تُتَابِع ما يجري، في الآونة الأخيرة، بين دول مجلس التعاون الخليجي؟ فأجبته إنني أعتبر ما يجري بين هذه الدول سحابة صيف عابرة أو بوابة جحيم مرتقبة.. ذلك أن العقلاء في العالم يدركون أن هذا النمط من النزاع يُدْرَجَ عادة ضمن آليات التنظيم الإقليمي الذي تنتمي إليه أغلبية أطراف النزاع، أي مجلس التعاون الخليجي، بحكم أنه يتيح آلياتٍ للحوار بين أعضائه. كما يمكن أن يُدْرَج ضمن مؤتمر للقمة العربية، يُخَصَّص أحد بنوده لإيجاد التوافقات التي تُرْضِي مختلف الأطراف.
لم يقتنع مُحاوري بالبسط الشكلي والمبدئي الذي عبرت عنه، ولَمَّحَ إلى أنني لا أتابع الصراع المعلن اليوم، بين بعض دول الخليج ومصر مع قطر. وعندما لاحظت تَأَفُّفَه من جوابي، قلت له إن الصراع داخل مجلس التعاون لا يتعلق بظاهر ما أُعْلِن في اللائحة المطلبية المرسلَة بصورة رسمية بِتَوَسُّط دولة الكويت إلى دولة قطر.
بادرني بعد ذلك بالقول، جَرِّب القيام بتَعْمِيم اللائحة المطلبية على أطراف النزاع، بتركيب لوائح مماثِلة تُنْجِزُها قطر، لتطالب الدول التي طلبت منها القيام بما ورد في اللائحة المطلبية، حيث سنصبح أمام لوائح متشابهة، وذلك بحكم تشابك المصالح والطموحات أمام دولٍ وأنظمة وشعوب متشابهة.
ويمكن أن نُواصل التفكير في هذه المطالب بالوقوف أمام مثالين آخرين، العلاقات القطرية
الإيرانية، حيث تشير لائحة المطالب إلى ضرورة الحد من العلاقات بين قطر وإيران. وهنا، يمكن أن نقرأ في اللائحة المطلبية المفترض حصولها من القطريين مطلباً يدعو إلى توقيف علاقة السعودية بمصر، والإمارات إلى الحدّ من علاقاتها بإيران. وبهذه الطريقة، نكون قد صَوَّبْنا النظر نحو مسألة استقلالية القرار السيادي المتعلق بالأنظمة والدول.
استوقفني مُحَاوِرِي، مشيراً إلى أنني استسهلت موضوع لائحة المطالب، فأجبته إنني أحاول القيام بعملية نسجٍ مماثِلة لنمط المطالب، كما وردت في مذكرة الدول الغاضبة من قطر. ويترتَّب عن هذا نوعٌ من الوصاية المعلنة على دولٍ تملك كل منها سيادتها كاملة.
لم يقتنع الصديق بجوابي، فبادرني قائلاً إن توضيحاتك أشبه ما تكون بعملية هروبٍ، تتوخّى من ورائها عدم الاقتراب من الحصار وقائمة المطالب. حاولت أن ألفت انتباهه إلى أن الصراع بين قطر وبعض دول الخليج العربي ليس جديداً ولا مفاجئاً، فقد لاحت علاماته الأولى منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي. صحيحٌ أنه اتخذ، في السنوات الأخيرة، مظاهر وتعبيرات جديدة، إلا أنه ظل يراهن على عدم تجاوُز عتباتٍ معينةٍ في دبلوماسية الاختلاف، سواء في الملاحظات والانتقادات التي كانت تبديها السعودية تجاه بعض مواقف قطر وخياراتها، في موضوع مواجهة الأوضاع في المشرق العربي والموقف من القِوَى الإقليمية، أو في الموقف من الثورات العربية وتداعياتها في المحيط العربي.
وعندما انتبهت أن صديقي لم يقتنع بما عرضت أمامه، واجهتُه قائلاً: دعك من لائحة المطالب التي تَقَدَّم بها الرباعي المعروف، فقد ساهم نشرها وانتشارها في مزيد من تأجيج التوتر بين الدول التي أرسلتها والدولة المُرْسَلَة إليها. وطلبت منه أن ينتبه إلى السياقات العامة التي صاحبتها وتصاحبها اليوم، أي أوضاع الخليج العربي وأوضاع المشرق العربي عامة، منذ
انفجارات 2011 وما تلاها من تداعيات، ثم الأدوار التي لعبتها الأوضاع الإقليمية، وهي تواجه التداعيات الحاصلة في المشرق والمغرب العربيين وفي العالم، ومن دون إغفال التربُّص الدائم الذي تحرص عليه القِوَى الدولية الكبرى، وهي تتابِع وتشارك في مختلف التحوُّلات الجارية في المنطقة العربية. نحن نشير هنا إلى أدوار كل من بريطانيا وفرنسا ثم روسيا، حيث بدأت تبدو اليوم في سياق النزاع المعلن العلامات الأولى لتدويل الحدث.
واصلت الحديث موضحاً أن الصراع المستأنف اليوم بين دول الخليج يعكس بعض أوجه التنافس بين دوله وإماراته، صحيحٌ أن هذه الدول نجحت في تجاوُز المآزق التي فجرتها انفجارات 2011، إلا أن تفاعلات التاريخ الكبرى تُحَتِّم على مختلف الفاعلين والمنفعلين مواصلة اليقظة. وضمن هذا الإطار بالذات، نتصوَّر أن دول الخليج مجتمعةً، مدعوَّة إلى ضرورة إعادة التفكير في علاقة أنظمتها السياسية بمجتمعاتها وثرواتها وأنظمة الثقافة السائدة فيها، ومن دون إغفال مقتضيات المشروع السياسي الديمقراطي في عالم متغيِّر.
انتبهت، وأنا أقدّم التوضيحات السابقة، أن صديقي بدأ يقتنع، فأضفت: ولا شك أنه سيترتب عن السياقات المذكورة ولائحتها إما انفراج ثم حوار، أو أن الحدث سيجعل المشاركين فيه يقومون بالإعداد لولوج خندق مفتوح على طريقٍ شبيهة بالتي أدخلت العراق إلى المتاهات التي يدور فيها منذ سنوات. ثم حاولت أن أستدعي عناصر مستوحاة من أنماط الصراع التي حصلت في المشرق العربي قبل سنوات، ونتجت عنها وَيْلاَتٌ لم تنته بعد.
لم يقتنع مُحاوري بالبسط الشكلي والمبدئي الذي عبرت عنه، ولَمَّحَ إلى أنني لا أتابع الصراع المعلن اليوم، بين بعض دول الخليج ومصر مع قطر. وعندما لاحظت تَأَفُّفَه من جوابي، قلت له إن الصراع داخل مجلس التعاون لا يتعلق بظاهر ما أُعْلِن في اللائحة المطلبية المرسلَة بصورة رسمية بِتَوَسُّط دولة الكويت إلى دولة قطر.
بادرني بعد ذلك بالقول، جَرِّب القيام بتَعْمِيم اللائحة المطلبية على أطراف النزاع، بتركيب لوائح مماثِلة تُنْجِزُها قطر، لتطالب الدول التي طلبت منها القيام بما ورد في اللائحة المطلبية، حيث سنصبح أمام لوائح متشابهة، وذلك بحكم تشابك المصالح والطموحات أمام دولٍ وأنظمة وشعوب متشابهة.
ويمكن أن نُواصل التفكير في هذه المطالب بالوقوف أمام مثالين آخرين، العلاقات القطرية
استوقفني مُحَاوِرِي، مشيراً إلى أنني استسهلت موضوع لائحة المطالب، فأجبته إنني أحاول القيام بعملية نسجٍ مماثِلة لنمط المطالب، كما وردت في مذكرة الدول الغاضبة من قطر. ويترتَّب عن هذا نوعٌ من الوصاية المعلنة على دولٍ تملك كل منها سيادتها كاملة.
لم يقتنع الصديق بجوابي، فبادرني قائلاً إن توضيحاتك أشبه ما تكون بعملية هروبٍ، تتوخّى من ورائها عدم الاقتراب من الحصار وقائمة المطالب. حاولت أن ألفت انتباهه إلى أن الصراع بين قطر وبعض دول الخليج العربي ليس جديداً ولا مفاجئاً، فقد لاحت علاماته الأولى منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي. صحيحٌ أنه اتخذ، في السنوات الأخيرة، مظاهر وتعبيرات جديدة، إلا أنه ظل يراهن على عدم تجاوُز عتباتٍ معينةٍ في دبلوماسية الاختلاف، سواء في الملاحظات والانتقادات التي كانت تبديها السعودية تجاه بعض مواقف قطر وخياراتها، في موضوع مواجهة الأوضاع في المشرق العربي والموقف من القِوَى الإقليمية، أو في الموقف من الثورات العربية وتداعياتها في المحيط العربي.
وعندما انتبهت أن صديقي لم يقتنع بما عرضت أمامه، واجهتُه قائلاً: دعك من لائحة المطالب التي تَقَدَّم بها الرباعي المعروف، فقد ساهم نشرها وانتشارها في مزيد من تأجيج التوتر بين الدول التي أرسلتها والدولة المُرْسَلَة إليها. وطلبت منه أن ينتبه إلى السياقات العامة التي صاحبتها وتصاحبها اليوم، أي أوضاع الخليج العربي وأوضاع المشرق العربي عامة، منذ
واصلت الحديث موضحاً أن الصراع المستأنف اليوم بين دول الخليج يعكس بعض أوجه التنافس بين دوله وإماراته، صحيحٌ أن هذه الدول نجحت في تجاوُز المآزق التي فجرتها انفجارات 2011، إلا أن تفاعلات التاريخ الكبرى تُحَتِّم على مختلف الفاعلين والمنفعلين مواصلة اليقظة. وضمن هذا الإطار بالذات، نتصوَّر أن دول الخليج مجتمعةً، مدعوَّة إلى ضرورة إعادة التفكير في علاقة أنظمتها السياسية بمجتمعاتها وثرواتها وأنظمة الثقافة السائدة فيها، ومن دون إغفال مقتضيات المشروع السياسي الديمقراطي في عالم متغيِّر.
انتبهت، وأنا أقدّم التوضيحات السابقة، أن صديقي بدأ يقتنع، فأضفت: ولا شك أنه سيترتب عن السياقات المذكورة ولائحتها إما انفراج ثم حوار، أو أن الحدث سيجعل المشاركين فيه يقومون بالإعداد لولوج خندق مفتوح على طريقٍ شبيهة بالتي أدخلت العراق إلى المتاهات التي يدور فيها منذ سنوات. ثم حاولت أن أستدعي عناصر مستوحاة من أنماط الصراع التي حصلت في المشرق العربي قبل سنوات، ونتجت عنها وَيْلاَتٌ لم تنته بعد.