04 ديسمبر 2022
متى يوقف مقاومو السيسي حروبهم؟
محمد ثابت
أكثر من ست سنوات ونصف السنة مضت منذ الانقلاب العسكري المعلن على أول وآخر انتخابات مصرية ديمقراطية، ومقاومو عبد الفتاح السيسي يلازمون التيه والشتات والانقسامات، بلا سقف أو أمل أو مجرد شعور بإمكان أن يتحدوا تحت راية أو أي مسمّى واضح. وكأن القوم اتفقوا على أن يكونوا مثل النيران التي إن لم تجد ما تأكله أكل بعضها بعضًا، وعلى أعلى مستوى، بدلًا من أكل عدوهم وخداعه. وفي صراعهم بعضهم مع بعض، يصل الأمر بهم إلى قمة اللهب وبدايته معًا، فلا نيرانهم أسعفت متضرّرا من كثرة البرودة؛ ولا أنارت درباً معتما لراغبٍ في الاستبصار وسلوك درب الخلاص من الزلل والخطأ ومرارة الشعور بالسقوط الذي كان يظنه مؤقتًا فطال؛ ولا هي (النيران) التي احتفظت بشرارها وقدها وقديدها حتى تفيد الآخرين، إن لم تفد نفسها.
وكما قبل إعلان الانقلاب، كان السيسي يسيطر فيها على المشهد، من دون أن يدري الحاكم، أو حتى يقدّر ما يدريه تقديرًا جيدًا؛ وكما استطاع السيسي، منذ 3 يوليو/ تموز 2013، بسط يديه وأصغر أصبع من قدميه على كل ما يخصّ مصر، مبقيًا المرارة والألم (وإنْ لم يزح ذلك أو يخفف من اليقين بقرب الفرج من رب العباد؛ فقط ينوي الأخيرون خيرًا لبلادهم وأمتهم ومن قبل أنفسهم)، وكما كانت مرحلة الإعداد والتمهيد للانقلاب ناجحة، ومن بعدها تنفيذ الانقلاب، ثم تثبيت خطاه وأركانه وزواياه الأربعة أو الخمسة، أو ما شاء الله لها (تثبيتًا مؤقتًا بإذن الله)، وفيما القوم يعلنون أن "الانقلاب يترنّح"، فيما لم يكن يترنّح إلا الذين يعيشون في الخيال والمحال والأماني والضلالات والترهات.
وفيما يصرّ بعضهم، في البداية، على أن السيسي تم قتله وبديله "الرقاص" يحكم مصر؛ وأن
العالم من المستحيل أن يقبل بالانقلاب في مصر، وأن دوله لن تقتنع باغتصاب الشرعية، فيما الخونة والخائن يحوزون رضا العالم بالتنازل عن المقدّرات تارة؛ أو شراء صفقات أسلحة غير جديرة بالاقتناء (على الأقل) تارة أخرى، وفيما مقاومو الانقلاب لا يدرون الفرق بين كونهم مقاومين أو معارضين، ويظنون أنفسهم مجرّد معارضين؛ فلا يدرون طريقًا إلى هدم الانقلاب على رؤوس مجرميه، لا شكلًا ولا مضمونًا؛ فالمعارض يمثل جزءًا من النظام، ولكن يرغب في أن يحكم بدلًا منه، أما المقاوم فلا يعترف بالنظام من الأساس، ويريد هدمه من جذوره، والطريق العملي لتحقيق ذلك مختلف عما سلكه مقاومو الانقلاب أكثر من ألفي يوم.
دعا القوم ونادوا وتمادوا في النصر الذي سيحل عليهم بالمظلة من الطائرات (البارشوت) فيما هم نائمون، وراحو يقرأون ما تُصدّره المخابرات، وخصوصا الحربية، إليهم، من أن الأحداث والقلاقل والبدايات تؤذن بالنهايات، والمصريون على وشك إعادة سيناريو 25 يناير 2011؛ فكانت المجازر وإهدار القدرات، بالموت وصقيع المنافي والسجون، أو في آلام الإصابات.
وبدلًا من محاسبة المخطئين، المطلقي السراح، الناجين من السجن والإصابة، والذين صار يرتع بعضهم في حصد الخيرات، وضمها إليهم ضمًا لا رحمة فيه ولا هوادة. وبدلًا من مراجعة آلية الشورى في الإسلام التي لا تحتمل (بأي حال) قسمة التصويت في قرار التصدي لحكم "الإخوان المسلمين" مصر على ثلاث جلسات؛ وفي كل مرة يتم التصويت مع استمرار الضغوط للوصول إلى زجّ الجماعة في متاهة حكم مصر، ليعجزهم القاصي والداني من
الأشرار، ولكي تفني الجماعة مسيرها وتوقف استقرارها بنفسها، فضلًا عن أن تكذّب (بنفسها) ما أعلنته من قبل، عقب الثورة، عن عدم ترشحها للرئاسة.
بدلًا من محاسبة جميع التيارات المُفترض أنها ثورية للمتغافلين فيها، ليصل الحال بمئات ألوف من المصريين إلى الهلاك أو انتظار الدور فيه، قام حاصدو الفوائد من الحروب والمصائب بالواجب وزيادة، وصار لدينا شبابٌ مطحون مطارد في الشوارع في الداخل والخارج، فيما امتلأت بطون وكروش بالخيرات. وبدلًا من مسار سياسي يجمع المتشتتين والمتفرقين، صرنا ننام ونفيق على حروبٍ وملاسنات أقل ما توصف به أنها أقل من المستوى بمراحل، فهذا ينتقد أداء ذاك أيام الرئيس محمد مرسي، وذاك يفحم هذا بأنه قام بما يمليه عليه ضميره، واللجان الإلكترونية التابعة للاثنين لا ترحم خصمًا، وفي النهاية، لا يكسب إلا السيسي ومن معه.
والأدهى والأكثر مرارة، أنه كما يقوم الانقلابيون باعتقال وإخفاء صوت كل معترض على خاطئ سياساتهم، يرفض المعسكر الآخر (المفترض أنه مقاوم لا معارض) صوت كل منادٍ بجمع الشمل ولم الشتات، وهكذا يجتمع الطرفان على الإصرار على استمرار الحالة الراهنة. لا أحد من المقاومين هنا يستمتع بقدراته، أو يعد العدة للم الشمل، لاجتثاث الفرصة وتفويتها على عدوه، والقضاء على اللحظة الراهنة المحيرة، ولو استدعى الأمر "صلح الحديبية، أو "غزوة مؤتة"، لا أن يجأر السيسي معلنًا للغرب أنه يحارب الإسلام السياسي، فيما يعلن "الإخوان" أنهم يمثلون الإسلام السياسي!
لأن المشهد الغائم والمعتم اليوم يعلن أن في الآفاق أسرارًا مريرة وقاتمة من اختراقات للصف الثوري، فإن على كل شريف مخلص البحث عن حل، والتكاتف من أجل إنهاء هذه الفترة المعتمة من تاريخ مصر، ونفض اليدين من الذين يبقون المشهد "محلك سر" من جميع الأطراف.
وفيما يصرّ بعضهم، في البداية، على أن السيسي تم قتله وبديله "الرقاص" يحكم مصر؛ وأن
دعا القوم ونادوا وتمادوا في النصر الذي سيحل عليهم بالمظلة من الطائرات (البارشوت) فيما هم نائمون، وراحو يقرأون ما تُصدّره المخابرات، وخصوصا الحربية، إليهم، من أن الأحداث والقلاقل والبدايات تؤذن بالنهايات، والمصريون على وشك إعادة سيناريو 25 يناير 2011؛ فكانت المجازر وإهدار القدرات، بالموت وصقيع المنافي والسجون، أو في آلام الإصابات.
وبدلًا من محاسبة المخطئين، المطلقي السراح، الناجين من السجن والإصابة، والذين صار يرتع بعضهم في حصد الخيرات، وضمها إليهم ضمًا لا رحمة فيه ولا هوادة. وبدلًا من مراجعة آلية الشورى في الإسلام التي لا تحتمل (بأي حال) قسمة التصويت في قرار التصدي لحكم "الإخوان المسلمين" مصر على ثلاث جلسات؛ وفي كل مرة يتم التصويت مع استمرار الضغوط للوصول إلى زجّ الجماعة في متاهة حكم مصر، ليعجزهم القاصي والداني من
بدلًا من محاسبة جميع التيارات المُفترض أنها ثورية للمتغافلين فيها، ليصل الحال بمئات ألوف من المصريين إلى الهلاك أو انتظار الدور فيه، قام حاصدو الفوائد من الحروب والمصائب بالواجب وزيادة، وصار لدينا شبابٌ مطحون مطارد في الشوارع في الداخل والخارج، فيما امتلأت بطون وكروش بالخيرات. وبدلًا من مسار سياسي يجمع المتشتتين والمتفرقين، صرنا ننام ونفيق على حروبٍ وملاسنات أقل ما توصف به أنها أقل من المستوى بمراحل، فهذا ينتقد أداء ذاك أيام الرئيس محمد مرسي، وذاك يفحم هذا بأنه قام بما يمليه عليه ضميره، واللجان الإلكترونية التابعة للاثنين لا ترحم خصمًا، وفي النهاية، لا يكسب إلا السيسي ومن معه.
والأدهى والأكثر مرارة، أنه كما يقوم الانقلابيون باعتقال وإخفاء صوت كل معترض على خاطئ سياساتهم، يرفض المعسكر الآخر (المفترض أنه مقاوم لا معارض) صوت كل منادٍ بجمع الشمل ولم الشتات، وهكذا يجتمع الطرفان على الإصرار على استمرار الحالة الراهنة. لا أحد من المقاومين هنا يستمتع بقدراته، أو يعد العدة للم الشمل، لاجتثاث الفرصة وتفويتها على عدوه، والقضاء على اللحظة الراهنة المحيرة، ولو استدعى الأمر "صلح الحديبية، أو "غزوة مؤتة"، لا أن يجأر السيسي معلنًا للغرب أنه يحارب الإسلام السياسي، فيما يعلن "الإخوان" أنهم يمثلون الإسلام السياسي!
لأن المشهد الغائم والمعتم اليوم يعلن أن في الآفاق أسرارًا مريرة وقاتمة من اختراقات للصف الثوري، فإن على كل شريف مخلص البحث عن حل، والتكاتف من أجل إنهاء هذه الفترة المعتمة من تاريخ مصر، ونفض اليدين من الذين يبقون المشهد "محلك سر" من جميع الأطراف.
مقالات أخرى
31 أكتوبر 2022
09 سبتمبر 2022
10 يوليو 2022