مريم عوض ما زالت تُحيك بالصنارة

18 ديسمبر 2014
تعلمت الحياكة، وعلّمت أبناءها (إنتصار الدنان)
+ الخط -
كانت مريم عبد الرحمن عوض في الثالثة من عمرها حين خرجت من فلسطين مع أهلها. لا تذكر شيئاً عن بلدها. كانت صغيرة جداً. لكن عائلتها والمقربين منها أخبروها الكثير، حتى باتت قادرة على شم رائحة ترابه دائماً، أو كلّما أرادت ذلك. ولدت عوض عام 1945 في قرية الزيب، قضاء عكا، وتقيم حالياً في مخيم عين الحلوة في صيدا (جنوب لبنان).

حين كانت في عمر المراهقة، شعرت أنها بحاجة إلى تعلّم مهنة تحميها من غدر الزمن، كما تقول. صارت تجالس والدتها لساعة أو أكثر يومياً، بالإضافة إلى فتيات في مثل عمرها، لتعلّم الحياكة والتطريز. توضح لـ "العربي الجديد": "تعلّمت الحياكة من أمي بواسطة الصنارة، وصرت قادرة على صنع ملابسي. قليلاً ما كنت أشتري الثياب من السوق". تضيف: "ببساطة، كنا بحاجة للعمل. وكان الناس في المخيم يعملون بأية مهنة شريفة بسبب حاجتهم للمال".

المشكلة برأي عوض أن "الحياكة اليدوية انقرضت اليوم، وحلت محلها الآلة. في الماضي، كنا نصنع السلال وننقعها بمادة النشاء، ونضع الأباريق في داخلها. في الصباح، تكون قد تماسكت. بعد ذلك، نقوم بتزيينها بشرائط ملونة".

تضيف عوض: "كنا نجتمع في منزل واحد ونعمل سوياً. نتسامر. نسترجع القصص القديمة التي كنا نسمعها من جداتنا، بخاصة عن فلسطين". حتى اليوم، ما زالت تحيك الملابس وأشياء كثيرة أخرى مستخدمة الصنارة. حتى أنها علمت بناتها الحياكة. تقول: "أحيك أغطية للطاولات وكنزات لبناتي أو من يطلب مني ذلك. في السابق، كنت أعمل لأعتاش من الحياكة. زوجي كان يعمل أجيراً لدى إحدى العائلات. دخله لم يكن يكفينا. نحن عائلة أيضاً ولدينا احتياجاتنا. لذلك، اضطررت إلى العمل للمساهمة في سد احتياجات الأسرة".

تتابع: "منذ عشرين عاماً، وإثر تعرضه لحادث، صار زوجي كفيفاً. لم يعد العمل خياراً". من الحياكة، استطاعت عوض تعليم أبنائها. أحدهم صار مهندساً، والثاني تمكن من الحصول على وظيفة إدارية في إحدى المؤسسات.

تتابع عوض أنها عملت في معمل خياطة في المخيم. وفي نهاية الأسبوع، كانت تسلّم البضاعة للمؤسسات التجارية في مقابل أجر معين. تذكر أنها قبل أن تأتي إلى المخيم، كانت تسكن في منطقة جل البحر في صور (جنوب لبنان)، وكانت تحيك الملابس لكل سكان المنطقة. تضيف: "جئنا إلى مخيّم عين الحلوة لأننا لم نكن نملك منزلا، ولأن أهلي يعيشون هنا".
المساهمون