قال الرئيس التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية والرئيس السابق لاتحاد المصارف العربية، عدنان يوسف، إن الأزمة المالية التي بدأت في الصين حالياً ستمتد إلى آسيا، وستكون تداعياتها خطيرة للغاية، في ظل فقدان دول تلك المنطقة القدرة على التعامل معها.
وأضاف المصرفي العربي، في تصريحات لــCNN بالعربية أن: "دول الخليج بوضع جيد حالياً.. لكنها قد تواجه صعوبات بحال استمرار الوضع حتى نهاية 2017"، داعياً دول الخليج لرفع ذكي للدعم.
وقال يوسف، الذي كان يتحدث حول آخر تطورات الأوضاع الاقتصادية العالمية، إن: "المشكلة بدأت بالصين، وسوف تنتقل منها إلى الدول المجاورة لأن خفض سعر صرف العملة سينعكس في أمرين الأول خفض سعر الصادرات، فتزداد الصادرات، ولكن بالمقابل تزداد كلفة الواردات من المواد الأولية التي تحتاجها الشركات للصناعة".
وتابع: "الواقع أن الكثير من الشركات بالصين استدانت بالدولار، وهي ستواجه مشكلة كبيرة كما حصل عام 1997 في دول جوار الصين التي تأثرت بالعملية نفسها، وتحولت من دول كانت توصف بأنها نمور سبعة إلى قطط صغيرة".
وحول خطوة الصين أمس الثلاثاء بالتعامل مع سعر صرف اليوان، قال المصرفي العربي، إن: "اختيار توقيت خفض الأسعار لم يكن موفقاً.. سبق أن سئلت قبل سنوات ما إذا كان العالم سيواجه أزمة مالية مقبلة، وكان ردي أن العالم سيتعرض لأزمة، لكنها لن تكون بأوروبا بل بالدول الآسيوية، وتحديدا من الصين والهند".
وقال: "أكدت على الصين تحديداً بسبب ارتفاع الصادرات ومواصلة النمو في الوقت عينه دون التنبه للدورات الاقتصادية التي يعقب النمو فيها حالة من التصحيح والتراجع، وقد ركز الناس كثيراً على النمو متناسين التصحيح، ولذلك انزلقت الصين لتكرر نفس الخطأ الذي ارتكبته اليابان قبل سنوات، وأدى إلى الركود الذي ما زالت تعيش فيه".
اقرأ أيضاً: البورصات تلتقط الأنفاس وتجدُّد الانهيارات قائم
وحذًر يوسف من مخاطر الأزمات في الصين وآسيا، في ظل فقدان آليات إدارة الأوضاع، قائلاً: "المشكلة الأكبر في الصين هي عدم وجود قدرة لديها على إدارة الأزمات، بخلاف أميركا وأوروبا حيث الدول معتادة على التعامل مع صعود وهبوط الاقتصاد ولديها تكتيكاتها لمواجهة الأزمات، أما دولنا العربية والآسيوية فاقتصادياتها نامية، لكنها لم تمر بالمشاكل التي تواجهها أوروبا وأميركا وليس لديها القدرة".
وأكد أن: "هناك عوامل إيجابية تساعد الصين بمواجهة الوضع القائم، وبينها وجود اقتصاد موجّه، وإن كان من الصعب اليوم ممارسة نفس قدرة التحكم فيه كما في السابق بعد الانفتاح الكبير الذي شهده مؤخراً، إلى جانب تراجع أسعار النفط التي كانت تشكل جزءا كبيرا من فاتورة الصين".
وحول التأثير المتوقع بالمنطقة في ظل الرهان السابق على الطلب الصيني الكبير من النفط وارتفاع سعره، رد يوسف بالقول: "الاستيراد الخاص بالنفط لن يتراجع لأن السعر منخفض ويشجع على الشراء.. لكن نحن نتكلم عن النمو بالاستيراد، وخلال العامين المقبلين أظن أنه سيكون هناك بعض من شد الحزام على صعيد الاستيراد ما يؤثر تلقائيا علينا، ويجب ألا ننسى أن ارتفاع الأسعار السابق كان بسبب ارتفاع الطلب من آسيا، إذ إن أوروبا وأميركا لم تسجلا نموا بالوتيرة نفسها".
وعن الطرح الجدي لقضايا فرض ضرائب في الخليج وبدء رفع الدعم بالكثير من القطاعات، قال المصرفي: "أنا ضد فكرة الضرائب ولا أحبذها، ما أدعو إليه هو رفع الدعم عن الكثير من السلع مثل البترول والكهرباء والماء والهاتف، فالمستفيدون من الدعم بمعظمهم من الأجانب وليسوا من المواطنين فقط، كما يجب أن يحصل الرفع بشكل تدريجي بحيث يفهم الناس أن ما يأخذونه من بضائع ليس بسعره الحقيقي".
وجزم يوسف بعدم تأثر خطط المصارف العربية والإسلامية بالتوسع في آسيا بالأوضاع الراهنة، قائلاً إن: "فترات الانكماش الاقتصادي تكون الفرصة جيدة للتوسع، فالأسواق ستكون في هذا الوقت منفتحة على الاستثمارات الأجنبية، بل إن أسعار المؤسسات المالية القابلة للاستحواذ ستكون أقل".
وعن الموازنة السعودية وتوقعات "ساما" للنمو عند مستوى 3% وسط بدء عمليات استدانة داخلية بالسعودية والحديث عن مصاعب للمالية العامة، قال: "هناك نقطة في صالح المملكة، والكثيرون لا يتنبهون لها، وتتمثل في حقيقة أن الكثير من المشاريع الكبرى بالسعودية انتهت أو على وشك الانتهاء".
ورجح ألا يقل النمو الاقتصادي السعودي عن 3.5% متطرقاً إلى وضع دول الخليج بالقول: "إذا استمر سعر البترول كما هو حتى نهاية 2017 فستمر دول الخليج بفترة صعبة، لأن كل دول الخليج فيها نمو سكاني كبير، وهذا النمو له متطلبات، فإذا تراوح سعر البرميل بين 55 و65 دولارا فهذا سيكون سعرا عادلا، ولكن بحال تراجع دون سعر 50 دولارا للبرميل ووصل إلى حاجز 40 دولارا، فستكون الفترة صعبة على دول الخليج للتأقلم".
اقرأ أيضاً: اضطراب الصين.. مكاسب العرب وخسائرهم