وأكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" أن آلاف الفتيات في مصر والدول العربية وأفريقيا يواجهن سنوياً خطر عادة "ختان الإناث" المنتشرة في عدد من الدول.
وبالرغم من المعارضة الشديدة لختان الإناث وسط الحقوقيين والطبقات المتعلّمة في مصر، إلا أن التقرير السنوي للمنظمة لمناسبة اليوم العالمي لمناهضة ختان الإناث، كشف أن نحو تسعين في المئة من النساء (تتراوح أعمارهن بين 15 و49 عاماً) في قرى مصر تعرضن للختان، بينما وصلت نسبة نساء المدن اللواتي خضعن للختان إلى خمسة وثمانين في المئة.
وكانت مصر أقرّت عام 2008 قانوناً يقضي بتجريم "تشويه أو بتر الأعضاء التناسلية للإناث"، وخصصت لذلك عقوبة تتراوح بين ثلاثة أشهر وعامين من السجن وغرامة مالية، لكن العادة ما زالت مستمرة ومقاومتها واضحة، خاصة في المجتمعات الريفية، برغم الجهود التي تبذلها السلطات والمنظمات غير الحكومية والوكالات الدولية للقضاء على الظاهرة المتجذرة في تفكير المواطنين، وفقاً لدراسة مموّلة من منظمة الصحة العالمية بعنوان: "الحياة الجنسية للمرأة وعلاقتها بختان الإناث في مصر".
وأوضح التقرير أن نسبة الختان "مرعبة"، وأن عقوبة التجريم إما أنها لا تنفّذ أو يتم تجاهلها، على الرغم من حالات الوفاة والتي كان آخرها في يونيو/ حزيران الماضي، بعد أن توفيت الطفلة سهير، البالغة ثلاثة عشر عاماً، في محافظة الجيزة أثناء إجراء العملية لها، بسبب "الانخفاض الشديد في ضغط الدم".
وجاء في الدراسة أن "السبب الرئيسي لاستمرار مثل هذه الممارسة هو الدافع للسيطرة على الحياة الجنسية للمرأة قبل الزواج كوسيلة لضمان عذريتها وبالتالي فرص تزويجها من خلال تزويد الزوج المرتقب بعروس لم يمسسها أحد قبله".
وأشارت الدراسة إلى أن العديد ممّن شملهم التقييم يعتبرون مسألة ختان الإناث "مسألة عائلية" وقراراً شخصياً لا يجب أن تتدخل فيه الحكومة، "ولذلك فهم يشكّون بشكل كبير في نجاح القوانين والتشريعات المقترحة للقضاء على هذه الممارسة"، حسب الدراسة.
ويرجع المؤرخون شيوع عادة ختان البنات في مصر والسودان إلى عهد الفراعنة، حيث تقول بعض الدراسات التاريخية إن ختان البنات عادة فرعونية الأصل، ويعزز هذه الرواية ما كشفت عنه الحفريات الأركيولوجية للأسر الفرعونية التي أظهرت تعرّض الملكتين كليوباترا ونفرتيتي للختان.
وكانت دراسة أجرتها مؤسسة "تومسون رويترز" واستعانت فيها بخبراء متخصصين في مجال قضايا المرأة، توصلت نهاية العام الماضي إلى أن مصر هي أسوأ دولة عربية يمكن أن تعيش فيها المرأة، وجاءت مصر في أدنى مرتبة عربياً بسبب عوامل كثيرة منها: التحرش الجنسي وارتفاع معدلات ختان الإناث وزيادة العنف وصعود التيار الديني بعد انتفاضات الربيع العربي.
وأظهرت الدراسة أيضاً أن القوانين التي تميّز بين الجنسين وزيادة معدلات الإتجار بالنساء ساهمت كذلك في إنزال مصر إلى قاع قائمة تضم 22 دولة عربية.
وقال الخبراء إنه برغم الآمال في أن تكون المرأة من أكبر المستفيدين من الربيع العربي، إلا أنها كانت من أكبر الخاسرين بعد اندلاع الصراعات وانعدام الاستقرار وموجات النزوح وظهور جماعات إسلامية متشددة في أجزاء كثيرة من المنطقة.