انتقلت المعارك السياسية بين مصر وتركيا، إلى "حرب تجارية" على حد وصف مسؤولين في مجلس الأعمال المصري التركي ومحللين اقتصاديين، ولا سيما بعد إعلان القاهرة مؤخراً، عدم تجديد اتفاقية الخط الملاحي مع تركيا، والذي يعد منفذاً رئيسياً لوصول السلع التركية إلى دول الخليج العربي.
ويبدو أن مصر لن تكون الطرف الوحيد في "الحرب التجارية" ضد تركيا، حيث تلوح مؤشرات حول اتجاه دول خليجية دعمت إطاحة الجيش المصري بالرئيس محمد مرسي في يوليو/تموز 2013، لممارسة ضغوط اقتصادية على أنقرة.
ووقعت مصر وتركيا اتفاقية الخط الملاحي "الرورو" في مارس/آذار 2012، وهي تسمح باستغلال الموانئ المصرية لنقل الصادرات التركية إلى دول الخليج، وذلك بعد غلق السلطات السورية المعابر أمام حركة التجارة التركية المتجهة إلى هناك.
وقال وزير الصناعة والتجارة المصري، منير فخري عبد النور، لوكالة الأنباء الرسمية المصرية أمس، إن بلاده "لم تحقق العائد الاقتصادي من الاتفاقية، وقامت بإبلاغ الجانب التركي بعدم رغبتها في تجديدها".
وأبدى مستثمرون في مجلس الأعمال المصري ـ التركي، تخوفهم من نشوء حرب تجارية بين البلدين، جراء التوترات السياسية منذ يوليو/تموز 2013.
ووجه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، انتقادات متكررة للسلطات في مصر، منذ إطاحة الجيش بمرسي، كان آخرها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية سبتمبر/أيلول، ما أثار غضب الإمارات ومصر.
ويقول المسؤولون المصريون، إن عدم تجديد الاتفاقية، ليس له علاقة بالسياسة. وأشار مسؤول في وزارة النقل المصرية طلب عدم ذكر اسمه في تصريح لـ "العربي الجديد"، إلى أن العائد المادي من الاتفاقية ضئيل للغاية بالنسبة لمصر، ولم يتعد أكثر من 13 مليون دولار منذ إبرامه.
لكن مصطفى إبراهيم، عضو مجلس الأعمال المصري ـ التركي، ذكر في تصريح خاص، أن البعض يتخوف من تضرر الاقتصاد، مضيفاً "البلدان سيخسران في هذه الحرب، فيما ستكون تركيا الخاسر الأكبر". وأشار أحمد جلال، عضو المكتب التنفيذي لمجلس الأعمال المصري ـ التركي، إلى أن عدم تجديد الخط الملاحي، لا يصب في مصلحة مصر، خاصة أن تركيا سوق كبير للصادرات الكيماوية على وجه التحديد.
وأضاف أن العمالة المصرية بالاستثمارات التركية تتجاوز 50 ألف عامل، مما يجعل توتر العلاقات خسارة كبيرة.
وحسب تقرير للسفارة التركية في القاهرة، حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال العام الأخير 5.2 مليار دولار غالبيته لتركيا، وتبلغ الاستثمارات التركية 2.2 مليار دولار.
وأبدى مسؤول في وزارة السياحة المصرية، مخاوفه من تضرر السياحة الأوروبية والروسية، حيث تستحوذ الشركات التركية على حصة كبيرة من السائحين الوافدين من هذه المناطق.
ويمثل السوق الروسية لمصر نحو 30% من حجم السياحة الوافدة سنويا، حسب المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه.
لكن ما يخشاه المحللون الاقتصاديون هو انتقال "الحرب التجارية" بين مصر وتركيا، إلى دول الخليج، التي دعمت إطاحة الجيش بمرسي، ولا سيما الإمارات والسعودية والكويت.
وحسب بيانات حديثة لهيئة الإحصاء التركية، انخفضت الصادرات التركية للمنطقة العربية إلى 23.4% من إجمالي الصادرات التركية في 2013، مقابل ارتفاع قياسي بلغ 27.8% في 2012.