فعلى الرغم من انهيار محادثات تثبيت الإنتاج بين المنتجين من داخل منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وخارجها في وقت سابق من هذا العام، يعتقد نوفاك أن المباحثات حققت نجاحاً من الممكن أن يتكرر قريباً.
وقال نوفاك، في تصريحات صحافية أدلى الأسبوع الماضي، بعد لقاء مع إيلوخيو ديل بينو، وزير نفط فنزويلا، الدولة العضو في أوبك، إن الاجتماع "مهد الطريق أمام تغيير مسار الاتجاهات السلبية في أسواق النفط".
وأضاف نوفاك: "رأينا إغلاق عدد كبير من المراكز المدينة، في حين ظلت المراكز الدائنة مفتوحة"، وذلك في إشارة إلى مراكز البيع التي تراهن على هبوط الأسعار في مقابل مراكز الشراء التي تراهن على ارتفاعها.
وتحظى هذه التصريحات بأهمية في الوقت الذي يتحدث فيه وزراء النفط عن إمدادات الخام والطلب والتوازن، لكن قلما يتطرقون إلى الكيفية التي يقوم بها المضاربون في السوق، وأكثرهم من صناديق التحوط، ببناء مراكزهم.
وارتفع النفط إلى 50 دولارا للبرميل، بزيادة 85% عن أدنى مستوى له في 12 شهرا، والذي سجله في يناير/ كانون الثاني الماضي مع توقف جزئي للإنتاج في نيجيريا وكندا، ما قلص الحاجة إلى دعم الأسعار. وفي أحدث اجتماعات أوبك في يونيو/ حزيران الماضي، لم تجر المنظمة أي تغييرات لسياستها النفطية، حيث انتهى الاجتماع دون تحديد سقف للإنتاج.
ومع انخراط ديل بينو في حملة جديدة لتثبيت إنتاج النفط في وقت لاحق من هذا العام، ستكون مراقبة مستويات الأسعار وحالة السوق عنصرا مهما للتكهن بالوقت الذي قد يتجه فيه كبار المنتجين إلى تعزيز التعاون فيما بينهم، على الرغم من انعدام الثقة فيما بينهم.
وحتى الآن، تعطي المملكة العربية السعودية، والتي تقود أوبك فعليا، إشارات على رغبتها في تجنب هبوط آخر لأسعار النفط. وقال وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، إن المملكة ستحول دون حدوث صدمات في سوق النفط.
وتقول مصادر على دراية بالموضوع إن الرياض لا تريد للأسعار أن تهبط مجددا بسبب الضغوط المفروضة على الموازنة في الداخل، وخشية أن يؤدي تراجع الاستثمار في قطاع النفط حول العالم إلى نقص حاد في المعروض من الخام وقفزات في الأسعار.
ومن المرجح أن يبقي أكبر بلد مصدر للنفط في العالم إنتاجه مستقرا نسبيا خلال الأشهر المقبلة، فيما وصفه أحد المصادر بأنه "ممارسة لبناء الثقة" مع إيران والمنتجين من خارج أوبك في حال تطلب الأمر التوصل إلى اتفاق مشترك.
وأبقت السعودية إنتاجها من الخام دون تغير يذكر في مايو/ أيار الماضي، في حين ارتفع حجم الإمدادات، حيث سحبت المملكة المزيد من كميات الخام من المخزونات لتغطية الطلب الموسمي في السوق المحلية.
مخاطر الشتاء
ظلت إيران العضوة في أوبك العقبة الأساسية أمام تثبيت الإنتاج، إذ تصر على أنها ليست مستعدة لاتخاذ إجراء مشترك إلا بعد عودة إنتاجها إلى مستويات ما قبل فرض العقوبات الغربية التي رفعت عنها حاليا.
وقال ديل بينو، الأسبوع الماضي، إن وزير النفط الإيراني، بيجن زنغنه، أبلغه بأن طهران ستصل إلى مستويات الإنتاج المرجوة التي ترواح بين 3.8 و4 ملايين برميل يوميا في موعد أقصاه سبتمبر/ أيلول المقبل، ما يزيد احتمالات التوصل إلى اتفاق على كبح الإنتاج.
وينعقد منتدى الطاقة العالمي، والذي يضم المنتجين والمستهلكين في الفترة بين 26 و28 سبتمبر/ أيلول المقبل في العاصمة الجزائرية. وقالت قطر، والتي ترأس أوبك حاليا، إن أعضاء أوبك اتفقوا على إجراء مباحثات على هامش الاجتماع.
وتقول مصادر إيرانية إن التعاون ممكن، لكنه يعتمد على ما ستؤول إليه الأوضاع في السوق في سبتمبر/ أيلول عندما يجتمع المنتجون في أوبك وخارجها في الجزائر قبل شهرين من مباحثات أوبك الرسمية المقبلة في فيينا في الثلاثين من نوفمبر/ تشرين الثاني القادم.
وقال مصدر على دراية بالتوجهات الإيرانية: "علينا أن ننظر إلى حجم الفائض في السوق. في الوقت الحالي، ثمة حالة من الغموض بسبب تعطل بعض الإنتاج في عدد من البلدان. ربما يصبح الأمر أكثر وضوحا خلال شهرين".
وقال أحد كبار المندوبين في أوبك إن "دول الخليج ستدعم أي تعاون بين المنتجين من أوبك وخارجها. ومن المبكر جداً توقع حدوث شيء في الجزائر".
ويتخوف عدد من مندوبي أوبك من احتمال تراجع الأسعار خلال بقية العام مع استئناف بعض الإنتاج المتوقف، الذي اقترب خطوة من العودة للسوق، أمس الثلاثاء، عندما قال مسؤولون نيجيريون إن الحكومة توصلت إلى اتفاق مع المسلحين لوقف إطلاق النار.
وقال مندوب آخر: "المشكلة تتعلق بجانب العرض. سيعتمد الأمر على الإنتاج الإيراني والنفط الصخري الأميركي وليبيا ونيجيريا. إذا ارتفع إنتاج هؤلاء جميعا سيشهد النصف الثاني من العام حينئذ دورة انخفاض في الأسعار".
وقال وزير الطاقة الروسي إنه يخشى من تراجع الأسعار، ثم أضاف: "نمو الطلب يتراجع وبعض الإنتاج قد يعود إلى السوق بعد التوقف... إذا بدأت الأسعار تهبط بشدة من جديد سنستطيع مواصلة التشاور، بل يتحتم علينا ذلك".
غير أن معظم المراقبين يعتقدون أنه حتى إذا تم التوصل إلى اتفاق على تثبيت الإنتاج، فإن ذلك الاتفاق سيكون هشا مقارنة بمحاولات أوبك السابقة لتقليص الإنتاج.
ويرى جيمي ويبستر، مراقب أوبك المخضرم، أن المنظمة ستحتاج إلى دوافع أقوى من مجرد تدني أسعار الخام كي تقلص الإنتاج.
وتابع: "لا بد أن تبلغ فترة النمو القوي لإنتاج أعضاء أوبك منتهاها، وأن يظهر قطاع النفط الصخري في الولايات المتحدة عجزه عن زيادة الإنتاج أو تقليصه وفق حاجات السوق في الأجل القصير".