07 نوفمبر 2024
هل انتهت فعلاً سنة 2015؟
قد لا يكون السؤال الموضوع على رأس هذه المقالة معقولاً، بِحُكْم التوافق الحاصل حول مبدأ التقسيم الكَوْنِي للزمان وصلاحيته. وأيضاً، بحكم الأدوار الذي يؤديها هذا التقسيم داخل المجتمعات البشرية. ونزداد اقتناعاً بهذا الأمر، عندما نُعايِن كل سنة حفلات ميلاد السنة الجديدة، تعم أرجاء عديدة في العالم، إلاَّ أن التوافق المشار إليه، والوظائف الاجتماعية لمبدأ تقسيم الزمن، وكذا الحفلات وفرقعات الشُّهُب المصطنعة التي تملأ عواصم العالم الكبرى، لا تَرفع ولا تُلغي مواقفنا الشخصية المرتبطة بصوَّر تمثلنا، وتأثُّرنا بما يقع داخل نظام الزمان في مجتمعنا وفي العالم، ومن هنا بالذات، يَحقُّ لنا أن نتساءل: هل انتهت بالفعل سنة 2015؟
تندرج نهاية سنة وبداية أخرى ضمن سيرورة زمنية، نفترض أنها تتخذ أكثر من صورة، بحكم التداخل القائم بين السنوات داخل عقد من الزمان، التداخل الحاصل بين الأشهر، التي يساهم تتابُعها المتصل والمنفصل، في الآن نفسه، في تركيب الزمن الذي نسميه سنة... نظام الزمن المتوافَق عليه لا ينبغي أن يجعلنا ننساق في عملية قبول التقطيع الآلي، ونغفل تعقُّد الظواهر المجتمعية التي تنشأ، وتتحوَّل داخل صيرورة فعل الزمان وأفعاله.
يتم الاحتفاء سنوياً بقدوم سنة جديدة، ويودع المحتفون، في شمال الأرض وجنوبها، السنة التي تنتهي، واستقبال السنة التي تليها، فتشكِّل ليلة الاحتفال، بأضوائها وبهرجتها، طقساً لا يخلو من رمزية اجتماعية مُدَبَّرَة ومُرَتَّبَة. والغرض المُعْلَن في الأصل يتمثَّل في حساب إيقاع الزمن في علاقته بمقتضيات التنظيم الاجتماعي للعمل، وما يرتبط به من أنظمةٍ أخرى، ذات علاقة مباشرة بحياة الناس وأنظمة عيشهم.
أدركت، وأنا أُمَهِّد بما سبق للجواب عن السؤال الذي طرحت على نفسي، أن مبرِّر طرحي السؤال يعود إلى موقف محدَّد من التقسيم الآلي لنظام الزمن، حيث يصعب احتواء ظواهر كثيرة، ناشئة ومتحوِّلة في قلب دورة الزمن، داخل أطر وقوالب زمنية مسيَّجَةٍ بأرقام. ومن هنا، فإن توالي السنين يُوَلِّد أحداثاً كثيرة، من دون أن تكون له القدرة على وقف سلسلة النتائج والمضاعفات الناتجة عنها.
يُواصِل الزمن سيره ضمن عدَّاد يملك كفاءة عالية في تناسل الأرقام، بانتظار وبرودة، ثم
يُدرجها في شبكاتٍ لا تنتهي إلّا لتبدأ، من دون أن تعتريها الندوب، ولا الأمارات الدالَّة على أفعال الزمن، أو يصيبها البيات، أو تلحقها العَطَالَة، فتتواصل الإيقاعات في دوائر الساعة بميكانيكية مُقْرِفَة. الثواني ثم الساعات. الأشهر بعد الأيام، ثم العقود بعد السنوات، لنحسب بعد ذلك، وفي السياق نفسه، القرون بعد العقود. وكل هذا ضمن ترقيم متسلسل ولا نهائي، ترقيم لا أحد يعرف بدايته ولا نهايته.
لا تهتم شبكة إيقاع الزمن، بآلياتها العدديَّة، لا بالتطلُّعات، ولا بالآمال التي ينشئها البشر، في دوائر تواصلهم مع بعضهم بعضاً، ومع الآخرين في العالم. كما أنها لا تهتم بأنماط علاقة الأفراد والجماعات مع الأحداث والوقائع التي نؤرخ لحصولها، عادةً، بالأيام والأشهر والسنوات، بل ونسمي، أحياناً، بعض الأشهر أو السنوات بأسمائها.
يعد نظامها المتسلسل، والمرتَّب في دوائر محدَّدة، نظاماً محايداً وصامتاً. وربما لهذا السبب، انتابني شعور يُفيد أنّ سنة 2015 لم تنته، وإن سنة 2016 التي تحل بعدها تحمل، في أيامها وأشهرها الأولى، تداعياتٍ كثيرة متَّصلة بوقائع حصلت فيها. فكيف نودِّع سنةً، نعرف أن كثيراً من سماتها لا تزال تملأ يومنا وحاضرنا؟
نستطيع أن نشير إلى ظواهر كثيرة أصبح لها سنة 2015 اسم محدَّد، يرمز إلى وقائع انفجرت في سنوات سابقة عليها، ولعبت أدواراً ساهمت في زعزعة مبادئ وخيارات كنّا نعتقد أنها راسخة. ويُكتفى، هنا، بمثال واحد، تبرز بواسطته نسبية النهاية والبداية في الحساب الرقمي. إنه يتعلق بالأحداث التي توالت في الواقع، طيلة أشهر 2015، فقد كانت، في أغلبها، تندرج ضمن تداعيات انفجارات 2011، التي أطاحت بعض أنظمة الاستبداد العربية. ولم يكن الأمر سهلاً، ولا أحد يتصوَّر أن قوى الاستبداد المهيمن ستقبل ما حصل، الأمر الذي وَلَّد ويُوَلِّد، اليوم، مختلف ردود الفعل المضادَّة، وما ترتَّب عنها من التشكيك والممانعة، فوجدنا أنفسنا في قلب تداعيات ومعارك لم نتمكَّن بعد من تخطِّيها. وإذا كان الأمر يُعَدُّ جزءاً من سيرورة المعركة العربية المتواصلة، والهادفة إلى النهوض بمجتمعاتنا ودمقرطتها، فإن التجاوز الذي نتجه صوبه لن يتم إلاَّ بمواصلة الجهود، بل وابتكار جهود أخرى، أكثر مَضَاءً، تُسعف بمغالبة تناسخ السنوات، على الرغم من تغيُّر الأرقام.
تندرج نهاية سنة وبداية أخرى ضمن سيرورة زمنية، نفترض أنها تتخذ أكثر من صورة، بحكم التداخل القائم بين السنوات داخل عقد من الزمان، التداخل الحاصل بين الأشهر، التي يساهم تتابُعها المتصل والمنفصل، في الآن نفسه، في تركيب الزمن الذي نسميه سنة... نظام الزمن المتوافَق عليه لا ينبغي أن يجعلنا ننساق في عملية قبول التقطيع الآلي، ونغفل تعقُّد الظواهر المجتمعية التي تنشأ، وتتحوَّل داخل صيرورة فعل الزمان وأفعاله.
يتم الاحتفاء سنوياً بقدوم سنة جديدة، ويودع المحتفون، في شمال الأرض وجنوبها، السنة التي تنتهي، واستقبال السنة التي تليها، فتشكِّل ليلة الاحتفال، بأضوائها وبهرجتها، طقساً لا يخلو من رمزية اجتماعية مُدَبَّرَة ومُرَتَّبَة. والغرض المُعْلَن في الأصل يتمثَّل في حساب إيقاع الزمن في علاقته بمقتضيات التنظيم الاجتماعي للعمل، وما يرتبط به من أنظمةٍ أخرى، ذات علاقة مباشرة بحياة الناس وأنظمة عيشهم.
أدركت، وأنا أُمَهِّد بما سبق للجواب عن السؤال الذي طرحت على نفسي، أن مبرِّر طرحي السؤال يعود إلى موقف محدَّد من التقسيم الآلي لنظام الزمن، حيث يصعب احتواء ظواهر كثيرة، ناشئة ومتحوِّلة في قلب دورة الزمن، داخل أطر وقوالب زمنية مسيَّجَةٍ بأرقام. ومن هنا، فإن توالي السنين يُوَلِّد أحداثاً كثيرة، من دون أن تكون له القدرة على وقف سلسلة النتائج والمضاعفات الناتجة عنها.
يُواصِل الزمن سيره ضمن عدَّاد يملك كفاءة عالية في تناسل الأرقام، بانتظار وبرودة، ثم
لا تهتم شبكة إيقاع الزمن، بآلياتها العدديَّة، لا بالتطلُّعات، ولا بالآمال التي ينشئها البشر، في دوائر تواصلهم مع بعضهم بعضاً، ومع الآخرين في العالم. كما أنها لا تهتم بأنماط علاقة الأفراد والجماعات مع الأحداث والوقائع التي نؤرخ لحصولها، عادةً، بالأيام والأشهر والسنوات، بل ونسمي، أحياناً، بعض الأشهر أو السنوات بأسمائها.
يعد نظامها المتسلسل، والمرتَّب في دوائر محدَّدة، نظاماً محايداً وصامتاً. وربما لهذا السبب، انتابني شعور يُفيد أنّ سنة 2015 لم تنته، وإن سنة 2016 التي تحل بعدها تحمل، في أيامها وأشهرها الأولى، تداعياتٍ كثيرة متَّصلة بوقائع حصلت فيها. فكيف نودِّع سنةً، نعرف أن كثيراً من سماتها لا تزال تملأ يومنا وحاضرنا؟
نستطيع أن نشير إلى ظواهر كثيرة أصبح لها سنة 2015 اسم محدَّد، يرمز إلى وقائع انفجرت في سنوات سابقة عليها، ولعبت أدواراً ساهمت في زعزعة مبادئ وخيارات كنّا نعتقد أنها راسخة. ويُكتفى، هنا، بمثال واحد، تبرز بواسطته نسبية النهاية والبداية في الحساب الرقمي. إنه يتعلق بالأحداث التي توالت في الواقع، طيلة أشهر 2015، فقد كانت، في أغلبها، تندرج ضمن تداعيات انفجارات 2011، التي أطاحت بعض أنظمة الاستبداد العربية. ولم يكن الأمر سهلاً، ولا أحد يتصوَّر أن قوى الاستبداد المهيمن ستقبل ما حصل، الأمر الذي وَلَّد ويُوَلِّد، اليوم، مختلف ردود الفعل المضادَّة، وما ترتَّب عنها من التشكيك والممانعة، فوجدنا أنفسنا في قلب تداعيات ومعارك لم نتمكَّن بعد من تخطِّيها. وإذا كان الأمر يُعَدُّ جزءاً من سيرورة المعركة العربية المتواصلة، والهادفة إلى النهوض بمجتمعاتنا ودمقرطتها، فإن التجاوز الذي نتجه صوبه لن يتم إلاَّ بمواصلة الجهود، بل وابتكار جهود أخرى، أكثر مَضَاءً، تُسعف بمغالبة تناسخ السنوات، على الرغم من تغيُّر الأرقام.