انتقد وزير التجارة الدولية البريطاني ليام فوكس خطوة إنشاء الاتحاد الجمركي مع الاتحاد الأوروبي التي يتم التفاوض عليها بين حزبي العمال والمحافظين قائلاً إنها ستجعل من بريطانيا "سلعة" في المفاوضات التجارية الأوروبية.
وجدد فوكس في تصريحات صباح الأربعاء موقفه الرافض للاتحاد الجمركي مع الاتحاد الأوروبي بعد بريكست. وقال في مؤتمر تجاري في لندن "سيتمكن الاتحاد الأوروبي من جعل الوصول إلى السوق البريطانية جزءاً من عرضه الخاص بأي اتفاق تجاري وسنجد أنفسنا في موقف فريد في تاريخنا التجاري حيث ستتم المتاجرة بنا. سنكون سلعة في تلك الاتفاقية الخاصة، حيث سيعرض الاتحاد الأوروبي الوصول للسوق البريطانية كجزء من عرضه التفاوضي".
وأضاف "إن وضعاً مماثلاً سيجعل من بريطانيا متلقياً للأوامر، وفي ما يتعلق بقدرتنا على صياغة سياستنا التجارية، فإننا سنكون في وضع أسوأ مما نحن عليه الآن داخل الاتحاد الأوروبي".
وتأتي تصريحات فوكس بعد اندثار الأمل بوصول العمال والمحافظين إلى اتفاق بين الحزبين حول صفقة بريكست، حيث نقلت صحيفة "ذا غارديان" عن مصادرها في حزب العمال أن وفده التفاوضي لا يرى تحولاً في الموقف الحكومي، والذي لا يتجاوز إعادة صياغة لصفقة رئيسة الحكومة تيريزا ماي.
وبينما وصف العمال أجواء التفاوض بالمتوترة، قالت رئاسة الوزراء إن المباحثات "بناءة ومفصلة" مؤكدة على نية الفريقين الاستمرار في التفاوض اليوم الأربعاء، مع وجود نية في الأيام المقبلة بتحديد ما إذا كانت هذه المفاوضات ستأتي بأية نتيجة.
إلا أن ماي أقرت بعدم قدرة هذه المفاوضات على الوصول إلى حل قبل موعد الانتخابات الأوروبية المقررة في 23 مايو/ أيار، حيث كانت تسعى لتجنب خوضها من خلال إقرار بريكست قبل موعدها.
وعلقت وزيرة الأعمال في حكومة العمال المعارضة، ريبيكا لونغ بيلي، بقولها "كما قلنا سابقاً، يجب على الحكومة أن تتحرك حول خطوطها الحمراء. مستعدون لتقديم التنازلات ولكن من دون وجود حكومة مستعدة للتنازل، يصعب أن نرى كيفية الوصول إلى أي اتفاق".
ولكن أيدي زعيم حزب العمال البريطاني جيرمي كوربن وماي مقيدة بمواقف حزبيهما من المفاوضات الجارية بينهما حالياً. فبينما يرفض نواب العمال دعم أي اتفاق من دون وجود استفتاء شعبي عليه، تواجه ماي رفضاً واسعاً للاتحاد الجمركي، وتحدياً مستمراً لزعامتها للحزب بين دوائر مؤيدي بريكست.
فقد انضمت أندريا ليدسوم، زعيمة الكتلة المحافظة في البرلمان، والوزيرة في حكومة ماي، إلى قائمة المرشحين المحتملين لخلافة ماي في زعامة الحزب، عندما أعربت عن نيتها الترشح صباح اليوم على شاشة "آي تي في".
وقالت ليدسوم أيضاً عن موقفها من ماي "لقد دعمتها خلال السنوات الثلاث الأخيرة لتطبيق بريكست، وقالت إنها سترحل. ولذلك فإني أفكر جدياً بالترشح".
وأضافت "إذا كان لدينا مؤيد حقيقي لبريكست (في رئاسة الوزراء) فإن الأمور كانت ستسير بطريقة مختلفة وكنا سنكون خارج الاتحاد الأوروبي بحلول هذا الوقت." ويجدر بالذكر أن ليدسوم وماي تنافستا على زعامة المحافظين عام 2016 لخلافة ديفيد كاميرون الذي استقال بعد استفتاء بريكست.
إلا أن ماي لا تزال تحظى بدعم جناح من حزبها، وهو ما يتجلى في تصريحات أليستر بيرت، وزير الدولة السابق لشؤون الشرق الأوسط، للبي بي سي صباح اليوم "أعتقد أن رئيسة الوزراء واعية جداً للضغوط عليها، ولكنها مصممة على تطبيق المرحلة الأولى من بريكست، وأعتقد أنه الأمر الصحيح. من الضروري أن نصل إلى تقدم حول الموضوع وأعتقد أن رئيسة الوزراء مصممة على ذلك".
وكانت تجددت مسألة الإطاحة بماي من زعامة المحافظين هذا الأسبوع مع إعراب العديد من صناع القرار داخل المحافظين عن نيتهم تعديل قواعد الحزب الداخلية لإتاحة المجال أمام التصويت على الثقة بزعامة ماي للحزب.
وسيلتقي أعضاء من مجموعة 1922 البرلمانية، والتي تجمع نواب المحافظين في البرلمان، بعد ظهر اليوم للبت في تعديل قوانين الحزب الداخلية بما يسمح بحصول انتخابات داخلية في الأسابيع المقبلة. وكان اجتماع آخر للجنة عقد الأسبوع الماضي قد أسفر عن رفض تعديل القوانين الداخلية للحزب وبأغلبية تسعة أصوات مقابل سبعة.
وتتمتع ماي حالياً بحماية قوانين الحزب، حيث لا يمكن التصويت على الثقة في زعامتها له إلا بعد مرور عام على التصويت الأخير، والذي تم في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
إلا أن التأجيل المستمر لبريكست، والنتائج السيئة للحزب في الانتخابات المحلية الجزئية التي جرت الأسبوع الماضي، رفعت من أعداد المطالبين باستقالتها، أو أقله في تحديد برنامج واضح لمغادرتها لمنصبها.
ويعزز من هذه المخاوف التوقعات بأن يصبح حزب بريكست حديث التأسيس، والذي يترأسه نيجل فاراج، أكبر من حزب المحافظين، حيث التأييد الشعبي، وخاصة أن حزب بريكست يتغذى على نقمة ناخبي المحافظين على حزبهم.
وعلق نائب رئيس حزب المحافظين السابق روبرت هالفون، في تقييمه للوضع على صفحة الحزب الرئيسية على الإنترنت بالقول إن موقف حزب المحافظين أسوأ مما تتخيله قيادته. وقال هالفون إن حزب بريكست سيتمكن من تجاوز المحافظين في الانتخابات العامة المقبلة إذا لم يتم بريكست قبل موعدها. وقال: "يمثل حزب بريكست الجديد تسونامي من القلاقل السياسية".
وأضاف "في أشهر قليلة، وإذا استمر الوضع على حاله، فسيتمكنون من تجاوز أعداد المنتسبين لحزبنا. وإذا جرت انتخابات عامة ولم نغادر الاتحاد الأوروبي بعد، أو جرى استفتاء ثان، فإن احتمال التغيير في داوننغ ستريت سيكون هائلاً".
وكان حزب المحافظين قد خسر نحو ثلث المجالس المحلية التي يسيطر عليها ومنها أكثر من ألف ومائتي مقعد في المجالس المحلية في الانتخابات التي جرت الخميس الماضي، بينما لم يشارك حزب بريكست في هذه الانتخابات.