على الرغم من الحملة الدعائية التي أطلقها اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأميركية "أيباك" ضد الاتفاق النووي مع إيران، إلا أن مذكّرة سرية للقنصل الإسرائيلي العام في فيلادلفيا، يرون زايدمان، كشفت عنها صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أظهرت أن يهود الولايات المتحدة غير مؤيدين للموقف الإسرائيلي من الاتفاق مع إيران، وأن قسماً كبيراً منهم مؤيد للاتفاق، في حين يتخبط الباقون في مواقفهم.
وتعكس هذه المذكرة، وفقاً لـ"هآرتس"، قناعة سائدة عند غالبية قناصل إسرائيل في الولايات الأميركية، بأن يهود الولايات المتحدة يعارضون الموقف الإسرائيلي، وهو ما دفع جهات إسرائيلية رفيعة المستوى في الخارجية الإسرائيلية، للإعراب عن أملها بأن يأخذ يهود الولايات المتحدة، موقفاً محايداً ولا يتدخلوا في النشاط الإسرائيلي الدائر في أميركا لحث الكونغرس الأميركي على رفض الاتفاق، بحسب الصحيفة.
وجاء في المذكرة التي كشفت عنها "هآرتس"، أن يهود الولايات المتحدة منقسمون على بعضهم ويواجهون صعوبة في دعم وتأييد سياسة الحكومة الإسرائيلية، ففي نقطة حاسمة بشأن المسألة الإيرانية، التي تقوم في صلب السياسة الخارجية لإسرائيل منذ سنوات، وتم تعريفها مرات لا تحصى من قبل القيادة الإسرائيلية بأنها "خطر وجودي"، فإن المجتمع اليهودي في الولايات المتحدة لا يقف "كجسم موحّد وراء إسرائيل، وتقف قطاعات منه على الحياد".
وتأتي التمنيات الإسرائيلية بموقف محايد ليهود أميركا، على ضوء اتساع الفجوة بين مواقف هؤلاء اليهود والحكومة الإسرائيلية، وخصوصاً في صفوف اليهود المنتمين للتيارين الإصلاحي والمحافظ، الذين يلقون معارضة وتشكيكاً في يهوديتهم من قِبل المؤسسة الأرثوذكسية اليهودية في إسرائيل، وهو ما يفاقم من حدة تراجع دعمهم لسياسات إسرائيل الرسمية، خصوصاً بفعل دعم الحكومة الإسرائيلية لخط المؤسسة الدينية الأرثوذكسية في كل ما يتعلق بيهودية المحافظين والإصلاحيين من الولايات المتحدة.
اقرأ أيضاً: الاتفاق الإيراني ــ الغربي... إسرائيل أمام تحديات غير نووية
ووفقاً للقنصل الإسرائيلي المذكور، ففي لقاء له مع مدير إحدى اللجان اليهودية في فيلادلفيا، أبلغه الأخير عن الآراء المختلفة التي يسمعها من الناشطين في المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة، والتي تعكس بحسبه قناعة بأن مكانة إسرائيل مقابل الإدارة الأميركية قد انحدرت إلى الدرك الأسفل، الأمر الذي قد يؤثر سلباً على اليهود الأميركيين.
ويرى هذا المسؤول اليهودي الأميركي أنه خلال السنة والنصف المقبلة، فإن مجال المناورة المتاح أمام الحكومة الإسرائيلية، كما أمام الجماعات اليهودية في الولايات المتحدة في كل ما يتعلق بالترويج وخدمة المصالح الإسرائيلية، محدود للغاية بل وحتى معدوم تقريباً، وعليه فإن مدير المنظمة المذكورة أبلغ القنصل الإسرائيلي بأنه غير معني باتخاذ خطوات قد تفاقم من الوضع القائم وتضر بالمجتمع اليهودي في فيلادلفيا.
وبحسب القنصل الإسرائيلي، فإن مسؤول المنظمة اليهودية المذكور، المؤيد للاتفاق مع إيران، يرفض ويعارض بشدة مساعي الحكومة الإسرائيلية وضغوطها على النواب الديمقراطيين في الكونغرس لرفض الاتفاق حتى لا يضر ذلك بيهود الولايات المتحدة.
وكان السفير الإسرائيلي السابق في الولايات المتحدة، النائب الحالي في الكنيست مايكل أورن، قد اتهم قبل أسابيع مجموعة من "الموظفين اليهود الإصلاحيين والمحافظين" العاملين في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما بالمسؤولية عن "سياسة أوباما المعادية لإسرائيل". وسبق لأورن نفسه في كلمته أمام مؤتمر هرتسليا السنوي في فبراير/شباط الماضي، أن حذر من أن إسرائيل تفقد تأييد قطاعات واسعة من اليهود الأميركيين بفعل موقف المؤسسة اليهودية الأرثوذكسية من يهوديتهم، وهو ما يجعلها تبدو في نظرهم أصولية متشددة وغير ليبرالية.
واعتبر أورن في كلمته المذكورة أن هذا الأمر ينعكس أيضاً على مواقفهم السياسية وخصوصاً في كل ما يتعلق بحقوق الإنسان وحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير. ورأى أنه لا يمكن الاستهانة بهذا الشرخ وخصوصاً أن مستقبل القرار السياسي في الولايات المتحدة سيكون لأسباب ديمغرافية أيضاً، مرهوناً بمواقف الأميركيين من أصول لاتينية (هسيبان) والسود الأميركيين، وهي شرائح تربطها بيهود الجماعات المحافظة والإصلاحية مواقف مشتركة في قضايا حقوق الإنسان والحرية.
اقرأ أيضاً: نتنياهو والنووي الإيراني: التعويل على الفوضى لإسقاطه