12 مسلحاً يعيقون الخطة الأمنية في لبنان

طرابلس

نادر فوز

avata
نادر فوز
20 مايو 2014
70656640-DBBF-4017-8148-F0F6D738F469
+ الخط -

عاد التوتر الأمني إلى مدينة طرابلس، شمالي لبنان، لساعات، فجر الإثنين الثلاثاء. غابت الصراعات المسلحة في باب التبانة ومحيطها بين المذاهب وميليشياتها (أو بين حلفاء حزب الله والنظام السوري وخصومهما)، وباتت الطلقات النارية مصدرها أو هدفها الجيش اللبناني. وتستكمل القوى الأمنية الرسمية تنفيذ الخطة الخاصة بالمدينة، فتدهم مستودعات الأسلحة وتوقف المطلوبين، أو على الأقل تحاول القيام بذلك. بعد أربعين يوماً من الهدوء في التبانة، اشتعلت المنطقة من جديد بأصوات الرصاص والقذائف. دهم الجيش ليل الإثنين الثلاثاء شارع الجهاد، فجاء الرد عليه بالرصاص والقنابل والقذائف الصاروخية. عادت القوّة المداهِمة أدراجها، وحُمّلت 11 جريحاً من عناصرها، وتركت على أرض التبانة آلية عسكرية من نوع "هامفي" محترقة بالكامل بعد استهدافها بقذيفة من نوع "آر بي جي".

أوقفت قيادة المنطقة في الجيش عملية الدهم مؤقتاً، وبقي ثلاثة من أبرز المطلوبين في أحيائهم طليقين، قبل أن يسلّم كل من خالد الراعي ومحمود الحلاق وطلال عيسى أنفسهم ليل الثلاثاء لاستخبارات الجيش اللبناني، بعد يوم على الحادثة.
نجحت الدولة اللبنانية في الأسابيع الستّة الأخيرة في فرض سلطتها المبدئية على معظم محاور القتال في "شارع سوريا"، الفاصل بين باب التبانة وجبل محسن (منطقة نفوذ الحزب العربي الديمقراطي، حليف النظام السوري). اعتقلت عشرات المتورطين في أعمال القتال من الطرفين. هجّرت قيادة الحزب العربي، تحديداً أمينه العام رفعت عيد، بالإضافة إلى عدد من المسؤولين العسكريين فيه. كذلك سلّم أبرز "قادة المحاور" في التبانة أنفسهم للدولة، سعد المصري وزياد علوكي وعامر قريش، وباتوا اليوم موقوفين في سجون الشمال. ونجح الغطاء السياسي الذي أُمّن من مختلف الأطراف للقوى الأمنية، في وقف أعمال العنف واستكمال الخطة الأمنية بعمليات رصد ودهم وجلب وتوقيف. انسحبت الميليشيات المدعومة سياسياً من المشهد بشكل كامل، فمع من اشتبك الجيش فجر الثلاثاء؟


رباعي خارج عن القانون

لا تزال التبانة ملجأً لعدد من زعماء الأحياء المسيطرين على مجموعات مسلّحة صغيرة. تعيش هذه المجموعات، بحسب المطلعين على الواقع الميداني للمنطقة، من فرض خوّات وضرائب على الناس والتجار. ارتبطت في فترات سابقة "مالياً وسياسياً بالقوى الطرابلسية، إلا أنّ دورها ظلّ ثانوياً". افتقرت للدعم السياسي المباشر، وبالتالي لغطاء الأطراف وللتموين العسكري. ارتدت هذه المجموعات عباءةً إسلامية، في محاولة منها لحماية نفسها من الخطة الأمنية في الشمال، ولاستمالة الشارع الطرابلسي حيث الاحتقان المذهبي يتفاعل وينمو منذ سنوات.
ومع بدء تطبيق الخطة الأمنية، بقيت هذه المجموعات وحيدة. حاولت القوى الإسلامية استيعابها من دون أن تنجح في ذلك، حتى لا تتحمّل تبعات أعمالها أو تتورّط بأفعالها الجرمية وتوضع في خانة المسؤول عنها. غضّت الدولة "النظر عنها في الأسابيع الماضية لتتم معالجة الملفات الأمنية الأكبر والأدسم"، أي ملفات المصري وعلوكي وقريش. حان اليوم "وقت توقيف كل هذه الزمر الخارجة عن القانون"، على ما يقول أحد الضباط الأمنيين لـ"العربي الجديد". ويمكن اختصار هذه الحالة بمجموعة من الأسماء، هي: خالد الراعي، أسامة منصور، طلال عيسى ومحمود حلاق. وفي وقت متأخر من مساء الثلاثاء، سلّم كل من خالد الراعي ومحمود الحلاق وطلال عيسى أنفسهم لاستخبارات الجيش اللبناني، بعد يوم على الحادثة، ليبقى في التبانة أسامة منصور متخفياً، آخرين من المسؤولين عن حوادث متفرقة بالاعتداء على الجيش وعلى مواطنين من جبل محسن.

تتميّز قضية هذا الرباعي الخارج عن القانون، فضلاً عن غطائهم السياسي المفقود، بكونه متورطاً في عمليات أمنية مباشرة بوجه الجيش وسائر القوى الأمنية. هم متهمون بإطلاق النار على العناصر الأمنيّة واستهداف مواقعها بقنابل يدوية ورشقات نارية، إضافة إلى كون الأربعة مسؤولين عن تنظيم وتنفيذ الاعتداءات على المواطنين العلويين في الأشهر السابقة، في ملاحقتهم في شوارع المدينة، وإطلاق النار على أرجلهم في محاولة لترهيب العلويين، ومنعهم من تخطي أسوار جبل محسن، بعد التثبّت من هويّاتهم المذهبية.

حسم أمني رغم المعوّقات

واكبت القوى السياسية المحلية هذا التطوّر الأمني في طرابلس، وسارعت إلى تأكيد تأييدها لخيار الدولة والجيش. الأمر الذي من شأنه أن "يدفع القوى الأمنية إلى استكمال خطتها في التبانة، وعدم وقف المداهمات"، بحسب ما يقول لـ"العربي الجديد" أحد رجال الدين المعنيين بالوضع الطرابلسي. لا يتجاوز عدد المتورّطين في عمل هذه المجموعات العشرين شخصاً، على ما يقول العارفون في تفاصيل التبانة. حتى أنّ المواجهة الأخيرة التي حصلت مع الجيش، ليل الإثنين، لم يشارك فيها سوى 12 مسلحاً فقط، تمكنوا من إقفال أبواب المنطقة في وجه عناصر الجيش وآلياته.
إلا أنّ ما يصعّب مهمّة الدولة في توقيف هذا الرباعي الخارج عن القانون، وجودهم في منطقة سكنية في التبانة "ما يحول دون مواجهتهم عسكرياً بشكل مريح". وخصوصاً أنّ حالة شعبية تدعمهم، أكان عن قناعة أو حتى اضطرارياً بسبب سيطرتهم على هذه الأحياء وتحكّمهم بكل التفاصيل الحياتية فيها. ما قد يدفع الأمنيين المعنيين إلى اعتماد أسلوب آخر، غير المواجهة العسكرية المباشرة، لحسم الخطة الأمنية في التبانة.

ذات صلة

الصورة
مسيرة في رام الله منددة باغتيال حسن نصر الله (العربي الجديد)

سياسة

خرج المئات من الفلسطينيين والأردنيين، مساء السبت، بتظاهرتين، الأولى في رام الله والثانية في العاصمة عمّان، وذلك تنديداً باغتيال حسن نصر الله.
الصورة
مبنى تعرض للقصف الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت، 26 سبتمبر 2024 (Getty)

سياسة

أطلق الاحتلال الإسرائيلي اسم "ترتيب جديد" بعد إعلانه اغتيال حسن نصر الله ملوحاً بالتصعيد أكثر في لبنان وموجهاً رسائل لإيران وحركة حماس
الصورة
جانب من تعزيزات الاحتلال العسكرية قرب الحدود اللبنانية، 1 نوفمبر 2023 (فرانس برس)

سياسة

يواصل جيش الاحتلال حشد مزيد من الدبابات والقوات البرية على الشريط الحدودي، تزامناً مع تهديدات متكررة من قادته بشن عملية برية في لبنان
الصورة
نتنياهو قبيل قائه هاريس في واشنطن، 25 يوليو 2024 (Getty)

سياسة

تراجع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، اليوم الخميس، عن التفاهمات مع الإدارة الأميركية بشأن الحرب على لبنان رافضاً إصدار بيان اتفق عليه مع الوسطاء.
المساهمون