ويتعرّض ريف إدلب الجنوبي، منذ أسبوعين، لتصعيد في قصف تشنه طائرات سورية وأخرى روسية، يتزامن مع تقدم لقوات النظام على الأرض في مواجهة الفصائل المقاتلة، و"هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، وتحديداً في محيط مدينة معرة النعمان، التي تُعد ثاني أكبر مدن محافظة إدلب.
وأورد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، في بيان، بحسب ما ذكرته "فرانس برس"، أنّه "بين 12 و25 ديسمبر/كانون الأول الجاري، نزح أكثر من 235 ألف شخص من شمال غرب سورية"، مشيراً إلى أن كثيرين منهم فروا من مدينة معرة النعمان وقرى وبلدات في محيطها، وجميعها باتت "شبه خالية من المدنيين".
ويتوجه الفارون بشكل أساسي إلى مدن أبعد شمالاً مثل إدلب وأريحا وسراقب، أو إلى مخيمات النازحين المكتظة بمحاذاة الحدود مع تركيا، ومنهم من يذهب إلى مناطق سيطرة الفصائل المدعومة من أنقرة شمال حلب.
وأشار التقرير إلى أن بعض النازحين ممن فروا إلى منطقة سراقب شمالاً، اضطروا إلى النزوح مرة أخرى تفادياً للتصعيد الذي قد يطاولها أيضاً.
وأفاد مراسلو وكالة "فرانس برس" في إدلب، عن موجات نزوح ضخمة رصدوها، خلال الأيام الماضية، إذ اكتظت الطرقات المؤدية إلى شمال المحافظة بشاحنات وسيارات محملة بالنازحين وحاجياتهم المنزلية.
وتسيطر "هيئة تحرير الشام" على الجزء الأكبر من محافظة إدلب، التي تؤوي ومحيطها نحو ثلاثة ملايين شخص، نصفهم تقريباً نازحون من مناطق أخرى. وتنشط فيها أيضاً فصائل إسلامية ومعارضة أقل نفوذاً.
ومنذ سيطرة الفصائل المقاتلة على كامل المحافظة في العام 2015، تصعد قوات النظام بدعم روسي قصفها للمحافظة أو تشن هجمات برية تحقق فيها تقدماً وتنتهي عادة بالتوصل إلى اتفاقات هدنة ترعاها روسيا وتركيا.
وسيطرت قوات النظام خلال هجوم استمر أربعة أشهر، وانتهى بهدنة، في نهاية أغسطس/آب، على مناطق واسعة في ريف المحافظة الجنوبي، أبرزها بلدة خان شيخون الواقعة على الطريق الدولي الذي يربط مدينة حلب بالعاصمة دمشق.
ويتركز التصعيد العسكري، اليوم، على مدينة معرة النعمان ومحيطها شمال خان شيخون، والواقعة أيضاً على هذا الطريق الاستراتيجي.
وحققت قوات النظام تقدماً ملحوظاً، خلال الأيام الماضية، بسيطرتها على عشرات القرى والبلدات في الريف الجنوبي، كما حاصرت نقطة مراقبة تركية شرق معرة النعمان.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، اليوم الجمعة، باستمرار الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام من جهة و"هيئة تحرير الشام" والفصائل الأخرى من جهة ثانية شرق معرة النعمان، بالتزامن مع قصف مدفعي يستهدف قرى وبلدات في محيط المدينة.
مليون نازح في 2019
إلى ذلك، قال "فريق منسقو الاستجابة في سورية"، إنه وثق نزوح 962.392 إلى مخيمات في منطقة إدلب وريف حلب جراء الهجمات من قوات النظام وحلفائه، خلال عام 2019، كما وثق أيضا نزوح مئات الآلاف نحو مناطق متفرقة في إدلب ومحيطها.
وقال الفريق في أحدث بيان، اليوم الجمعة، إنّ 1153 مخيماً تم تشييده في منطقة شمال غرب سورية، خلال العام، من بينها 242 مخيماً عشوائياً تضم 121.832 نازحاً.
وقال الفريق إنّ حجم التصعيد من النظام والروسي، ما بين فبراير/شباط وسبتمبر/أيلول، أدى إلى نزوح 966.140، بينما أدى التصعيد، خلال نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول، إلى نزوح 216.632 شخصاً، ليصل عدد النازحين داخليا إلى 1.128.722 شخصاً.
وأوضح أنّ عدد السكان في المنطقة 4.352.165 نسمة؛ 49% منهم مهجرون ونازحون قسرياً، مشيراً إلى توثيق مقتل 1233 مدنيا من بينهم 470 طفلاً.
Facebook Post |
كما وثق الفريق مقتل ثمانية من العاملين ضمن المجال الإنساني، و11 من فرق الدفاع المدني و12 مسعفاً، وسبعة من العاملين ضمن الكوادر الطبية.
وبيّن الفريق وجود 185.622 يتيماً تحت سن الثامنة عشرة، فضلاً عن وجود 194.887 من ذوي الاحتياجات الخاصة و39.116 أرملة.
وعرض بيان الفريق قصف النظام واستهدافه لـ 504 من المنشآت المدنية الحيوية والخدمية كالمستشفيات والمدارس والمساجد والبنى التحتية.