تتعرض المدرسة العمومية في المغرب إلى تدمير ممنهج، على الرغم من تعاقب مشاريع الإصلاحات الفاشلة. وأصبح الحقل التعليمي يعيش على إيقاع الإضرابات المتوالية لمختلف الفئات التعليمية المنتمية لوزارة التربية والتعليم، ما ينذر بسنة بيضاء تلوح بوادرها في الأفق.
كان التعليم المغربي منذ فجر الاستقلال محط تجاذبات سياسية أوصلته إلى الحضيض، وأصبح إصلاحه رهين جدلية ''إصلاح الإصلاح'' التي يُراد منها تدمير المدرسة العمومية، ودفع الأسر إلى التوجه صوب المدارس الخصوصية، فالمدرسة العمومية اليوم أصبحت بناياتٍ متناثرة هنا وهناك.
التخطيط الجيد للمستقبل مرتبط بطبيعة اللحظة التي نعيشها في الحاضر، فماذا تنتظر من إنسان يرفض حاضره باستمرار؟ أكيد لن ينجح في تخطيط مستقبله المنشود ولن يصل إلى تحقيق أهدافه وطموحاته؟.
لا يمكن محاربة ثقافة التسطيح من دون إحداث تغيير حقيقي في واقع منظومة التربية والتكوين، لتساير الواقع المعاش المتصف بالتغير والتطور المضطرد يوما بعد يوم. لأن الاستثمار في الرأسمال البشري وحده الكفيل بتحقيق مقومات التطور والازدهار.
لايمكن للأمة العربية أن تحجز مقعداً مع ركب الدول المتقدمة، إلا باعتماد سياسة تعليمية ناجعة. ولعل النصيحة التي قدمتها وزيرة التعليم الفنلندية بأن تطورأي مجتمع لن يتأتى إلا بالتعليم، ثم التعليم، فالتعليم، خير مثال لكل الشعوب التواقة إلى التحرر والتغيير.
استعان نابليون بآلة إعلامية شرسة أوكل إدارتها للخنزير ''سكويلر'' الذي أصبح يطبل ويزمر لإنجازاته صباح مساء، ويكيل الاتهامات وكل ما هو سيء إلى الخائن سنوبول. لتزداد حالة المزرعة سوءا على سوء، وتصبح الثورة كابوسا في أعين من عاشوها.
آلية الثنائيات المنتهجة لن تسمح بتشكيل عقلٍ يؤمن بالحق في الاختلاف والتسامح والبناء الديمقراطي السليم، بل ستكرس جدلية الصراع الدائم والهدام المبني على منطق ''إما أنا أو أنت''، وليس منطق ''أنا وأنت''.
يحتاج التغـير المنشود في الأوطان العربية إلى التخلي عن سياسة مطاردة "السحرة" التي لن تجدي نفعا، والقــــيام بنقد العــقل العربي ''المستقيل" من تحمل المسؤولية والإعتراف بالأخطاء وتسمية الأشياء بمسمياتها.
رغم رحيل الجلاد/المحتل لم يتغير شيء في الواقع المعاش، بل جاء الجلاد المحلي الذي جثم على الصدور لعشرات السنين، وخابت الآمال في التغيير المنشود، وتحولت الأماني والطموحات إلى آلام جعلت شعوبا بأكملها تعيش في حوض آسن من الظلم والإستغلال.
النهج التبريري أحد أهم إفرازات الواقع المعاش المتسم بالتعقيد والتبدل، نظرا لاتساع الهوة بين أحلام الشعب والشعارات السياسوية الفارغة المرفوعة خلال الحملات الانتخابية، والحكومة الحالية ليست سوى أداة مسخرة تشتغل داخل نسق مرسوم من طرف دوائر خارجية.