كل ما قدمه الرئيس المخلوع، علي عبدالله صالح، لليمن لم يكن أكثر من احتشادات وعنتريات، لم تكن انتصاراً لتراب اليمن، بل كانت من أجل الحفاظ على السلطة، بشعار "إن هي حجنا"، أي أن الثروة، والسلطة ملك حصري لهم.
لو طرحنا سؤالاً منطقياً: من هم أعداء التغيير، على مستوى الجمهورية اليمنية؟ لا شك في أنهم مراكز قوى الهضبة الزيدية، حصراً. فهل طُبع اليمنيون لأن يظلوا عبيداً لهذا النظام؛ عقداً فعقداً؟
مراكز قوى الهضبة الزيدية هي العدو الأول والأزلي لكل مشاريع التغيير، إذ إنه ليس معقولاً أن يظل الأغبياء، ودخلاء التحليل السياسي، يجلدون أبناء تعز قاطبة، ويتركون الرؤوس المحركة، والممولة لمسلسل القتل والدمار في المدينة، وبقية مديريات المحافظة.
من سخريات الزمن أن نسمع ونقرأ لصحافيين يمتدحون علي عبدالله صالح حتى اليوم، وهم من كانوا بالأمس من أشد منتقدي سياسته الإجرامية، ليتحول اليوم إلى "مانديلا اليمن"، وحزبه في نظرهم الحامل الأوحد لـ "المشروع الوطني"
لا يمكن بأي حال أن يظل اليمنيون عبيداً لوصاية الدول الأخرى، كشعب عربي عريق. هذا الشعب لم ولن يقبل بعد اليوم، بعبودية الآخر، ما دام في القلب نبض الولاء للوطن، وفي العينيين احمرار الغضب اليماني، الرافض كل أشكال الارتهان.
تنقصنا في اليمن جبهة وعي شاملة موحدة، خطاباً وفكراً، ولاؤها لله والوطن والإنسان، تفند ماكنة تزييف الوعي لنظام مقيت، لم يرحل إلا في مخيلة المغفلين، حيث كلما تصاعد وجع الوضع الحياتي في اليمن، دفعهم إلى الترحم على علي عبدالله صالح.
كلما بدأ يرتفع صوت العقل، لإنهاء مأساة اليمنيين، توّسّعت رقعة اللهب، فيما يؤكد وجود نزعة شيطانية، تصب من الخلف مزيداً من الزيت، على نار وقودها الإنسان والشجر والحيوان والبيئة ومستقبل الوطن برمته، على حد سواء.
استيقظ الشعب اليمني من سباته الطويل، إزاء ما يتعرّض له من مؤامرات، من قوى الهضبة الزيدية التي ظلّت تحكم قبضتها الاستبدادية، على شعب اليمن الذي كلما أطلّ بصوته لطلب التغيير، فقمع بشتى أنواع الإتهامات.
ستة عقود، واليمنيون يعيشون عصور التخلف الممنهج في بلد اليمن السعيد الذي لم يكن سعيداً، إذ لطالما أنهكته الظلامية الناتجة عن السياسيات العشوائية التي ولَّدت الكوارث والأزمات بشكل متصاعد.
لم يكن عهد علي عبد الله صالح في اليمن ملائكياً، ولم يكن مناهضوه شياطين، فإذا كان إبليس اعترف بعظمة الله، فالدكتاتور علي عبدالله صالح لم يعترف بعظمة شعبٍ أراد التغيير، شعبٍ لم ولن يتنازل عن حلمه، طال الزمن أو قصر.