الديمقراطية ليست حلًا ولا مشكلة
ينقسم الحوار حول الديمقراطية إلى فريقين: فريق يرى أنّ الديمقراطية هي الحل لمشاكل الدولة، والآخر يرى أنّ الديمقراطية هي سبب الخراب والدمار. ليس ذلك الانقسام وليد اللحظة، بل هو ضارب في جذور التاريخ.
هل الديمقراطية هي الحل؟
لا أهتم بالإجابة عن هذا السؤال، وما يهمني في الحقيقة، سؤال آخر: هل الديمقراطية حق من حقوق المجتمعات أم لا؟
لا أقلّل من شأن السؤال الأول، فهناك العديد من الأوراق التي خُطّت للإجابة عنه. الإجابة بالإيجاب عن السؤال الأول تستند إلى بعض الحجج مثل أنّ الديمقراطية تنتقي الرأي الأفضل بين الآراء، وأنّ المجتمع الديمقراطي أفراده ومؤسساته أقوى من غيرها. ومع ظهور الدراسات الإحصائية، ظهرت حجج تقول بأنّ الدول الديمقراطية ذات دخل قومي أعلى من غيرها، وأنّها دول لا تظهر فيها المجاعات وغيرها من الدراسات النوعية والكمية.
المجيبون بالسلب يقولون إنّ الجماهير لا تستطيع الحكم، ولا يمكن استئمانها على قرارات بتلك الخطورة، لأنّ العامة غير متخصّصين في مسائل الحكم والسياسة، وأنّه في المجتمع الديمقراطي تنشأ الفتنة بين أفراده ويقلّ التآلف بينهم، وأمّا الدراسات، فلها دراسات مضادة.
ينبغي النظر إلى الديمقراطية باعتبارها شكلًا من أشكال الحرية الجمعية، التي لا يجوز الحجر عليها أو تعليقها
أما السؤال الثاني، فبسيط للغاية. هل ترى أنّ من حق كلّ فرد من أفراد المجتمع أن يشارك في صناعة القرارات التي تخصّه وتخصّ مجتمعه؟ الاجابة بالسلب أو بالإيجاب لا تعتمد على الآثار المباشرة للممارسة الديمقراطية، بل تعتمد على مفهومك للفرد، وللدولة، والسياسة، والحكم.
يذكر أنّ شتّى الإيديولوجيات نجد فيها تيارات تدعم الديمقراطية وتيارات تُعاديها.
الشرعنة للديمقراطية كما أراها تقوم على الحق، حق أغلبية المجتمع أن تقوم على شؤونه وقضاياه فقط. قرارات الديمقراطية ليست صحيحة على الدوام، لكن ذلك لا يهم، لأنّ الحرية على المستوى الفردي لا تُسلب من الفرد إن كان يسيء استخدامها، والمجتمع كذلك. ينبغي النظر إلى الديمقراطية باعتبارها شكلًا من أشكال الحرية الجمعية، التي لا يجوز الحجر عليها أو تعليقها.