شغلت أزمة البنزين التي تشهدها العاصمة الليبية طرابلس والعديد من مناطق البلاد، المواطنين عن التبضع في مثل هذه الأيام استعداداً لشهر رمضان، الذي يحلّ نهاية هذا الأسبوع، إذ يمضي كثيرون ساعات طويلة في البحث عن محطة يتوفر فيها الوقود أو الانتظار للحصول على بضعة لترات، بينما تنكر شركة البريقة الحكومية المسؤولة عن تسويق النفط عدم وجود أزمة.
"انقضى نصف اليوم وأنا أبحث عن محطة بنزين في طرابلس، والنصف الآخر خلال الانتظار في طوابير من أجل تعبئة سيارتي بالوقود"... هكذا يلخص عز الدين صميدة، حال المواطنين في البحث عن البنزين هذه الأيام، مؤكداً في تصريح لـ"العربي الجديد" أن معظم محطات الوقود مقفلة ولا تعمل سوى محطات معدودة.
وأضاف: "بدلاً من التسوق وشراء السلع استعداداً لشهر رمضان، ننتظر في طوابير طويلة للتزود بالوقود، فمشهد السيارات المزدحمة وحاملو الغالونات يسود الوضع حالياً".
وأمام محطة وقود في طريق الشط بالقرب من وسط العاصمة، قال سامي الخويلدي لـ"العربي الجديد"، إنّ مشكلة البنزين تتكرر بين الحين والآخر، ولا حلول.
في المقابل، قال الناطق باسم شركة البريقة لتسويق النفط، أحمد المسلاتي، لـ"العربي الجديد" إنّ "الوقود متوفر والصهاريج تزود المحطات باستمرار، كما أن هناك الناقلة أنوار الخليج راسية في ميناء طرابلس، وعلى متنها 34 مليون لتر من الوقود لتغطية أي عجز".
في الأثناء، اعتبرت شركة البريقة لتسويق النفط، في بيان لها، أن الازدحام أمام محطات الوقود مشهد يتكرر في مثل هذه المناسبات الدينية التي يتم فيها ازدياد الطلب على الوقود وباقي السلع استعداداً لشهر رمضان، مشيرة إلى أنّ محطات الشركة وبعض المحطات الأخرى التابعة لشركات التوزيع ستكون مفتوحة أمام الجمهور وعلى مدار الساعة.
لكنّ رئيس نقابة النفط سالم الرميج قال، عبر اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن استمرار المشاكل الإدارية لدى بعض شركات توزيع الوقود بجانب مشاكل فنية تتعلق بالصيانة، تتسبب في تكرار أزمة تزود المحطات بالوقود، مضيفاً أن هذا "الأمر لا يدعو إلى القلق".
بدوره، قال المحلل الاقتصادي وئام المصراتي، إن مبررات شركة البريقة لتسويق النفط حول الأزمة غير مقبولة، مشيراً إلى أن هناك مشكلة حقيقية تتعلق بحدوث مشاكل قانونية وانقسام داخل مجالس إدارات شركات توزيع الوقود، مما يتسبب في عدم وصول البنزين إلى الكثير من المحطات، بينما المحطات التابعة لشركة البريقة قليلة جداً.
وأضاف المصراتي لـ"العربي الجديد" أن الأزمة تسببت في وصول سعر البنزين في السوق السوداء إلى خمسة أضعاف سعره الرسمي، ما يدعو أيضاً إلى التساؤل حول وصول البنزين إلى هذه السوق. ويقدّر دعم الوقود بنحو 3.9 مليارات دولار سنويا.
ويُوزَّع الوقود عبر أربع شركات، "الراحلة" و"الشرارة الذهبية للخدمات النفطية" و"خدمات الطرق السريعة" و"ليبيا للنفط"، إذ تحصل على المشتقات البترولية من شركة البريقة، المسؤول الرئيسي عن الإمدادات.
وسبق أن شهدت البلاد نهاية فبراير/شباط الماضي نقصا حادا في الوقود، على خلفية أزمة بين شركتي "البريقة" و"الشرارة الذهبية"، ما دعا رئيس حكومة الوحدة الوطنية إلى التدخل بالدعوة إلى توجيه تعليمات لشركة البريقة بضرورة تزويد جميع المحطات بالوقود دون الرجوع والتنسيق مع شركات التوزيع العاملة في السوق.
وكانت "البريقة" و"الشرارة الذهبية" قد تبادلتا حينها الاتهامات حول التسبب في الأزمة، إذ قالت شركة الشرارة إن "البريقة" أوقفت تسليم الوقود لها، بينما عملت على تسليمه "للخارجين عن القانون، ووضعه تحت تصرفهم دون حسيب أو رقيب"، وفق بيان لها. بينما قالت شركة البريقة، إن إيقاف تزويد محطات شركة الشرارة الذهبية للخدمات النفطية عائد لأسباب قانونية تتعلق بالتمثيل القانوني للشركة.