أسواق الغش في غزة... رواج أدوية ومواد تنظيف وسلع غذائية غير صالحة

20 سبتمبر 2024
تعبئة منتجات تنظيف محلية في دير البلح بوسط غزة في 8 يوليو 2024 (إياد بابا/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تدهور جودة البضائع**: أسواق غزة مليئة بالبضائع الرديئة والمغشوشة بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر، مما أدى إلى نقص حاد في البضائع الأساسية وارتفاع أسعارها.
- **تأثير الحصار على الحياة اليومية**: يعاني سكان غزة من نقص في مواد التنظيف والسلع الأساسية، مما يضطرهم لشراء بدائل رديئة بأسعار مرتفعة، مما يزيد من معاناتهم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
- **الآثار الاقتصادية والاجتماعية**: الاضطرار لشراء الأصناف المقلدة يسبب ضيقًا وضجرًا بين الناس، ويطالب البعض باستثناء المتطلبات الأساسية من الحصار وتوفيرها بأسعار مناسبة أو كطرود إغاثية.

تكتظ أسواق قطاع غزة بأصناف البضائع الرديئة و"المضروبة" والتي لاقت رواجا إجباريا بين المواطنين خلال الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي، وبفعل انعدام البدائل جراء الإغلاق الإسرائيلي المتواصل للمعابر.
ويضطر الفلسطينيون في القطاع إلى شراء تلك البضائع الرديئة وذات الفعالية المنخفضة، على الرغم من الغلاء الشديد في أسعارها، بفعل حالة النقص الشديد التي تسبب فيها الحصار المحكم منذ بدء الحرب قبل 11 شهرا، وتشديد الخناق بعد الاجتياح البري لمدينة رفح جنوبي القطاع، واحتلال معبر رفح، وعدم السماح بدخول أي بضائع تجارية، أو مساعدات إنسانية وإغاثية، أو أدوية ومستهلكات طبية منذ مطلع مايو/ أيار الماضي عبر المعبر الفلسطيني المصري.
 

أدوية وسلع مغشوشة

وتتعدد الأصناف المغشوشة والرديئة داخل الأسواق التي تعاني من شح كبير في مختلف البضائع، بدءا من مواد التنظيف المفقودة كالكلور ومساحيق الغسيل والأرضيات وسائل الجلي، أو مواد العناية الشخصية كالصابون والشامبو والبلسم وكريمات العناية بالبشرة ومعجون الأسنان والعطور ومستحضرات التجميل، وصولا إلى أصناف الأدوية البديلة وغير الفعالة، والتي يتم بيعها على بسطات صغيرة ومعرضة للشمس، الأمر الذي يزيد من خطورة استخدامها.

ويتسبب النقص الحاد في المواد الغذائية بعرض أصناف غير جيدة من البقوليات والأجبان والزيوت، كذلك عرض أصناف ضعيفة الجودة لمسليات الأطفال، إلى جانب بيع الأصناف الرديئة للمستلزمات المنزلية والمطبخية بأسعار خيالية، تزيد في بعض الأصناف عشرين ضعفا عن ثمنها الطبيعي، كما وصلت الأزمة إلى حد بيع بعض أصناف الخضار والفواكه المضروبة والتي يتم بيع الطازج منها بأسعار مرتفعة.
ويدفع تهافت الناس على شراء مواد التنظيف المفقودة بشكل كامل إلى تقليد العديد من أصنافها بجودة ضعيفة لا يمكن مقارنتها بالأصناف الأصلية، وخاصة الصابون والكلور ومسحوق الغسيل وساىل الجلي والشامبو، أو بيع الأصناف الرديئة والمصنعة آليا بأسعار مرتفعة، حيث يصل سعر قطعة الصابون ذات الجودة المنخفضة إلى 25 شيكل بعد أن كانت تباع بشيكل واحد، فيما وصل سعر لتر الشامبو ضعيف الجودة إلى 120 شيكل، وكان يباع في السابق بأقل من 10 شيكل، كذلك الأمر في باقي مواد التنظيف والتي تضاعفت أسعارها عشرات المرات. (الدولار = 3.75 شيكل).

شراء البدائل من أسواق غزة

تقول الفلسطينية أمل شنينو، والتي وقفت مع مجموعة نساء أمام برميل (وعاء) كبير لبيع سائل الجلي المصنوع محليا، إن النقص الحاد في مواد التنظيف خلق أزمة حقيقية، خاصة في ظل حياة النزوح التي تعيشها برفقة أسرتها، ما دفعها إلى التوجه لشراء البدائل على الرغم من علمها بجودتها المتدنية.
وتوضح شنينو لـ "العربي الجديد" أنها تشتري لتر سائل الجلي بـ 10 شيكل، فيما كانت تشتري اللتر ونصف في السابق بشيكل واحد، وتقول: "اضطر لوضع كمية كبيرة لتنظيف بعض الأواني، إلى جانب استخدام ذات السائل للاستحمام، بسبب فقدان الشامبو والصابون، أو توافر بعض الأصناف بأسعار فلكية".
وتلفت شنينو إلى أن الأسواق باتت مرهِقة من مختلف النواحي، سواء بالنقص الشديد في كافة الأصناف الأساسية والضرورية، أو بالأسعار المرتفعة للغاية، على الرغم من الجودة الضعيفة للأصناف المتوفرة، وذلك نتيجة الإغلاق الإسرائيلي للمعابر، وعدم السماح بدخول البضائع ذات الجودة العالية.
 

أسعار مبالغ فيها

من ناحيته، يبين الفلسطيني أحمد سلامة أن اضطرار الناس لشراء بعض الأصناف المقلدة والرديئة بأسعار تتجاوز أسعار الأصناف الأصلية عشرات المرات يسبب حالة من الضيق والضجر، خاصة مع تزامن تلك الحالة مع الواقع الاقتصادي الصعب للفلسطينيين الذين فقدوا بيوتهم ومصادر دخلهم وحياتهم الطبيعية.

ويضيف سلامة لـ "العربي الجديد": "بات الحصول على المنظفات ومواد الغسيل أو حتى متطلبات النظافة الشخصية الجيدة أمرا شبه مستحيل في ظل البدائل الرديئة والتي نجبر على شرائها بأسعار غير منطقية ولا تتناسب مع جودتها وذلك لعدم توفر أي بديل جيد".
ويلفت سلامة إلى ضرورة استثناء المتطلبات الأساسية للمواطنين من المنع الإسرائيلي، وفي مقدمتها مواد التنظيف، والمواد الغذائية والخضروات والأدوية، كذلك الملابس والأحذية، وتوفيرها بأسعار تتناسب مع الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، أو توزيعها بما هب طرود مجانية، ضمن الجهود الإغاثية المبذولة.

الإغلاق الإسرائيلي للمعابر

ويقول البائع الفلسطيني عزام حمادة والذي يصفف على بسطته قطع الصابون وبعض أصناف المنظفات المصنعة يدويا إن الإغلاق الإسرائيلي للمعابر، وتعمد عدم دخول مواد التنظيف دفع الباعة إلى توفير البدائل وإن كانت بجودة أقل، "مهما كان المنتج سيئا، إلا أنه لا يوازي سوء الانقطاع التام لمواد التنظيف وبدائلها".
ويرجع حمادة لـ "العربي الجديد" سبب ارتفاع الأصناف المقلدة إلى شح المواد الخام وغلاء أسعارها جراء أغلاق المعابر، مضيفا: "يتسبب الاحتلال في كل ملامح المعاناة التي تواجه الفلسطينيين، سواء عبر منع دخول الأصناف الجيدة أو مواد الخام التي يمكنها إيجاد البدائل الجيدة أو حتى الرديئة، ما يساهم في زيادة الأسعار في ظل انعدام القدرة الشرائية عند المواطنين".
ويلقي العدوان الإسرائيلي المتواصل لليوم 325 يوما بظلال كارثية على الأسواق ومختلف القطاعات الاقتصادية، بفعل الاستهداف المتواصل للمنشآت والمحال والأسواق، في الوقت الذي يتم فيه إغلاق المعابر، ومنع دخول البضائع والمتطلبات الأساسية، كذلك منع دخول المواد الخام التي من شأنها توفير البدائل والتخفيف من حدة الأزمة.

المساهمون