فيما تتهيأ أحزاب ونقابات ومؤسسات مدنية وأعضاء في البرلمان الأردني لتنفيذ خطوات احتجاجية ضد الحكومة، بسبب ارتفاع الأسعار والغلاء الذي يشهده البلد منذ أكثر من عام، وبلوغ أسعار بعض السلع مستويات غير مسبوقة، جاءت تأكيدات وزراء ومسؤولين بإعلان ارتفاعات قادمة أخرى على أسعار المشتقات النفطية، بما لا يقل عن أربعة ارتفاعات متوالية.
وقد جاءت التأكيدات الحكومية بشأن الزيادات المرتقبة على أسعار المحروقات بعد يوم واحد فقط من إطلاق الرؤية الاقتصادية للأردن للسنوات العشر المقبلة، وفق برنامج متفائل للخروج من الضائقة الاقتصادية والحد من الفقر والبطالة وتحفيز النمو.
وقبل تنفيذ عدد من الأحزاب والقوى الشعبية مسيرة احتجاجية كانت مقررة اليوم الجمعة، في منطقة وسط البلد من العاصمة عمان، قال وزير الداخلية مازن الفراية، خلال لقائه مستثمرين في شمال الأردن: "إننا (الحكومة) ذاهبون إلى أقل شيء 4 رفعات على أسعار الوقود خلال الأشهر المقبلة".
ومن المعتاد أن يصدر وزير الداخلية تصريحات بالشأن الاقتصادي، وتحديداً ارتفاع الأسعار. وأضاف الفراية أن "المشاكل الاقتصادية التي خلقتها جائحة فيروس كورونا، إضافة إلى الحرب الروسية الأوكرانية، ستتعاطى معها الحكومة بمسؤولية، وليس بشعبية، ولن نتخلى عن دعم الطبقات الأكثر تضرراً"، مشيراً إلى أن الحكومة تسعى لجذب الاستثمارات وتوقيع اتفاقيات وجذب المستثمر بأسهل ما يمكن وستُعالَج أي مشكلة تواجه المستثمرين.
وكانت لجنة تسعير المشتقات النفطية في وزارة الطاقة والثروة المعدنية قد قررت اعتباراً من يونيو/حزيران الجاري رفع أسعار مادة البنزين والديزل والكاز بمقدار 35 فلساً لليتر (الدينار يحوي ألف فلس)، وصولاً إلى تطبيق آلية التسعير المعتمدة وفقاً لمعادلة تسعير المشتقات البترولية مع نهاية عام 2022.
وأصبح سعر بيع البنزين (أوكتان 90) 920 فلساً لليتر، والبنزين (أوكتان 95) 1180 فلساً لليتر، والديزل والكاز 685 فلساً لليتر، بينما جرى الإبقاء على سعر أسطوانة الغاز عند سعر 7 دنانير (نحو 10 دولارات) للأسطوانة.
وفي أكثر موقف ساخن لعلاقة الحكومة مع مجلس النواب غير المنعقد حالياً بعد انتهاء دورته العادية، طالب عدد من النواب خلال اجتماع دعت إليه لجنة الطاقة في المجلس، يوم الثلاثاء الماضي، بعقد دورة استثنائية، على أجندتها طرح الثقة بالحكومة التي يرأسها بشر الخصاونة، بسبب الارتفاع الأخير الذي طرأ على أسعار المشتقات النفطية.
وقال عضو لجنة الطاقة موسى هنطش لـ"العربي الجديد" إن هناك حالة من الاستياء تسود مجلس النواب بسبب رفع الحكومة أسعار المشتقات النفطية وتأكيد مواصلة ارتفاعها خلال الأشهر المقبلة، ما يعني أن أسعار المحروقات ستصل إلى مستويات غير مسبوقة وكبيرة. وأضاف هنطش: "لقد قدمت خلال الاجتماع عدة مقترحات، من بينها طلب عقد دورة استثنائية لمجلس النواب، وعلى أجندتها مناقشة موضوع الأسعار، وذهب البعض لاقتراح طرح الثقة بالحكومة، وكذلك التشديد على إلغاء أو تخفيض الضرائب والرسوم المفروضة على المشتقات النفطية".
كذلك أصدرت اللجنة بيانات حمّلت فيها الحكومة "كامل المسؤولية في ما يخص قطاع الطاقة، وأنها لم تكن جادة بمعالجة المشاكل في هذا القطاع"، مطالبة بإعادة النظر في الضريبة الثابتة على المشتقات النفطية، وحذرت من زيادة أسعار المشتقات النفطية أو أجور النقل العام، قائلة: "يكفي المواطن ما أتاه من ارتفاع بالأسعار في القطاعات كافة".
في المقابل، أكدت الأمينة العامة لوزارة الطاقة، أماني العزام، أن أسعار المشتقات النفطية سترتفع تدريجاً خلال الفترة القادمة، وصولاً إلى تطبيق آلية التسعير المعتمدة للمشتقات البترولية.
وقال وزير النقل وجيه عزايز، إن هناك لجنة مختصة تدرس تعويض المركبات والحافلات العاملة في النقل العام للحد من تداعيات ارتفاع أسعار المشتقات النفطية خلال الفترة الماضية، وذلك كبديل لرفع الأجور على الركاب بعد ارتفاع أسعار المشتقات النفطية.
يأتي ذلك، بينما كانت أحزاب وقوى شعبية قد دعت إلى تنظيم مسيرة احتجاجية. وطالبت الأحزاب الحكومة بالتراجع فوراً عن رفع أسعار المحروقات ووقف التوعد برفع أسعارها مستقبلاً، والتعويض عن أية زيادات في أسعار شراء النفط بتخفيض النسب المجحفة وغير المفهومة للضرائب التي يتم تحميلها لمشتقات النفط، وبضبط النفقات ووقف الهدر ومحاصرة الفساد.
وكان وزير الصناعة والتجارة والتموين يوسف الشمالي قال في وقت سابق، إن الحكومة تتعهد بعدم رفع أسعار الخبز رغم ارتفاع أسعار القمح عالميا، وذلك لتخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين. وأضاف أن تكلفة إنتاج كيلو الخبز تبلغ حاليا 55 قرشا فيما يباع بـ 30 قرشا فقط.
ويعاني الأردنيون من موجات غلاء متعاقبة خلال الفترة الأخيرة، إذ كشفت بيانات رسمية عن ارتفاع الرقم القياسي لأسعار المستهلك (التضخم) في الأردن، بنسبة 2.47 بالمائة على أساس سنوي خلال مارس/آذار الماضي، مقارنة بالشهر ذاته من 2021.