تراجعت أسهم شركة "بريتيش بتروليوم"، اليوم الأربعاء، بعد الإعلان الصادم في الليلة السابقة عن استقالة رئيسها التنفيذي برنارد لوني بعد اعترافه بالفشل في تقديم تفاصيل كاملة عن العلاقات مع زملائه.
غادر لوني شركة النفط والغاز متعددة الجنسيات، البالغة قيمتها 88 مليار جنيه إسترليني، بعد أقل من أربع سنوات من توليه منصبه، بحسب "ذا غارديان".
وأبلغت شركة "بريتيش بتروليوم" المستثمرين مساء الثلاثاء أن لوني "لم يقدم تفاصيل عن جميع العلاقات ويقبل أنه ملزم بالإفصاح بشكل أكثر اكتمالاً".
وتراجعت أسهم الشركة بما يصل إلى 1.7% بعد افتتاح التداول في بورصة لندن صباح الأربعاء، قبل أن تعوض بعض خسائرها.
وسط خسائر فادحة وتخفيضات في الوظائف، خفضت شركة "بريتيش بتروليوم" أرباحها بشكل حاد في عام 2020،
وقالت الشركة إن لوني استقال فجأة يوم الثلاثاء بسبب علاقات سابقة مع زملائه، وذلك بعد الشروع في خطة طموحة لوضعها في طليعة التحول العالمي إلى الطاقة المتجددة.
وشرحت الشركة أن لوني "لم يكن شفافاً تماماً" بشأن العلاقات الشخصية السابقة مع زملائه. ولفتت إلى أن المدير المالي موراي أوشينكلوس سيعمل كرئيس تنفيذي مؤقتاً.
أصبح لوني الوجه المعترف به لشركة "بريتيش بتروليوم"، بعد أن وضع بصمته بسرعة على الشركة أثناء قيادتها خلال السنة الأولى القاسية للوباء.
ووسط خسائر فادحة وتخفيضات في الوظائف، خفضت شركة "بريتيش بتروليوم" أرباحها بشكل حاد في عام 2020، قبل أن تركب موجة من الأرباح المتجددة العام الماضي بفضل أسعار الطاقة المرتفعة التي تغذيها الانتعاش الاقتصادي العالمي والغزو الروسي لأوكرانيا.
لكن شركة "بريتيش بتروليوم" ولوني ترددا في الآونة الأخيرة بشأن وتيرة التحول في مجال الطاقة ودور الشركة فيه.
ومثل شركات الطاقة الأوروبية الأخرى، كافحت "بريتيش بتروليوم" لمجاراة ازدهار شركات النفط الأميركية الكبرى التي تمت مكافأتها لتمسكها بشركات الوقود الأحفوري التقليدية وترك المشاريع المنخفضة الكربون، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية للآخرين.
وقالت "بريتيش بتروليوم"، يوم الثلاثاء، إن مجلس إدارة الشركة راجع في مايو/ أيار 2022 مزاعم حول ما قالت إنها علاقات لوني الشخصية مع زملائه، بناءً على معلومات مجهولة المصدر.
وقالت إن لوني كشف عن عدد صغير من هذه العلاقات السابقة التي حدثت قبل أن يصبح رئيسًا تنفيذيًا. وأضافت "بريتيش بتروليوم" إنها لم تجد أي انتهاك لقواعد الشركة.
لكن المجلس تلقى المزيد من الاتهامات، وهو مستمر في التحقيق فيها. "أبلغ لوني الشركة اليوم أنه يقبل الآن أنه لم يكن شفافًا تمامًا في إفصاحاته السابقة"، وفقًا لبيان شركة "بريتيش بتروليوم". وكانت صحيفة "فايننشال تايمز" قد ذكرت في وقت سابق خطط لوني للتنحي.
وجرت تسمية لوني في عام 2019 خلفًا لبوب دادلي، الذي ساعد في توجيه الشركة في أعقاب انفجار منصة ديب ووتر هورايزن عام 2010 في خليج المكسيك، والذي أدى إلى مقتل 11 شخصًا وغرامات وتعويضات قضائية بعشرات المليارات من الدولارات.
أيّد خفض إنتاج النفط والغاز هذا العقد بنسبة 40% عن مستويات عام 2019، وتعهد بضخ المزيد من الأموال في استثمارات الطاقة النظيفة
خلال عملية اختيار الرئيس التنفيذي لشركة "بريتيش بتروليوم" في عام 2019، كان لدى مجلس الإدارة مرشحين يعرضون رؤاهم حول الاستراتيجية المستقبلية للشركة، وفقًا لأشخاص مطلعين على العملية في ذلك الوقت.
ومع دعم المديرين للوني في المنافسة، كان ينظر إليه من قبل المستثمرين وكذلك المطلعين على بواطن الأمور على أنه يمتلك يدًا قوية لصياغة مسار جديد، وفق "وول ستريت جورنال".
وانضم لوني، وهو مواطن أيرلندي وأحد العاملين في شركة "بريتيش بتروليوم"، إلى الشركة في عام 1991 كمهندس حفر، وشق طريقه حتى وصل إلى منصب رئيس قسم التنقيب، قبل أن يحصل على أعلى وظيفة في سن 49 عامًا.
وسرعان ما أثبت لوني، البالغ من العمر الآن 53 عامًا، نفسه كمدافع صريح عن الثورة الخضراء، مع تعهداته بتوجيه شركة النفط نحو مستقبل أنظف ومنخفض الكربون. لقد أيّد خفض إنتاج النفط والغاز هذا العقد بنسبة 40% عن مستويات عام 2019، وتعهد بضخ المزيد من الأموال في استثمارات الطاقة النظيفة.
ورغم أن هذه الاستراتيجية لاقت استحساناً في البداية من قِبَل أنصار الاستثمار في الطاقة المنخفضة الكربون، فإنها تعرضت لضغوط بعد الجائحة، عندما خرجت الاقتصادات من عمليات الإغلاق واستأنفت استهلاكها الشره للوقود الأحفوري.
ورغم أن أرباح شركة "بريتيش بتروليوم" كانت لا تزال قوية خلال فترة من الأرباح القياسية لشركات النفط الكبرى، فقد تأخرت عن منافسيها، وأشار المستثمرون إلى أنهم يفضلون العائدات المتفوقة على المدى القصير على الالتزام طويل الأجل بمصادر الطاقة المتجددة الذي دافع عنه لوني.
تضاعفت حزمة رواتب لوني إلى أكثر من الضعف لتصل إلى 10 ملايين جنيه في 2022، وهي خطوة وصفت بأنها مفاجأة للمستهلكين
في وقت سابق من هذا العام، تراجع لوني عن تلك الخطة، قائلا إنه سيبطئ تحول الشركة بعيدا عن الوقود الأحفوري، مما يؤدي إلى ارتفاع قصير الأجل في سعر السهم.
وبحسب "ذا غارديان"، تضاعفت حزمة رواتب لوني إلى أكثر من الضعف لتصل إلى 10 ملايين جنيه إسترليني في عام 2022، وهي خطوة وصفت بأنها مفاجأة للمستهلكين الذين يكافحون أزمة تكلفة المعيشة.
وتضمن أجره راتباً قدره 1.4 مليون جنيه إسترليني، ومكافأة 2.4 مليون جنيه إسترليني بانخفاض طفيف عن عام 2021، ومكافأة أسهم بقيمة 6 ملايين جنيه إسترليني، بالإضافة إلى المزايا. وهذا يعني أن إجمالي الحزمة كان أكثر بنسبة 120% من مبلغ 4.5 ملايين جنيه إسترليني الذي حصل عليه في عام 2021.