- الاستعدادات لأزمة فيروس كورونا والانتخابات قد تؤدي إلى تخفيف الإجراءات التفتيشية على القمح المستورد، في وقت تعتمد فيه مصر بشكل كبير على الاستيراد لتأمين 65% من احتياجاتها من القمح.
- تحديات متعددة تواجه الزراعة والتموين في مصر تشمل ارتفاع أسعار القمح عالمياً، صعوبات زراعة القمح في المناطق الصحراوية، والسعي لاستنباط أصناف جديدة تتحمل الجفاف لمواجهة ندرة المياه.
حذّر مصدر مسؤول في وزارة التموين المصرية من دخول قمح غير مطابق للمواصفات وغير صالح للاستهلاك الآدمي، خلال الأيام المقبلة، في ظل نقص كبير من هذه السلعة الاستراتيجية، لأن الموجود في صوامع التخزين لا يكفي إلا 7 أشهر، بحسب تقديرات وزير التموين على مصلحي، رغم توريد ما يقرب من 3.5 ملايين طن من المزارعين خلال موسم الحصاد الجديد المنتهي في 15 يونيو/ حزيران الماضي.
وشدّد على أن انشغال البعض بأزمة فيروس كورونا، وأيضاً وجود أعضاء البرلمان في دوائرهم بسبب قرب الانتخابات المتوقع إجراؤها نهاية العام الجاري، يُنذران بدخول شحنات قمح من دون أي إجراءات تفتيش جدية عليها.
وأضاف المسؤول الذي فضّل عدم كشف هويته أن ما ورّده المزارعون خلال الموسم الجديد يعادل نحو 35% من إجمالي الاستهلاك، وأن استيراد كميات كبيرة من القمح هذا العام، بخلاف السنوات الماضية، يأتي لتأمين احتياجاتها الداخلية من الخبز المدعم للبطاقات التموينية التي تصل إلى نحو 12 مليون بطاقة مقيّد عليها ما يقرب من 60 مليون مواطن.
ويحصل المواطن المقيّد على بطاقة التموين على رغيف بسعر 5 قروش، في وقت يتزايد فيه عدد السكان ، ويعود نحو مليون مواطن من الخارج نتيجة أزمة كورونا، فيما يشير المصدر إلى أن مصر تحتاج هذا العام إلى ما بين 16 و18 مليون طن من القمح لخلطه مع القمح البلدي عالي الجودة.
وحذّر المسؤول من أباطرة القمح ، وهم مجموعة من رجال الأعمال الذين يحتكرون الاستيراد منذ عدة سنوات، مبيناً أن رحلة استيراد القمح بدأت في نهاية الستينيات في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، وزادت في عهد عبد الفتاح السيسي، نتيجة قلة المساحة الزراعية، متخوفاً من ارتفاع أسعار السلع الغذائية بقوة طبقاً لتقارير دولية.
وتشمل هذه المخاوف ارتفاع سعر القمح، في ظل اتجاه مؤشرات أسعار الأغذية العالمية إلى الارتفاع، جراء أزمة كورونا، وانخفاض معدلات التصدير إلى الدول المستهلكة مع تخزين الدول المنتجة القمح لاستخدامه محلياً.
وتستورد مصر القمح من 14 دولة هي: الولايات المتحدة، كندا، أستراليا، فرنسا، ألمانيا، بولندا، الأرجنتين، روسيا، كازاخستان، أوكرانيا، رومانيا، بلغاريا، المجر وباراغواي.
وانتقد عدد من خبراء الزراعة في مصر زراعة القمح في المناطق الصحراوية بعدد من المحافظات، مؤكدين أن ذلك يُعَدّ إهداراً للمال العام، حيث أكد المهندس الزراعي، عمر أبو الوفا، أن زراعة القمح في الصحراء التي هللت لها الحكومة منذ سنوات، لا تجدي، لكونها تنطوي على تحديات كبيرة ومتعددة، ومن بينها أن استصلاح الأراضي الصحراوية مكلف جداً، فهي تحتاج إلى أطنان من تربة الطمي الموجودة في الترع والمصارف، وهي تُنقَل عبر سيارات نقل كبيرة.
ويضيف إلى ذلك أن حفر الآبار الجوفية أيضاً مكلف، فضلاً عن أن المياه الموجودة في باطن الأرض من الممكن أن تنفد، والأراضي الصحراوية في حاجة كبيرة للمياه، وبالتالي يضيع الجهد والوقت والأموال التي أُنفِقَت.
وأشار أبو الوفا إلى أن فدان الزراعة في الأرضي الصحراوية يحتاج إلى آلاف الجنيهات، ومن الممكن استغلال تلك الأراضي في بناء المصانع، لا في الزراعة، مضيفاً أن إنتاج فدان قمح في الأراضي الصحراوية لا يتعدى ما بين 7 إلى 10 أردب لتدني نوعية التربة، بينما يراوح متوسط إنتاج الفدان من القمح في الأراضي الزراعية ما بين 20 إلى 25 إردباً، وبالتالي يتضح الفرق بين الزراعتين.
وفي سياق متصل، تتجه الحكومة المصرية ممثلة بوزارة الزراعة إلى استنباط أصناف جديدة من القمح تتحمل الجفاف، من أجل التغلب على ندرة المياه في ظل أزمة سد النهضة الإثيوبي وتأثيرات المياه المتوقعة على الرقعة الزراعية داخل البلاد، وسط مخاوف من انخفاض مساحة زراعة القمح، على غرار ما حدث لزراعة الأرز، رغم كونهما سلعتين استراتيجيتين مهمتين للمواطن المصري.
وقال مسؤول في وزارة الزراعة إنه يخشى استنباط سلالات من القمح تكون غير صالحة للزراعة، مثلما حدث لزراعات أخرى من قبل، وبالتالي تدمير الإنتاج، الأمر الذي يكلف الدولة كثيراً، لأن الاستيراد يجري بالعملة الصعبة، موضحاً أن محصول القمح يُعد من المحاصيل الاستراتيجية المهمة التي لا يمكن الاستغناء عنها بأي حال من الأحوال، لذلك لا بد من أن يكون هناك طرق جديدة للاهتمام به وزراعته وزيادة إنتاجه في الفترة المقبلة، وخاصة أن مصر تستورد كميات لا حصر لها من الحبوب، أكانت الفول أم الذرة أم الأرز أم القمح.