الجامعة العربية تعاقب الفلسطينيين بوقف المساعدات وسط الانجراف التطبيعي

23 سبتمبر 2020
تفاقم الأزمة المالية في فلسطين (Getty)
+ الخط -

في مطلع إبريل/ نيسان الماضي، قدمت فلسطين طلباً رسمياً للحصول على قرض من الجامعة العربية، وحتى الآن لم يصل إليها من الأخيرة أي جواب، لا بالرفض ولا بالموافقة.

لكن جاء الجواب على لسان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالبيت الأبيض، على هامش توقيع اتفاقي التطبيع بين تل أبيب وأبو ظبي والمنامة، حين قال: "طلبت من الدول الثرية أن لا يدفعوا للفلسطينيين".

ومنذ مارس/ آذار الماضي، ومع تسجيل أولى الإصابات بفيروس كورونا في فلسطين، بادر الرئيس محمود عباس إلى إعلان حالة الطوارئ في البلاد، وفرضت الحكومة قيوداً صارمة على الحركة وإغلاقاً شاملاً للأنشطة الاقتصادية لمدة شهرين.

وأدى الإغلاق إلى تراجع حاد في الإيرادات العامة من الجباية المحلية بمقدار النصف تقريباً، واستمر الانخفاض رغم تخفيف القيود تدريجياً اعتباراً من منتصف مايو/ أيار.

وتعمقت الأزمة المالية بتوقف الحكومة الفلسطينية عن تسلم إيرادات المقاصة من إسرائيل، اعتباراً من مايو/ أيار، إثر قرار عباس في 19 من الشهر نفسه وقف كافة أشكال التنسيق مع إسرائيل، المدني والأمني، رداً على خطط الأخيرة ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية في إطار خطة ترامب للحل المعروفة بـ "صفقة القرن".

وفقاً لبيانات وزارة المالية، فقد أدت أزمتا المقاصة وجائحة كورونا إلى تراجع إجمالي الإيرادات بنحو 70%، ورافق ذلك تراجع في المساعدات الخارجية بمقدار النصف.

في الأشهر السبعة الأولى من 2020، تلقت الحكومة الفلسطينية دعماً خارجياً مباشراً للخزينة بحوالي 255 مليون دولار، منخفضة من نحو 500 مليون دولار في الفترة المقابلة من 2019.

ومن حوالي 267 مليون دولار إجمالي المساعدات العربية للحكومة الفلسطينية في الأشهر السبعة الأولى من عام 2019، تراجعت إلى 38 مليون دولار فقط في الأشهر السبعة الأولى من 2020، بانخفاض 85%.

وتظهر بيانات وزارة المالية أنّ الحكومة الفلسطينية لم تتلق أية مساعدات من أي دولة عربية منذ شهر مارس/ آذار.

وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، في مؤتمر صحافي، الثلاثاء، إنّ "معظم الدول العربية لم تلتزم بقرارات القمم العربية توفير شبكة أمان مالية بـ100 مليون دولار لفلسطين في مواجهة العقوبات الأميركية والإسرائيلية".

وأضاف المالكي: "لا نعلم إن كان ذلك نتيجة التداعيات المالية لجائحة كورونا، أو بطلب من الولايات المتحدة كما قال الرئيس ترامب، لكن النتيجة واحدة، للأسف لم تفعل هذه القرارات ولم تنفذ".

ودفعت الأزمة المالية وشح المساعدات الخارجية، خصوصاً العربية، الحكومة الفلسطينية إلى زيادة وتيرة الاقتراض المحلي، والبحث عن مصادر خارجية.

في إبريل/ نيسان الماضي، توصلت حكومة رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، إلى اتفاق مع سلطة النقد الفلسطينية والبنوك إلى اتفاقية قرض مجمع من مصارف محلية بمقدار 400 مليون دولار، لترتفع مديونيتها للجهاز المصرفي إلى نحو ملياري دولار حتى نهاية يوليو/ تموز 2020.

وبوصول الحكومة إلى هذا السقف من الاقتراض من البنوك، بات من الصعب الحصول على المزيد من القروض المصرفية.

وقال مدير عام أحد البنوك لـ"الأناضول": "لم يعد بإمكان البنوك تقديم المزيد من القروض للحكومة، في ظل حالة الغموض، سواء فيما يتعلق بعائدات المقاصة أو بتداعيات كورونا".

وأضاف مدير البنك، الذي طلب عدم ذكر اسمه لأسباب تتعلق بسياسة مصرفه: "تحملت البنوك الجزء الأكبر من عبء أزمتي المقاصة وكورونا، فإضافة إلى القروض المباشرة للحكومة، قامت البنوك بتأجيل أقساط المقترضين منذ شهر مارس حتى نهاية عام 2020". وزاد: "لم يعد بمقدور البنوك تحمل المزيد".

وإضافة إلى ارتفاع الدين المحلي، فقد زاد الدين الخارجي أيضاً من 1.2 مليار دولار نهاية 2019، إلى أكثر من 1.4 مليار دولار نهاية يوليو 2020، بسحب الحكومة الفلسطينية كامل قرض قطري بـ250 مليون دولار وضعته الدوحة بتصرف فلسطين منتصف 2019.

وتضاف القروض الخارجية والبنكية، إلى تراكم المستحقات على الحكومة الفلسطينية لموردي السلع والخدمات من القطاع الخاص، وصندوق تقاعد موظفي القطاع العام.

فحتى نهاية يوليو/ تموز، ارتفعت مستحقات القطاع الخاص على الحكومة إلى نحو ملياري دولار، من حوالي 1.2 مليار دولار في نهاية 2019، بحسب بيانات وزارة المالية.

ونهاية يوليو/ تموز أيضاً، بلغت المستحقات المتراكمة لصندوق التقاعد على وزارة المالية نحو ملياري دولار.

وبالإجمال، فقد ارتفعت المديونية العامة للحكومة الفلسطينية، النظامية وغير النظامية، من حوالي 5.5 مليارات دولار نهاية عام 2019، لتتجاوز 7 مليارات دولار نهاية يوليو 2020.

(الأناضول)