انفلات التضخم في السودان: النسبة تتعدى 218% وسط تضاعف أسعار الغذاء

21 سبتمبر 2024
سوق في الخرطوم، 27 مايو 2024 (Getty)
+ الخط -

أعلن الجهاز المركزي للإحصاء، الخميس، ارتفاع معدل التضخم في السودان لشهر أغسطس/ آب إلى 218.2% مقارنة بـ193.94% في يوليو/ تموز الماضي. ووفقًا لآخر تقرير للجهاز المركزي للإحصاء في نهاية شهر مارس/ آذار 2023، فقد سجل التضخم في السودان 63.31%، وذلك قبل أيام من بدء الحرب في أبريل/ نيسان بين الجيش وقوات الدعم السريع.

ولا تزال أزمة الاقتصاد السوداني تراوح مكانها بعد أكثر من عام على الحرب، بينما يرسم مراقبون سيناريوهات متشائمة لما ستكون عليه الحال خلال الفترة المقبلة، إن لم تتوقف الحرب بين الجيش والدعم السريع لوقف الانهيار الاقتصادي وتعزيز الأمن الغذائي وإنقاذ الملايين من الآثار الاقتصادية السلبية التي بدأت ملامحها تظهر على المجتمع السوداني، خاصة المجاعة.

وأوضح الإحصاء المركزي أن معدل التضخم في السودان في المناطق الحضرية لشهر أغسطس بلغ 189.38%، بينما ارتفع في المناطق الريفية إلى 237.7% مقارنة بالعام السابق. وتضاعفت أسعار السلع والمواد التموينية بعد الحرب بنسبة أكثر من 100%. علماً أن الجهاز المركزي للإحصاء يعتمد في قياس التضخم في السودان على سلة تضم 663 سلعة، مقسمة إلى 12 مجموعة أساسية.

تصاعد التضخم في السودان

يقول الاقتصادي بابكر الزين لـ"العربي الجديد" إن الأوضاع تدهورت بصورة غير مسبوقة نتيجة استمرار الحرب وخروج مناطق الإنتاج كلياً عن الدورة الاقتصادية، وما تبقى منها عاد إلى الزراعة التقليدية لتحقيق الاكتفاء الذاتي. وبيّن أن ما نسبته 80% من المناطق الزراعية خرجت من دائرة الإنتاج في ظل توقف صادرات الثروة الحيوانية، التي تمثل ولايتي دارفور وكردفان 60% منها.

وأضاف الزين أن عمليات التهريب نشطت بصورة كبيرة في كل أنحاء السودان، وأصبح التهريب أمراً واقعاً، حيث يشمل الدقيق والوقود والذهب وأنواع المعادن التي تذهب إلى خارج البلاد.

وقال إنه إن لم تتوقف الحرب، سيتحول السودان إلى منطقة خطرة للعصابات المسلحة والتجارة غير الشرعية، بما فيها تجارة البشر، وهذا من المؤكد سيؤثر على دول الجوار.

كذا أصبحت الحكومة السودانية بدورها عاجزة عن تقديم الحلول في ظل تمدد الحرب، إذ يقول وزير المالية جبريل إبراهيم إن بلاده لم تحصل على عون خارجي رغم ظروف الحرب وتداعياتها على موارد البلاد ومعيشة المواطن، مشيرًا إلى ضعف الاستجابة الدولية لمعالجة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تفاقمت.

ولا تزال تداعيات الحرب والأزمة الاقتصادية تؤثر بشكل مباشر على المواطنين، بين نازحين ولاجئين، حيث يقول المواطن عز الدين سليمان لـ"العربي الجديد" إنه لا فرق بين نازح ولاجئ، فقد تأثر كل السودانيين سلباً بمجريات الحرب وتمددها، فأصبح مواطنو الولايات السودانية يعيشون في فقر وبطالة وعدم كفاية مع استمرار عدم صرف الرواتب وارتفاع الأسعار بشكل يومي.

وأضاف: "ربما يكون حال النازحين أفضل بقليل من سكان بعض الولايات الذين تأثروا بالأزمة مباشرة دون تدخلات حكومية أو حتى منظمات العون الإنساني، فازداد سوء التغذية بين الأطفال لعدم كفاية الأدوية وندرتها وغلائها، ولذلك الأزمة أكبر من أزمة نزوح أو لجوء، بل هي أزمة اقتصاد كلي تأثرت بها ولايات شهدت اشتباكات وأخرى تعاني من نتائج تلك الاشتباكات".

ارتفاع تكلفة المعيشة

يقول الموظف مجدي عثمان لـ"العربي الجديد" إنه يصرف راتبه كل شهرين أو ثلاثة أشهر ليدبر به وجبة واحدة في اليوم بسبب ارتفاع تكلفة المعيشة، وهذا في الولايات التي توصف بأنها آمنة ويسيطر عليها الجيش، والتي ظلت تتأثر بقرارات حكومية غير مدروسة. ونتيجة لذلك، فإن السلع تسجل يومياً زيادات في الأسعار لأنها تسعى خلف سعر الصرف في السوق الموازية.

وكان التقرير السنوي لبنك التنمية الأفريقي قد تناول الوضع الاقتصادي للسودان خلال العام 2023 وأثر الحرب على مؤشرات الاقتصاد الكلي والتوقعات الخاصة بتطورات الوضع الاقتصادي والمالي خلال الفترة القادمة. وحسب التقرير، فإن التقديرات الأولية تشير إلى أن الخسائر التي لحقت بالسودان خلال العام الأول من الحرب بلغت 125 مليار دولار، أي ما يعادل مرتين ونصف المرة حجم الناتج المحلي الإجمالي السنوي في السودان.

وقد أغلق الكثير من التجار متاجرهم لعدم قدرتهم على مجاراة الركود الذي حدث في الآونة الأخيرة. يرى التاجر مصطفى الماحي في حديثه لـ"العربي الجديد" أن الأسعار تزيد في اليوم الواحد ثلاث مرات، وهذه خسارة بالطبع للتاجر.

وأضاف أنه لتجنب فقدان رأس المال قرر بعض التجار إغلاق متاجرهم لأسباب متعددة، من بينها رسوم كثيرة تُفرض من قبل المحليات التي لا يرتبطون بها، ولا يوجد لديهم نشاط تجاري معلوم فيها، ورغم ارتفاع الأسعار، ولكن ليس هناك ثبات في السياسات أو القوانين.

ولا تزال أزمة الجنيه السوداني مستمرة، بل هناك أسعار متعددة للدولار في السوق الموازية المتحكمة في الاقتصاد. ولا تقتصر أزمته على شح العملات الأجنبية، بل أصبحت العملات المزيفة تشكل عبئاً، حيث خرج كثير من المستوردين من السوق بسبب تذبذب سعر الصرف.

المساهمون