رفع البنك المركزي الباكستاني سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 300 نقطة أساس اليوم الخميس، متجاوزا توقعات المستثمرين، حيث تحاول الدولة التي تعاني من ضائقة مالية تشجيع صندوق النقد الدولي على الإفراج عن قرض مهم يجري التفاوض بشأنه منذ شهور.
ويبلغ السعر الرئيسي لبنك الدولة الباكستاني (SBP) الآن 20%، وهو أعلى مستوى له منذ أكتوبر/ تشرين الأول 1996. وكان المستثمرون الذين استطلعت "رويترز" آراءهم يتوقعون رفع سعر الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس.
ويستعد دائنو باكستان لاحتمال تخلف البلاد عن السداد، وبالتالي إعلان الإفلاس، حيث تواجه الدولة ديوناً بمليارات الدولارات، وتعاني لأجل سدادها دون خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي، أو موافقة الدائنين على تمديد آجال تلك الديون.
وتراجعت أسعار السندات الدولارية الباكستانية اليوم الخميس إلى أدنى مستوى منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، فيما يقيّم المستثمرون قدرة إسلام أباد على سداد 7 مليارات دولار في الأشهر المقبلة، بما في ذلك قرض صيني بقيمة ملياري دولار يستحق في مارس/آثار، وفقاً لوكالة "فيتش" للتصنيفات الائتمانية.
وقدم البنك المركزي اجتماع السياسة الخاص به من التاريخ الأصلي في 16 مارس/آذار ، حيث قالت وسائل الإعلام المحلية إن رفع سعر الفائدة كان مطلبًا رئيسيًا للحصول على تمويل صندوق النقد الدولي.
وفي اجتماع السياسة الأخير في يناير/كانون الثاني، رفع البنك سعر الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس إلى 17%. وقد رفعت الأسعار الآن بإجمالي 1025 نقطة أساس (10.25%) منذ يناير 2022.
وقال البنك المركزي في بيان: "لاحظت لجنة السياسة النقدية أن التعديلات المالية الأخيرة، وانخفاض سعر الصرف، قد أدت إلى تدهور كبير في توقعات التضخم على المدى القريب، وإلى مزيد من الانجراف الصعودي في توقعات التضخم، كما يتضح من الموجة الأخيرة من الاستطلاعات".
وأشار البنك إلى توقعه أن يتراوح متوسط التضخم لهذا العام بين 27% و29%، مقابل توقعات نوفمبر 2022 التي تتراوح بين 21% و23%.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن سليمان منية، رئيس قسم الاستشارات في شركة Vector Securities، قوله إنه في حين أن مؤشر أسعار المستهلكين يمكن أن يزيد بشكل أكبر مع الإجراءات المالية المتعلقة بإزالة الدعم وضعف سعر الصرف، فإن الحكومة بحاجة إلى التركيز على تحسين جانب العرض بشكل عاجل، لا سيما المواد الغذائية والزراعية.
من جانبها، تحاول الحكومة خفض الإنفاق وزيادة الإيرادات من خلال الضرائب، وذلك بعد أن سمحت بانخفاض قيمة الروبية.
ووفقًا للمراجعة التاسعة لصفقة سابقة مع صندوق النقد الدولي، من المقرر أن يُطلق صندوق النقد الدولي شريحة تزيد عن مليار دولار لباكستان.
وتراجعت الروبية الباكستانية بنحو 6% مقابل الدولار الأميركي اليوم الخميس، دون توضيح بشأن تطور المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
وقال محللون، الخميس: "يمكن النظر إلى تراجع الروبية اليوم ورفع أسعار الفائدة كخطوة نحو فتح الشريحة التالية من صندوق النقد الدولي".
وقفز مؤشر أسعار المستهلك الباكستاني (CPI) بنسبة 31.5% في فبراير على أساس سنوي، وهو أعلى معدل سنوي منذ ما يقرب من 50 عامًا، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية والمشروبات والنقل بأكثر من 45%.
وقررت اللجنة عقد اجتماعها المقبل في 4 إبريل/نيسان 2023، وكان مقررًا سابقًا في 27 إبريل 2023.
من جهتها، خفضت وكالة "موديز إنفستورز سيرفيس" تصنيف باكستان إلى ما دون الدرجة الاستثمارية هذا الأسبوع، في ظل تعرّض البلاد لأسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود، وتراجع احتياطياتها الأجنبية، وارتفاع التضخم إلى مستوى قياسي.
وتعتمد السلطات في باكستان على الحصول على قرض إنقاذ من صندوق النقد الدولي، لدرء التخلف عن السداد الذي يحيطه عدم اليقين.
وقال جوني تشين، مدير الصناديق في شركة "ويليام بلير انفستمنت" (William Blair Investment) في سنغافورة لوكالة بلومبيرغ، والذي خفض التعرّض لديون باكستان مؤخراً: "نقوم بالفعل حالياً بإدارة المخاطر، بحيث لا نتأثر بشكل كبير في حالة تحقق المخاوف".
وتراجعت سندات باكستان المستحقة في إبريل/نيسان من العام المقبل بعائد 8.25%، لتفقد 0.8 سنت لتصل إلى 51.1 سنتا على الدولار، مستكملة هبوطها لليوم الثالث على التوالي.
وقالت وكالة "موديز" في مذكرة يوم الأربعاء إن احتياجات إسلام آباد من التمويل الخارجي تقدر بنحو 11 مليار دولار للسنة المالية المنتهية في يونيو/حزيران، بما في ذلك مدفوعات ديون خارجية بقيمة 7 مليارات دولار.
في غضون ذلك، حصلت باكستان على قرض بقيمة 700 مليون دولار من بنك التنمية الصيني في فبراير/شباط، حسبما قال وزير المالية إسحاق دار.
ومن جانب آخر، أبلغ رئيس مجلس الدولة لي كه تشيانغ رئيس صندوق النقد الدولي بأن الصين منفتحة على المشاركة في الجهود متعددة الأطراف لمساعدة الدول المثقلة بالديون "بطريقة بناءة"، حسبما أفاد تلفزيون الصين المركزي.
وقال رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف الأسبوع الحالي، إنه يمكن التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي في غضون الأيام القليلة المقبلة.
(بلومبيرغ، العربي الجديد)