أبلغ بنك لئومي الإسرائيلي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بأنه جمّد حسابها البنكي، بعدما زعم الاحتلال الإسرائيلي أن 12 من موظفيها شاركوا في عملية في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
ويأتي قرار البنك الإسرائيلي بعدما أوقفت الولايات المتحدة وألمانيا والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة ودول أخرى تمويلها لـ"أونروا".
وقال بنك لئومي، بحسب موقع "غلوبس" الإسرائيلي، إنه اكتشف "نشاطًا غير عادي أدى إلى تنبيهات في آليات الامتثال لأنظمة إدارة المخاطر في البنك"، وكتب لـ"أونروا" أنه "جرى في الآونة الأخيرة تحديد العديد من التحويلات المالية في الحساب بشكل لا يسمح للبنك بتتبع مصدرها ووجهتها النهائية".
وتابع أنه طلب توضيحات من ممثلي "أونروا"، "لكنهم لم يتمكنوا من تقديم تفسيرات مرضية". ونظرًا لعدم تلقي مثل هذه التوضيحات، قال البنك الإسرائيلي إنه أصبح يشعر "بقلق بالغ من وصول الأموال من حساب أونروا إلى الجماعات الإرهابية في قطاع غزة"، وفق زعمه الذي يضاف إلى مزاعم الاحتلال الأخرى غير المسنودة بدلائل معلنة إلى حدّ الآن.
وتبلغ الميزانية السنوية لـ"أونروا" حاليا 1.2 مليار دولار، وتأتي بشكل رئيسي من التبرعات. وحتى هذه اللحظة، وبغض النظر عن قرار لئومي، فقد جرى تعليق حوالي 75% من ميزانيات الأونروا، وذلك في أعقاب قرارات الدول المانحة التي سبق أن أعلنت وقف تمويلها.
ونشرت وزارة الخارجية الأميركية الأسبوع الماضي توضيحاً بشأن إعلان تجميد المساعدات لـ"أونروا"، وشددت في الإعلان الجديد على أن معظم الأموال التي خصصها الكونغرس جرى تحويلها بالفعل، وأن الإدارة تأمل أن يتم حل الأمر، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز".
وأعلنت الحكومة الأميركية أنها جمدت "مؤقتا" مساعداتها لـ"أونروا" عقب تبنيها مزاعم الاحتلال الإسرائيلي، الذي دأب على شنّ حملات اتهام عدّة ضد "أونروا"، آخرها ادعاء مشاركة قرابة 12 موظفاً في الوكالة (وفق المتحدث باسم حكومة الاحتلال أيلون ليفي 13 موظفا) في عملية 7 أكتوبر، فضلاً عن زعم إسرائيل أن أكثر من 190 موظفاً من موظفي الوكالة الأممية ينتمون إلى حركتي "حماس" أو "الجهاد الإسلامي".
وأعدّ "الموساد" الإسرائيلي ملفاً يتضمن هذه المزاعم، ثم أرسله، قبل نحو أسبوع، إلى الولايات المتحدة، التي أعلنت على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية عن "توقيفٍ مؤقتٍ لتخصيص تمويلٍ إضافي لأونروا"، قبل التحقق من مزاعم الاحتلال.
وحذا عددٌ من دول العالم حذو الولايات المتحدة (المملكة المتحدة، ألمانيا، أستراليا، كندا، اليابان، إيطاليا، فنلندا، هولندا، فرنسا، السويد، النمسا، رومانيا، نيوزيلندا)، معلنين عن تعليقٍ مؤقتٍ لمساعداتهم للوكالة الأممية على خلفية مزاعم الاحتلال، وقبل انتهاء تحقيق الوكالة في مزاعم الاحتلال، أو تحقيق مكتب الأمم المتحدة لخدمات الرقابة الداخلية (أعلى سلطة تحقيق في منظومة الأمم المتّحدة).
ويعد تواطؤ الولايات المتحدة مع مزاعم الاحتلال، والمسارعة إلى دعمه ومساندته ضد وكالة "أونروا" الأممية، استمراراً للنهج الأميركي المتماهي مع الاحتلال كلّياً، والذي تكرس منذ اليوم الأول لعملية "طوفان الأقصى"، عندما تبنّت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مجمل ادعاءات الاحتلال التي اتهمت فصائل المقاومة الفلسطينية بقتل الرضع وحرق جثث الأطفال وبقر بطون الحوامل واغتصاب النساء وسواها من الجرائم المدانة، وهي ادعاءاتٌ نفتها الوقائع لاحقا، عبر تحقيقاتٍ واستقصاءات مستقلة، وتأكد أنها محض افتراءات.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، وفق موقع "كالكاليست"، إن أكثر من 99% من الميزانية التي وافق عليها الكونغرس أرسلت بالفعل إلى الوكالة، ولم يتبق سوى 300 ألف دولار من أصل 121 مليون دولار لم يتم تحويلها، وكان من المقرر إرسال الدفعة الأخيرة للمنظمة هذا الصيف.
وأضاف مسؤولون كبار في الإدارة الأميركية أنه "يبقى الآن أن نرى ما هو حجم المساعدات التالية التي سيوافق عليها الكونغرس لـ(أونروا)، في ظل الانتقادات اللاذعة التي يوجهها إليها أعضاء الكونغرس الجمهوريون".
وفي جلسة استماع، عقدت يوم الثلاثاء الماضي في إحدى اللجان الفرعية بمجلس الشيوخ، أدان المشاركون وكالة "أونروا" ودعوا إلى حل المنظمة، في تبن للرغبة والادعاءات الإسرائيلية. بالإضافة إلى ذلك، وفي أعقاب الخلافات في الكونغرس، ليس من المؤكد على الإطلاق متى ستتم الموافقة على الميزانية الجديدة.
وأضاف ميلر أن تجميد الأموال سيستمر حتى انتهاء التحقيقات التي تجريها "أونروا" والأمم المتحدة حول المزاعم "والخطوات التي سيتم اتخاذها". ووفقا له، فإن "إدارة جو بايدن تأمل بأن يتم حل القضية بسرعة، وذلك لأننا ندعم العمل الذي تقوم به أونروا، ونعتقد أنه أمر بالغ الأهمية".
وهذه ليست المرة الأولى التي تتوقف فيها الولايات المتحدة عن تمويل الأونروا. في عام 2018، أعلن الرئيس دونالد ترامب انتهاء التمويل.
وقالت نيكي هيلي، التي عملت سفيرة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة في ذلك الوقت، وتتنافس حاليا مع ترامب على ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة، في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز"، إنها هي التي أقنعت الرئيس، وقالت: "أعرف أونروا جيدًا"، مدعية أن المدارس المرتبطة بالمنظمة تعلم "الكراهية والإرهاب ضد الإسرائيليين".