بدد وزير الزراعة والغابات التركي، وحيد كِيريشتشي، المخاوف من نفاد مخزون تركيا من القمح وعجزها عن تأمينه قبل بدء الحصاد، بعد أن رفعت جل الدول المستوردة حول العالم الراية البيضاء وأعلنت نفاد المخازين الاستراتيجية بغضون ثمانية أسابيع.
وأكد الوزير التركي، في بيان صادر عن وزارته، أن توقعات الإنتاج في بلاده تصل إلى نحو 19.5 مليون طن، بعد السيطرة على آفات المحصول "السونة" بمكافحتها عبر الأدوات التكنولوجية وليس الطرق التقليدية، كما السنوات السابقة.
ووفق كِيريشتشي فإن المؤسسات البحثية تتوقع وصول الإنتاج إلى نحو 20 مليون طن، ولن تشهد تركيا أي نقص في القمح لأن الإنتاج بحسب الوزير التركي "يكفي للاستهلاك المحلي من دقيق ومعكرونة وبرغل".
ويتوقع المختص بالزراعة محمت بوستان زيادة الإنتاج هذا الموسم عن سابقه "بسبب هطول الأمطار والدعم الحكومي الزائد"، ليتعدى برأيه 20 مليون طن.
لكن، وحسب قوله، هذه الكمية ستبقي تركيا في موقع المستورد "لا شك"، لأن بلاده تستورد القمح لتستفيد من القيم المضافة قبل التصدير، بعد المعالجة وتصنيع الدقيق والمعكرونة وبلوغها مراتب متقدمة عالمياً بهذا القطاع.
ويضيف بوستان المنحدر من ولاية ماردين التركية، لـ"العربي الجديد"، أن قيمة مستوردات بلاده من القمح خلال العقد الأخير اقتربت من 15 مليار دولار، لكن الصادرات زادت عن 25 ملياراً، مشيراً إلى تجربة البذور المحلية التي ترعاها الدولة ويدعمها الاتحاد الأوروبي وتقودها "جميعة شكران لدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية"، والتي وصل الإنتاج جراءها إلى أكثر من 500 ألف طن، ويشهد الانتاج إقبالاً كبيراً من المزارعين للابتعاد عن البذار المستوردة أو المحسنة وراثياً.
وتأتي تركيا ضمن الدول المتأثرة بالحرب بين روسيا وأوكرانيا، اللتين تصدران نحو ربع صادرات القمح عالمياً و80% من إمدادات زيت عباد الشمس وأكثر من 15% من الأسمدة، الأمر الذي يدفعها لتأخذ دور الوساطة وإبعاد تصدير الحبوب عن دائرة الصراع وعودة تدفق الصادرات الأوكرانية إلى السوق العالمي.
وبحسب تصريح سابق لرئيس مجلس إدارة مجلس الحبوب التركي أوزكان طاش بينار، فإن تركيا استوردت العام الماضي نحو 9 ملايين طن قمحاً، 65% منها من روسيا و15% من أوكرانيا، لكن بينار طمأن المستهلكين بأن بلاده تتمتع باكتفاء ذاتي من القمح، لأن المعدل الوسطي لحاجة السوق المحلية من القمح يبلغ 20 مليون طن "وهذه الكمية تُنتج محلياً".
وتعتمد تركيا على السوق الروسية، التي أوقفت تصدير القمح، باستيراد أكثر من نصف حاجتها التصنيعية، لتستمر بتصدير صناعات القمح إلى نحو 150 دولة حول العالم، كما يقول مدير مركز الدراسات بإسطنبول محمد كامل ديميريل.
ويشير ديميريل إلى أن الحرب الحالية أعادت اهتمام الحكومة "أكثر" بالمحاصيل الزراعية، سواء عبر الدعم المباشر للفلاحين "بذار وأسمدة وقروض ميسرة" أو البحث عن أسواق بديلة، مثل كندا، كي لا تزيد آثار تراجع الصادرات، مؤكداً خلال تصريح سابق أن ما تبثه المعارضة حول أزمة القمح والدقيق "مبالغ به وهدفه التشويش".
ويذكر أن أسواق تركيا تشهد ارتفاعات متتالية بفي سعار الخبز، حيث وصل سعر القطعة اليوم إلى 3.5 ليرات إثر ارتفاع مجمل أسعار منتجات القمح بين 30% و150%، بعد أن قفز سعر كيلو الدقيق من 6.5 ليرات مطلع العام الجاري إلى 13 ليرة اليوم، وارتفعت أسعار المعكرونة والحلويات بأكثر من 100% خلال الشهرين الماضيين.