تظاهر الآلاف السبت، في برلين للمطالبة بفرض ضرائب على الأكثر ثراء ودعم أسعار المواد الغذائية، بحسب الشرطة ومنظمي التظاهرة.
وسار المتظاهرون الذين حملوا لافتات منها لافتة كبيرة كتب عليها بالألمانية "إعادة التوزيع"، في وسط العاصمة الألمانية، بدعوة من عدة منظمات يسارية للاحتجاج على ارتفاع الأسعار والإيجارات.
وطالب ما لا يقل عن ثلاثة آلاف متظاهر، وفقًا للشرطة والمنظمين، بفرض ضرائب على الأكثر ثراءً للتعامل مع الأزمة وبدعم أسعار المواد الغذائية، في ظلّ التضخم المتزايد الناجم بشكل خاص عن الحرب في أوكرانيا.
وكُتب على لافتات أخرى "نزع الملكية للمنفعة العامة هي منتصف الطريق"، و"أعيدوا التوزيع! من الأعلى إلى الأسفل"، و"(النظام الاقتصادي) يعطي الأولوية للربح على احتياجات الناس".
معدلات تضخم قياسية
بلغ التضخم في ألمانيا مستوى قياسيًا منذ 70 عامًا إذ سجّل 10.4% في أكتوبر/تشرين الأول، بحسب أرقام نهائية صدرت الجمعة، في ظلّ ارتفاع أسعار الطاقة على خلفية الحرب في أوكرانيا.
وقال جورج تيل رئيس مكتب الإحصاء الاتحادي في بيان صحافي الجمعة، إن "الأسباب الرئيسية وراء ارتفاع التضخم لا تزال تتمثل في الزيادات الهائلة في أسعار منتجات الطاقة.. لكننا نلاحظ أيضا بشكل متزايد ارتفاعات في أسعار العديد من السلع والخدمات الأخرى".
يؤثر هذا التضخم على القوة الشرائية للأسر ويضع قطاع الصناعة في صعوبة. وارتفعت أسعار الايجارات في برلين، ما أدّى إلى مواجهة العديد من المستأجرين صعوبات.
وارتفعت أسعار الطاقة للمستهلكين بنسبة 43% خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، كما ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي بنسبة 109.3%، والتدفئة المناطقية بنسبة 35.6%، والمواد الغذائية بنسبة 20.3%.
وأوضح مكتب الإحصاء أن تخفيض ضريبة المبيعات على الغاز الطبيعي والتدفئة المناطقية خلال حزمة الإغاثة الثالثة إلى 7% وتقديم تذاكر القطار بسعر 9 يوروهات، قد تم تجاوز تأثيرها بشدة من خلال زيادات الأسعار المتجددة.
غير أن معظم هذه المبادرات انتهت مع بداية العام الدراسي. لذلك، أعلن المستشار الألماني أولاف شولتز في سبتمبر/أيلول إطلاق خطة ضخمة بقيمة 200 مليار يورو للحد من تكاليف الطاقة للأسر والشركات.
خسائر ارتفاع الطاقة
وتتوقع الحكومة الألمانية، ركودًا نسبته 0.4% العام المقبل من 0.6% في توقعات سابقة، وأظهرت تقديرات حديثة لمعهد "إيفو" الألماني للبحوث الاقتصادية أن الزيادة السريعة في أسعار الطاقة كبدت ألمانيا خسائر في الدخل الحقيقي بما يقرب من 110 مليارات يورو.
وتمثل الخسائر التي قدرها المعهد، المبلغ الذي يتدفق من ألمانيا لدفع ثمن واردات الطاقة الأكثر تكلفة في الخارج، والتي بلغت 35 مليار يورو العام الماضي، و64 مليار يورو هذا العام، وستبلغ زيادتها 9 مليارات أخرى في العام المقبل.
وبحسب المعهد، فإن هذه أعلى خسارة في الدخل الحقيقي منذ أزمة النفط الثانية في سبعينيات القرن الماضي.
معدلات نمو منخفضة
وخفضت المفوضية التنفيذية للاتحاد الأوروبي توقعاتها للنمو الاقتصادي العام المقبل، قائلة إن الدول التسع عشرة التي تستخدم عملة اليورو ستنزلق إلى الركود خلال فصل الشتاء مع استمرار ذروة التضخم لفترة أطول من المتوقع وارتفاع أسعار الوقود وتؤدي تكاليف التدفئة إلى تآكل القوة الشرائية للمستهلكين.
تنبأت توقعات الخريف الصادرة عن المفوضية الأوروبية أمس الجمعة بانخفاض الناتج الاقتصادي في الأشهر الثلاثة الأخيرة من هذا العام والأشهر الأولى من عام 2023.
وتقول إن أسعار الطاقة المرتفعة، وارتفاع تكاليف المعيشة، وارتفاع أسعار الفائدة وعدم اليقين العام "من المتوقع أن تدخل الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو ومعظم الدول الأعضاء في حالة ركود في الربع الأخير من العام".
وتم تخفيض توقعات النمو لعام 2023 بالكامل إلى 0.3% من 1.4% المتوقعة في التوقعات السابقة لشهر يوليو / تموز.
ومن المرجح أن تكون ألمانيا، هي الدولة الأسوأ أداءً في العام المقبل، وهي أكبر اقتصاد في أوروبا وواحدة من أكثر الدول اعتمادًا على الغاز الطبيعي الروسي قبل الحرب في أوكرانيا. ارتفعت أسعار الغاز والكهرباء مع عودة روسيا للإمدادات إلى أوروبا بمقدار ضئيل للغاية عما كانت عليه قبل غزو أوكرانيا.
وسيبلغ التضخم ذروته في وقت متأخر عما كان متوقعًا، بالقرب من نهاية العام، وسيرفع المعدل المتوسط إلى 8.5% لعام 2022 وإلى 6.1% لعام 2023 في منطقة اليورو.
(فرانس برس، العربي الجديد)