من غير المعروف حتى الآن كيف ستنتهي حملة الإبادة الوحشية التي تشنها إسرائيل ضد الفلسطينيين، وكيف ستكون ردة الفعل العربية، ولكن المؤكد أن هنالك غضباً عارماً على مستوى الشارع العربي والغربي من مواقف أميركا وأوروبا من الحرب التي قد تطول وتكون فاتورتها مرتفعة جداً، مقارنة بفاتورة الحروب التي شنتها إسرائيل في السابق على قطاع غزة وكلّفت بضعة مليارات.
ولكن هذه الحرب ربما تكلف العالم تريليونات، في حال استمرارها لمدة طويلة، وتمددها خارج الحدود الفلسطينية. وتسبّبها في اندلاع موجة تضخم جديدة تغذي موجة الغلاء.
على الصعيد الإسرائيلي، تتواصل خسائر الأعمال الاقتصادية، فقد خسر مؤشر "تل أبيب 125" منذ عملية "طوفان الأقصى" 10% من قيمته السوقية، حسب تعليقات كبير مسؤولي الاستثمار في مجموعة مجدال، إيريز مجدالي.
ويرى مجدالي، حسب تحليل بنشرة "غلوبس" الإسرائيلية، أمس الاثنين، أن الانخفاضات الحادة في أسواق المال ستؤدي إلى تقليص عائدات مدخرات سكان دولة الاحتلال بنسبة 1%.
تراجع مؤشر "تل أبيب للبنوك 5"، الذي يقيس أداء البنوك الكبرى بنسبة 17% منذ اندلاع الحرب ضد غزة
كما تراجع مؤشر "تل أبيب للبنوك 5"، وهو المؤشر الذي يقيس أداء البنوك الكبرى بنسبة 17% منذ اندلاع الحرب ضد غزة، كما انخفضت كذلك أسهم بعض شركات العقارات في إسرائيل بشكل حاد يهدد مستقبل قطاع العقارات في المستقبل.
ويرى محللون أن الطلب على العقارات الفاخرة وعقارات المكاتب ستعاني بعد هذه الحرب، بسبب هروب الشركات الأجنبية من سوق تل أبيب.
من جانبها، تقول وكالة بلومبيرغ الأميركية إن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة سلطت الضوء على مليارات الدولارات من أصول الصناديق المرتبطة بإسرائيل، التي تكبدت خسائر فادحة منذ عملية "طوفان الأقصى".
وحسب "بلومبيرغ"، يجري الاحتفاظ بما لا يقل عن 43 مليار دولار في الأسهم أو السندات الإسرائيلية، من خلال الصناديق السلبية والمدارة بشكل نشط والتي تتتبعها الوكالة الأميركية ضمن مؤشراتها المالية.
ويأخذ المؤشر في الاعتبار فقط الصناديق التي لديها 70% أو أكثر من الاستثمارات في الأوراق المالية الإسرائيلية.
ويرى رئيس استراتيجية الاستثمار وكبير الاقتصاديين في صندوق "أيه أم بي" الأميركي، شين أوليفر، أن التساؤلات ما زالت تدور بين المستثمرين حول متى ستنتهي الحرب، وهل ستدخل إيران طرفاً فيها.
ويضيف "في النهاية، فإن المستثمرين سيطالبون بعلاوة مخاطرة للاستثمار في الأصول الإسرائيلية إلى حين انتهاء الحرب".
وهذا من شأنه أن يرفع كلفة الدين الإسرائيلي وسط ارتفاع أسعار التأمين على السندات السيادية، وبالتالي يرى محللون أن ذلك سيحد من قدرة تل أبيب على جمع تمويلات جديدة للحرب.
ويلاحظ أن مؤشر الأسهم الإسرائيلية تراجع بنسبة 6.5% في يوم واحد، وهو أكبر انخفاض له منذ أكثر من ثلاث سنوات، كما يواصل الشيكل الانهيار والتراجع إلى أدنى مستوياته منذ عام 2014 مقابل الدولار، حتى بعد أن كشف بنك إسرائيل عن برنامج غير مسبوق للتدخل في سوق الصرف بنحو 45 مليار دولار للدفاع عن العملة.
كشف بنك إسرائيل عن برنامج غير مسبوق للتدخل في سوق الصرف بنحو 45 مليار دولار للدفاع عن العملة
في هذا الصدد، قال كبير الاقتصاديين في شركة بساوت للاستثمار الإسرائيلية، غاي بيت أور، إن التداعيات يمكن أن تكون أسوأ من المواجهة التي استمرت شهراً بين إسرائيل وحزب الله في عام 2006، وهي واحدة من أكبر الحروب الأخيرة التي شنتها إسرائيل.
ولا يستبعد الاقتصادي، غاي بيت أور، أن ينكمش الناتج الاقتصادي الإسرائيلي بنسبة تصل إلى 2 أو 3 في المائة. وقال: "نحن أمام عملية طويلة، وستؤدي إلى خسائر فادحة في الاقتصاد الإسرائيلي".
ولاحظت تقارير إسرائيلية تواصل إلغاء العطلات والحفلات والمناسبات ووجود الأطفال في المنازل، كما لا يستطيع الكثير من الناس العمل، وتحولت المدارس في جميع أنحاء إسرائيل إلى التعلم عن بعد.
وهذا يعني عملياً أن القوة الشرائية في إسرائيل انهارت منذ عملية "طوفان الأقصى" يوم 7 أكتوبر الجاري، وهو ما يهدد بزيادة كلف الأعمال التجارية، وبالتالي تراكم الخسائر في حساباتها السنوية.
ومن شأن خفض التصنيف الائتماني المتوقع من قبل وكالات التصنيف العالمية، أن يزيد تكلفة خدمة الديون التي ارتفعت عوائدها لأعلى مستوى في تعاملات يوم الأحد وفق محللين.
على صعيد خسائر شركات التأمين، قالت شركة "فينيكس" في تقرير أمس الاثنين، أنه منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول وحتى صباح أمس، تكبدت الشركة خسارة بقيمة 70 مليون شيكل نتيجة انخفاضات الأسواق المالية، إضافة إلى خسارة مبلغ 60 مليون شيكل رسوماً إدارية لن تتمكن الشركة من تحصيلها على وثائق التأمين ذات الربح بسبب العوائد السلبية.
وقالت الشركة إنها تعتزم جمع 350 مليون شيكل من خلال طرح سندات "من أجل تغطية الخسائر وتعزيز موقفها المالي".
وحسب بيان الشركة الذي نقلته صحيفة "غلوبس" في تل أبيب أمس، "لقد أدت الحرب إلى سلسلة من العواقب والقيود، من بينها الإغلاق المؤقت للعديد من الشركات، والقيود على التجمعات في أماكن العمل والمناسبات، وإغلاق المدارس ورياض الأطفال.
وذكرت الشركة أن "هذه العوامل تسببت في انخفاض النشاط في الاقتصاد الإسرائيلي". وتابع تقرير الشركة: "نتيجة للحرب، حدث انخفاض حاد في الأسواق المالية في إسرائيل".
من المتوقع أن يكلف يوم الحرب الواحد ضد قطاع غزة أكثر من 200 مليون دولار، هذا فقط على صعيد العملية العسكرية
وأضافت أن "المجموعة بحكم أعمالها تغطي هبوط الأسواق المالية، وتباطؤ النشاط، ومخاطر أخرى ناجمة عن الحرب". وتقول الشركة "في هذه المرحلة، هناك قدر كبير من عدم اليقين بشأن كيفية تطور الحرب ومداها ومدتها".
ولذلك لا يمكن تقدير التداعيات المالية لتأثير الحرب على الشركة ونتائجها على المدى الفوري أو حتى المتوسط.
ومن المتوقع أن يكلف يوم الحرب الواحد ضد قطاع غزة أكثر من 200 مليون دولار، هذا فقط على صعيد العملية العسكرية.