تصاعدت حدة الخلافات في الأردن بين الحكومة والجمعية العلمية الملكية لحماية الطبيعة بشأن استغلال خامات النحاس في محمية ضانا الطبيعية جنوبي البلاد، وسط استغراب أعضاء في مجلس النواب من طرح المشروع للاستثمار في هذا الوقت رغم أنه كان متاحاً منذ عقود.
وجاء الخلاف في أعقاب قرار مجلس الوزراء العمل على اقتطاع جزء كبير من مساحة المحمية لصالح المشروع بدون التشاور مع الجمعية أو حتى إجراء الدراسات البيئية والاقتصادية اللازمة له.
ويبدو أن الحكومة تضغط بقوة لتجاوز عقبة رفض الجمعية العلمية الملكية للمشروع وعدد من النواب من خلال العزف على وتر توفير فرص عمل جديدة وتحقيق عوائد مالية مجزية للخزينة، إلا أن الجمعية ترى في ذلك تدميراً لأهم محمية طبيعية في الأردن.
وزيرة الطاقة والثروة المعدنية، هالة زواتي: الدراسات أثبتت وجود النحاس باحتياطي كافٍ ليكون الاستثمار مجدياً
ومن جانبها أكدت وزيرة الطاقة والثروة المعدنية، هالة زواتي، أن الدراسات أثبتت وجود النحاس باحتياطي كافٍ ليكون الاستثمار مجدياً.
وتقدر مساحة المحمية التي تشكل تنوعاً حيوياً وطبيعياً فريداً بحوالي 300 كم.
وأكدت الوزيرة أنه تم إجراء دراسات في المنطقة الشمالية من المحمية من قبل الشركة المتكاملة التي تم توقيع مذكرة تفاهم معها في وقت سابق.
وأبدى عضو لجنة الطاقة في مجلس النواب، عبد الله عواد، رفضه اقتطاع المساحة المحددة من المحمية والتي تقول الحكومة إنها تشتمل على خامات النحاس قبل إجراء الدراسات والخروج بنتائج واضحة تثبت وجود كميات وفيرة للنحاس والجدوى الاقتصادية له.
وقال عضو لجنة الطاقة في مجلس النواب، موسى هنطش، لـ"العربي الجديد"، إن الأردن يتوفر على العديد من المعادن، لكن دراسات الجدوى لم تكن تشجع على استخراجها، وبالتالي فإن أي دراسات حديثة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار النتائج السابقة بحيث تتم مشروعات الاستخراج للنحاس وغيره بالشكل الذي يحقق عائداً مادياً مقنعاً، وفي نفس الوقت يبتعد عن إحداث أي أضرار بيئية.
من جانبها، قالت الجمعية العلمية الملكية على لسان مديرها الوزير الأسبق، خالد الإيراني، إنها رفضت في وقت سابق طلبا حكوميا لاستغلال خامات النحاس في المحمية للأبعاد البيئية على المنطقة والأردن بشكل عام.
وتوصلت الجمعية حينها إلى اتفاق مع الحكومة للتعاقد مع مستشارين للتأكد من حقيقة وجود نحاس في حدود الجمعية. وأكدت الجمعية رفضها للقرار الحكومي، وطلبت ملف دراسة علمية كاملة، من خلال مستشار محايد لجدوى المشروع.
محمية ضانا تأسست عام 1989 وتعد أكبر محمية طبيعية في الأردن وتقع في محافظة الطفيلة، جنوبي البلاد
ومحمية ضانا تأسست عام 1989 وتعد أكبر محمية طبيعية في الأردن وتقع في محافظة الطفيلة، جنوبي البلاد. وتشتهر المحمية بأنها الوحيدة في الأردن التي تحتوي الأقاليم الحيوية الجغرافية الأربعة: البحر الأبيض المتوسط، والإيراني الطوراني، والصحراء العربية، والسوداني.
وفي هذا الإطار، قال الخبير الاقتصادي، حسام عايش، لـ"العربي الجديد"، إن هناك حالة من عدم الوضوح بشأن واقع المعادن في الأردن، فحيناً نسمع عن عدم وفرة الكميات وجدوها، وفي حين آخر وفرتها وجدواها، ما يتطلب إجراء دراسة معمقة ومتخصصة من قبل شركات عالمية حتى تكون النتائج دقيقة والبناء عليها.
ووفق عايش فإنه تجب المواءمة بين الجانبين الاقتصادي والبيئي عند التحدث عن مشروع النحاس وغيره، وكذلك تحديد المردود الاقتصادي على الدولة ككل من حيث الايرادات المالية والتشغيل وتنشيط العديد من القطاعات.
وحسب دراسات شركة سيلترست (Seltrust) البريطانية التي أجرتها عام 1985 لصالح سلطة المصادر الطبيعية الأردنية، فإن تكلفة وحدة استخراج 3000 طن كل سنة من النحاس قدرت بنحو 17.5 مليون جنيه إسترليني في ذلك الوقت، عبر استخدام عملية ترشيح الطبقة الرقيقة متبوعاً بالاستخلاص بالمذيبات.
وتوقعت الوزارة أن تبلغ كلفة الاستثمار في المنطقة بنحو 200 مليون دينار (282 مليون دولار)، وأن توفر فرصاً للعمل، خاصة لأهالي المناطق المحيطة بها، تقدر بنحو 1000 وظيفة مباشرة ونحو 2500 وظيفة غير مباشرة.
وأكد نقيب الجيولوجيين الأردنيين، ورئيس اتحاد الجيولوجيين العرب، صخر النسور، أهمية الاستثمار في خامات النحاس وتحويلها إلى صناعات تحويلية تسهم في إحداث نمو حقيقي بالاقتصاد الوطني وتنمية شاملة بمناطق الجنوب.
نقيب الجيولوجيين الأردنيين، يؤكد أهمية الاستثمار في خامات النحاس وتحويلها إلى صناعات تحويلية تسهم في إحداث نمو حقيقي بالاقتصاد الأردني وتنمية مناطق الجنوب
وقال إن النقابة منذ سنوات تطالب بتسليط الضوء على استغلال خامات النحاس وإعداد دراسات الجدوى الاقتصادية اللازمة وتخصيص المنطقة التي يوجد فيها النحاس بمواصفات جيدة ضمن منطقة ضانا بهدف استكمال الدراسات لتحديد الاحتياطي المتوقع.
وأكد أن كل الدراسات الجيولوجية التي قامت في سلطة المصادر الطبيعية وبمشاركة بعثات أجنبية ألمانية وفرنسية أكدت وجود نسب تركيز جيدة ومؤملة لخامات النحاس في ضانا، إلا أن شروطاً تعجيزية كانت تمارس لعرقلة إنجاز دراسات الجدوى الاقتصادية للمشروع.