لاقى التونسيون قرار البنك المركزي برفع سعر الفائدة الرئيسي بكثير من الغضب، بسبب الزيادة المتوقعة في كلفة قروضهم المصرفية لأكثر من 60 بالمائة من الأسر التي تعاني من صعوبات معيشية كبيرة وضيق مالي نتيجة التضخم والوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب في البلاد.
وانتقد التونسيون بشدة بحث السلطات عن الحلول لكبح التضخم في جيوب المواطنين، بينما اعتبر محللون في القطاع المالي أن البنك المركزي يقدم هدايا للقطاع المصرفي الذي يجني أرباحاً جديدة من زيادة سعر الفائدة.
والثلاثاء قال البنك المركزي التونسي إنه رفع سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 75 نقطة أساس من 6.25% إلى 7% لمحاربة تضخم مرتفع، وهي أول زيادة للفائدة منذ عام 2019.
وعبّر البنك في بيان أصدره عن قلقه العميق حيال المنحنى المرتفع للتضخم، ودعا إلى إصلاحات اقتصادية في أقرب وقت ممكن لاستعادة النمو الاقتصادي من أجل ضمان استقرار الاقتصاد الكلي واستدامة الدين العام.
وعبّر المواطن ناجح الهرمي عن قلقه من قرار زيادة سعر الفائدة، مؤكداً أن أسرته التي تسدد قرضاً سكنياً مدته 20 عاماً ستتحمّل كلفة إضافية لهذا القرار بعد أن تحمّلت عام 2019 زيادة في القسط لذات السبب.
وقال الهرمي في تصريح لـ"العربي الجديد" إن كلفة القرض ستزيد بما لا يقل عن 100 دينار نتيجة رفع سعر الفائدة، موضحاً أن الأسر تواجه سيلاً من الزيادات في الفواتير وغلاء المعيشة وأقساط القروض المصرفية. وتساءل عن مدى قدرة تحمّل التونسيين لمزيد من الأعباء.
وخلال السنوات الخمس الماضية قفز سعر الفائدة من 4.75 سنة 2017 إلى 7 بالمائة سنة 2022، بينما بلغ أعلى سعر حدده البنك المركزي 7.75 بالمائة، وذلك في فبراير/ شباط 2019.
ويرى المتحدث أن السلطة تحمّل المواطنين كل خياراتها الاقتصادية، مبدياً قلقاً كبيراً من استمرار الأزمة وغياب الأفق والحلول بينما يغرق التونسيون في دوامة الديون.
وتشير بيانات رسمية للبنك المركزي، إلى أن التداين الإجمالي للأفراد لدى القطاع البنكي بلغ 25.2 مليار دينار (الدولار = نحو 2.96 دينار) سنة 2020 مقابل 24.3 مليار دينار عام 2019 أي بزيادة قدرها 5.8 بالمائة مقابل نمو بـ0.4 بالمائة في سنة 2019.
ونتيجة معاناة الأسر من ضغوط المعيشة تتوسع دائرة الاقتراض الأسري التي تشمل أكثر من 60 بالمائة من العائلات التونسية.
ويؤكد الخبير المالي خالد النوري أن الزيادات المتوقعة في أقساط الديون ستتراوح ما بين 4 و15 بالمائة، وذلك بحسب مدة سداد القرض وقيمة الدين الأصلي، مؤكداً أن 55 بالمائة من القروض التي يحصل عليها التونسيون هي قروض استهلاكية لا تتجاوز مدة سدادها 5 سنوات.
خلال السنوات الخمس الماضية قفز سعر الفائدة من 4.75 سنة 2017 إلى 7 بالمائة سنة 2022، بينما بلغ أعلى سعر حدده البنك المركزي 7.75 بالمائة، وذلك في فبراير/ شباط 2019
وأكّد النوري في حديثه لـ"العربي الجديد" أن الزيادة في كلفة أقساط القروض ستكوّن أقل حدة بالنسبة للقروض قصيرة المدى، غير أنها ستؤثر أكثر في موازنات الأسر التي تسدد أقساطا سكنية طويلة المدى، مرجحا أن يتسبب القرار في زيادة تعثّر ديون الأفراد.
وتكشف بيانات رسمية للبنك المركزي أن نسبة الديون المتعثرة ومحل النزاع، الخاصة بقروض تهيئة المساكن قفزت من 20 مليون دينار عام 2019 إلى 29 مليون دينار سنة 2020 بزيادة قدرت بـ22.3 بالمائة.
ويرى أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية أرام بالحاج، أن رفع نسبة الفائدة المديرية بـ75 نقطة أساس كاملة هي ضربة قاصمة للاقتصاد الحقيقي وهدية مجانية للقطاع البنكي والمالي.
وتظهر بيانات رسمية منشورة على موقع بورصة تونس للأوراق المالية أن القطاع المالي حقق ناتجاً بنكياً صافياً خلال الربع الأول من السنة يقدر 1447 مليون دينار بزيادة تقدر بـ11.8 بالمائة عن ذات الفترة من سنة 2021 وسط توقعات بأن يساهم قرار زيادة سعر الفائدة الأساسية في تعزيز أرباح البنوك.
ووفق بيانات حديثة صادرة عن المعهد الوطني للاستهلاك، فإن الأسر المديونة تخصص نحو 43% من أجورها لسداد الديون.