مع مواصلة أسعار الغاز بالسوق الأوروبية ارتفاعها إلى مستويات قياسية تفوق 500 دولار لكل ألف متر مكعب للعقود الآجلة، يراهن عملاق الغاز الروسي "غازبروم" على زيادة عوائده بعد عزوفه عن حجز عمليات ترانزيت إضافية عبر الأراضي الأوكرانية أو البولندية، وسط ترقب استكمال أعمال بناء وتشغيل خط أنابيب الغاز "السيل الشمالي-2".
وذكرت وكالة "نوفوستي" الحكومية الروسية، الإثنين الماضي، أن شركة "غازبروم" لم تحجز عمليات ترانزيت إضافية عبر أوكرانيا للأشهر التسعة الأولى من عام 2022، ولا إضافية لترانزيت الغاز بخط "يامال - أوروبا" عبر بولندا، بحجة توفر إمكانيات كافية وإمكانية الحجز بالمزادات المستقبلية إذا اقتضى الأمر.
وفي هذا الإطار، لا يستبعد الشريك في شركة "روس إينرجي" للاستشارات، ميخائيل كروتيخين، احتمالا بأن يكون كبار مصدري الغاز مثل روسيا والنرويج يتعمدون تقليل حجم الإمدادات لدفع الأسعار لمزيد من الارتفاع، مقللا في الوقت نفسه من أهمية "السيل الشمالي-2" من وجهة النظر التجارية والاقتصادية البحتة.
ويقول كروتيخين في حديث لـ"العربي الجديد": "يعود ارتفاع أسعار الغاز في الأسواق العالمية إلى صعود الأسعار ببورصات السلع بشكل عام، بالإضافة إلى عوامل موسمية مثل المعدل العالي لتشغيل التكيفات في الموسم الحار، وتأني روسيا والنرويج في زيادة إمدادات الغاز. أضف إلى ذلك أن تجار الغاز الطبيعي المسال القطري والجزائري والأميركي المنشأ توجهوا لبيعه في الأسواق الآسيوية مثل اليابان والصين، مما أدى إلى نقص في أوروبا".
وحول استراتيجية تعامل شركة "غازبروم" مع هذا الوضع، يضيف: "حتى الآن لم تصدر أي بيانات رسمية، ولكن "غازبروم" لا يستعجل لزيادة الترانزيت عبر أوكرانيا أو بولندا، وربما تحتفظ بكميات من الغاز حتى مزيد من ارتفاع الأسعار".
ومن اللافت أن الموجة الحالية لارتفاع أسعار الغاز تزامنت مع الانفراج في تحقيق مشروع "السيل الشمالي-2" بعد صدور البيان الألماني الأميركي، مما يمهد لاستكمال أعمال بناء الخط في القريب العاجل وتدفق كميات إضافية من الغاز الروسي إلى ألمانيا عبر قاع البلطيق.
إلا أن كروتيخين يقلل من الأهمية الاقتصادية لـ"السيل الشمالي-2" قياسا بأبعاده السياسية، مضيفا: "يشكل "السيل الشمالي-2" طاقة تمريرية إضافية لنقل الغاز، ولكن حتى من دونه تتيح الإمكانيات الحالية زيادة الإمدادات بنسبة بين 50 و100 في المائة. كان "السيل الشمالي-2" بالدرجة الأولى مشروعا سياسيا بهدف إحداث انقسام في أوروبا".
وكانت صحيفة "كوميرسانت" الروسية قد نقلت عن مصادر بسوق الغاز في نهاية يوليو/تموز الماضي، أن أسعار الغاز لن تتراجع قبل بدء الإمدادات التجارية عبر الأنبوب الأول لـ"السيل الشمالي-2" في أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
يذكر أن مشروع "السيل الشمالي-2"، يشمل مد أنبوبين بطاقة تمريرية إجمالية قدرها 55 مليار متر مكعب سنويا لنقل الغاز الروسي إلى ألمانيا مباشرة عبر قاع بحر البلطيق دون المرور بالأراضي الأوكرانية، وقد اعترف الرئيس الأميركي، جو بايدن، في نهاية المطاف بعدم إمكانية تعطيله بعد استكمال أعمال البناء بنسبة 99 في المائة، مما عرضه لانتقادات الجمهوريين الذين يُعرفون بتشدد موقفهم حيال موسكو.