سوريون شقوا طريقهم في استثمارات بالجزائر يحلمون بالعودة

24 ديسمبر 2024
الجزائر قدمت تسهيلات للسوريين المقيمين فيها، الجزائر في21 نوفمبر 2023 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تترقب الجالية السورية في الجزائر تطورات الأوضاع في سوريا بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد، حيث يتباين موقف السوريين بين العودة إلى الوطن أو البقاء في الجزائر حيث نجحوا في بناء حياة جديدة.

- يُعتبر عمار نموذجاً ناجحاً، حيث بدأ في تجارة المواد الغذائية وتوسع إلى العقارات والمقاولات، مستفيداً من التسهيلات الجزائرية، ويدير حالياً مركزاً تجارياً ومشاريع بناء.

- الشيف منذر يدير مطعم "زيت وزعتر" الذي يعكس الثقافة السورية، وحقق نجاحاً كبيراً بفضل الدعم المحلي وظهوره الإعلامي، ويسعى لتوسيع مشروعه في الجزائر.

تترقب الجالية السورية في الجزائر من كثب ما تؤول إليه الأوضاع في بلادهم، بعد الأحداث الأخيرة التي أعقبت الإطاحة ببشار الأسد ونظامه، كونه من تسبّب في تهجير الملايين من هؤلاء السوريين، وتوزيعهم على مختلف مناطق العالم، وبينما عادت لتلوح فكرة الرجوع إلى الوطن في أذهان بعض السوريين المقيمين في الجزائر، يفضل آخرون التريث إلى حين، إذ لا يمكن التخلي عن مشاريعهم بين ليلة وضحاها، فهم يعتبرون نماذج ناجحة في ميادين شتى.

استطلعت "العربي الجديد"، ضمن هذا السياق، آراء ومواقف مجموعة من أفراد الجالية السورية التي اختارت الجزائر بلد إقامة لها، لا سيما أولئك الذين يُعتبرون نماذج ناجحة في ميادين عدة، لتظهر مواقف متباينة بين التريث والترقب والفرحة بزوال النظام السابق. 

نماذج ناجحة

عمار هو أحد هذه النماذج الناجحة، وهو تاجر، بدأ طريقه في نشاط تجارة المواد الغذائية العامة، ليصل إلى المجال العقاري والمقاولات، من خلال إنجاز العديد من المشاريع المتعلّقة بالبناء. وأوضح في لقائه مع "العربي الجديد" أنّ كل ما أنجزه إلى حد الساعة لم يمكن ليحدث لولا التسهيلات التي قدمتها السلطات العمومية الجزائرية لهم.

وأشار عمار، الذي فضل عدم ذكر اسمه كاملاً، إلى أنّه استفاد على غرار غيره من اللاجئين السوريين في الجزائر من تسهيلات للعمل والنشاط في المجال التجاري، فقد فُتحت لهم الأبواب للاستثمار دون أدنى تمييز مع المواطنين، "بل خُصّوا، كما يقول عمار، بامتيازات لم يحظَ بها الجزائريون أنفسهم"، من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية في الحصول على الوثائق المطلوبة، والأخذ بعين الاعتبار الظرف الاستثنائي الخاص بهم. 

وأوضح أنّه يدير حالياً مركزاً تجارياً لبيع المواد الغذائية، بالإضافة إلى إنجاز العديد من المشاريع في مجال المقاولات والبناء في الجزائر العاصمة بالشراكة مع مواطن سوري آخر، وذكر أنه يشغّل معه عشرات من العمال السوريين والجزائريين أيضاً، بالإضافة إلى المساهمة في تمويل الخزينة العمومية، من خلال تسديد ما يترتب عليه من ضرائب ورسوم، شأنه في ذلك شأن كل متعامل اقتصادي.

وفي ردّه على سؤال بخصوص إمكانية الرجوع إلى سورية، إثر زوال نظام الأسد، قال عمار إن "العودة إلى الوطن رغم كونها رغبة دائمة إلا أنّها تستدعي التفكير والتأكد باستقرار الأوضاع تماماً"، مضيفاً: "لا يعقل تكرار سيناريو عشناه سابقاً"، فيما أكد أنّ الجزائر تحوّلت إلى وطن ثان له، انسجم مع أهلها و"شرب" من عاداتهم وتقاليدهم حتى أضحى منهم. 

نشاط المطاعم

وتحدثت "العربي الجديد"، أيضاً، مع أحد السوريين الذين لمع صيتهم في الجزائر ككل، بفضل نشاط فتح له باب المشاركة في قناة إعلامية معروفة، وهو "الشيف منذر" الطباخ الذي بدأ طريقه من السفر بعد أن دخل الجزائر في أواخر عام 2013، وقال إنه اختار هذا البلد دون غيره لاعتبارات عدة، كسمعته الطيبة وتاريخه العريق.

ويُدير "الشيف منذر" حالياً مطعم "زيت وزعتر" المشهور في منطقة القبة بالجزائر العاصمة، يعرض من خلاله مجموعة من الأطعمة والمأكولات التي تحمل عبق الشام، ليكون بذلك بمثابة سفير للثقافة الغذائية السورية في الجزائر، عبر هذا المطعم الذي بدأ العمل فيه طاهياً بسيطاً. وقال إنّ هذا النجاح تتويج لمسيرة من الجد والتعب دامت عدة سنوات، مرجعاً الفضل أيضاً إلى العمال والزبائن على السواء، "الذين وضعوا ثقتهم فينا دون أن ننسى الأخ والصديق الأستاذ حمزة صاحب هذا المشروع الذي كان حاضراً معنا قلباً وقالباً".

ولدى جوابه عن سر تسمية المطعم، قال الشيف منذر إنّ "زيت وزعتر" اسم عريق يذكّرنا بعادات وتقاليد المشرق العربي، وبالتحديد سورية وفلسطين، لذلك كلما نقول زيت وزعتر نتذكر أصلنا وأجدادنا والحياة البسيطة التي كانوا يعيشونها"، ومع هذا أكد السعي المستمر لتوسيع المشروع، ونقل نجاحه إلى أبعاد أخرى، خاصة أنه أصبح معروفاً في كل ربوع الجزائر، فللشيف منذر ظهور دائم على شاشات التلفزيون، لا سيما عبر قناة "سميرة تي في" المتخصصة في الطبخ. 

تسهيلات لصالح الجالية السورية

وأكد منسق الجالية السورية في الجزائر، عدنان البوش، الدور الذي قامت به الجزائر في احتضان اللاجئين القادمين من سورية وحمايتهم خلال ظروفهم الاستثنائية، وأشار إلى التسهيلات الممنوحة للوافدين السوريين بما في ذلك التغاضي عن طريقة الدخول إلى الجزائر، وهو "ما يُعبر، حسبه، عن تفهّم السلطة الجزائرية الحالة الاستثنائية التي دفعت عشرات الآلاف من السوريين لاختيار الجزائر بلد حماية".

وأشاد عدنان البوش خلال حديثه مع "العربي الجديد" بقرار وزارة التربية الوطنية الجزائرية القاضي بالسماح لكل الأطفال السوريين بالتعلم في المدارس العمومية والخاصة دون إحضار أوراق ثبوتية، لأنّ قسماً منهم هرب من سورية بدون الأوراق الثبوتية، فقد دُمرت وحرقت بيوتهم من قبل براميل النظام وأعوانه، ووصفه بأنه "قرار تاريخي" من السلطة الجزائرية.

المساهمون