من المتوقع أن تتمكن بعض شركات الطيران العالمية من تحقيق ربحية عالية خلال العام الجاري، بسبب عمليات التحوط المبكرة على وقود الطيران، بينما ارتفعت الأسعار بمستويات جنونية لهذا النوع من الوقود، بلغت أكثر من 480 دولاراً للبرميل في السوق الأميركية وأسواق آسيا.
وراهنت بعض الشركات الطيران على ارتفاع أسعار الوقود في عام 2020، حينما ضربت جائحة كورونا أسواق صناعة السفر العالمية والطاقة العالمية، وهبطت أسعار النفط إلى أقل من 20 دولارا للبرميل. وبدأ وقتها المنتجون والوسطاء البحث عن السيولة النقدية عبر صفقات شراء مستقبلية تقيهم شرور الوقوع في فخ الإفلاس.
وبينما بلغ سعر برميل وقود الطائرات في المتوسط 170 دولاراً في بداية العام الماضي، ارتفع إلى أكثر من 480 دولاراً للبرميل في شهر يونيو/حزيران الماضي، حسب بيانات اتحاد النقل الجوي العالمي "أياتا". وحسب البيانات، بلغت أسعار وقود الطائرات 466 دولاراً في الأسبوع الأول من الشهر، وبلغت 482 و484 و472 دولاراً للبرميل في الأسابيع الثلاثة الأخرى منه.
وعادة ما ترتفع الأسعار بشكل جنوني في الصيف، بسبب الطلب على الطيران في موسم الإجازات. وتقدر "أياتا" أن يبلغ حجم سوق وقود الطائرات العالمي نحو 132.9 مليار دولار خلال العام الجاري. كما تقدر حجم الطلب على وقود الطائرات أن يبلغ نحو 60 مليار غالون. يذكر أن أسعار وقود الطائرات ارتفعت بنسبة 35% في شهر فبراير/شباط الماضي. وهذا الارتفاع الجنوني كان أحد الأسباب في رفع شركات الطيران أسعار تذاكر الطيران.
وتُعد كلفة الوقود من أكبر هواجس شركات الطيران في الوقت الراهن، بسبب الاضطرابات الكبيرة في الإمدادات النفطية الروسية من البترول ومشتقاته وتداعيات العقوبات الغربية على الطاقة الروسية. وتواصل القوات الروسية الحرب على أوكرانيا، من دون أن يلوح في الأفق ما يشير إلى أنها ستنتهي قريباً. وبينما يمكن بسهولة حساب كلف عمليات تشغيل الطيران، فإن كلف الوقود لا يمكن حسابها، بسبب الاضطراب الكبير في أسعار الوقود. وخلال العام الجاري، توقعت شركات الطيران حدوث تذبذب في أسعار الوقود بنسبة 15% مقارنة بالمتوسط السعري، لكن ما حدث أن التذبذب في أسعار الوقود فاق كثيراً هذا المعدل.
وصفقات التحوط هي عبارة عن التعاقد على شراء برميل الوقود بسعر معين لفترة محددة في المستقبل. وعادة، تتحوط شركات الطيران على وقود الطائرات في فترات انهيار أسعار النفط أو تدهورها بشكل كبير، أو توقعاتها بأن النفط يعيش دورة صعود سعري. وهو الوقت الذي تكون فيه الشركات النفطية وشركات الوساطة بحاجة إلى سعر أعلى من سعر السوق أو في حاجة للحصول على سيولة مالية تكفيها شر اللجوء إلى الاقتراض من البنوك.
وتحوطت بعض شركات الطيران، حسب موقع سيمبل فلاينغ، على برميل الوقود بـ57 دولاراً، فيما وصل عام 2020 إلى 60 دولاراً للبرميل، حينما شهدت أسعار النفط انهياراً بلغ 20 دولاراً لبرميل النفط، واضطرت بعض الشركات النفطية إلى دفع أموال لتفريغ شحناتها البترولية.
ومن بين الشركات التي حققت وفورات ضخمة من التحوط على وقود الطائرات، شركة ساوث ويست الأميركية، التي تمكنت من تحقيق مكاسب ضخمة قدرت بـ 1.2 مليار دولار، وفقاً لبيانات "فاينانشيال تايمز" البريطانية. ويتكرر الموقف مع "الخطوط الجوية الفرنسية" و"الخطوط الهولندية" (كي أل أم) و"لوفتهانزا" و"بريتش أيرويز" و"إيبيريا" و"كاثي باسيفيك" و"سنغافورة اير لاينز". فهذه الشركات من المتوقع أن ترفع من معدلات أرباحها خلال العام الجاري، بسبب حصولها على الوقود الرخيص مقارنة بمنافساتها.
وحسب بيانات "سيمبل فلاينغ"، تحوطت كل من "كي أل أم" و"الخطوط الفرنسية" لنسبة 72% من استهلاك الوقود في الربع الأول من العام، ونسبة 63% من استهلاكها في الربع الثاني، وبصفقات تعاقد بلغت 90 دولاراً للبرميل. أما "لوفتهانزا" الألمانية فقد تحوطت لنسبة 63% من إجمالي وقودها في عام 2022 ودفعت 74 دولاراً للبرميل.
وفي آسيا، تحوطت شركات على وقودها في صفقات نفذتها في عام 2020، بلغت قيمتها 60 دولاراً للبرميل. وتعد السوق الآسيوية من الأسواق النشطة في تجارة الرهان على الوقود في العالم.