اتسع العجز التجاري الأميركي إلى مستوى قياسي في عام 2022، رغم تفاقمه بأقل من المتوقع في ديسمبر/كانون الأول الماضي، حسبما ذكرت بيانات حكومية اليوم الثلاثاء، بدافع قوي من زيادة حادة في الاستيراد والإنفاق العام.
فقد أظهرت بيانات وزارة التجارة، اليوم، أن العجز التجاري الإجمالي زاد 103 مليارات دولار إلى 948.1 مليار دولار في العام الماضي مقارنة بعام 2021، نتيجة زيادة واردات السلع التي تتنوع من النفط الخام إلى المواد الاستهلاكية بما في ذلك الأدوية والمنتجات المنزلية، بما يمثل أكبر عجز يرجع تاريخه إلى عام 1960، وفقا لبيانات حكومية.
ويشير المحللون إلى أن التجارة كانت عاملا متأرجحا في نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الماضي، ما أدى إلى تعثرها في الأشهر الأولى من عام 2022، لكنها قدمت دفعة جيدة لاحقا.
وقالت وزارة التجارة إن العجز التجاري ارتفع في ديسمبر المنصرم بمقدار 6.4 مليارات دولار إلى 67.4 مليارا.
وارتفعت واردات الولايات المتحدة 4.2 مليارات دولار من نوفمبر/تشرين الثاني إلى ديسمبر، لتصل إلى 317.6 مليار دولار، نتيجة زيادة الإنفاق على السلع الاستهلاكية، مثل الهواتف المحمولة والسلع المنزلية الأخرى والسيارات.
في المقابل، تراجعت الصادرات 2.2 مليار دولار إلى 250.2 مليارا في ديسمبر، متأثرة بهبوط صادرات السلع مثل الإمدادات والمواد الصناعية.
وتأتي أحدث الأرقام في الوقت الذي تحوّلت فيه الأسر نحو المزيد من الإنفاق على الخدمات بدلا من السلع، حيث يكافح المستهلكون مع التضخم المرتفع باستمرار.
واتسع عجز تجارة السلع مع الصين بمقدار 29.4 مليار دولار إلى 382.9 مليار دولار عام 2022، وهو رقم قياسي أيضا.
وشكّل العام الماضي المرة الأولى منذ عام 2019 التي تستورد فيها الولايات المتحدة بضائع من الاتحاد الأوروبي أكثر من الصين.
لكن المحللين أشاروا إلى أن الأرقام تتأثر بضوابط بكين الصارمة للفيروسات وتفشي فيروس كورونا الذي ضرب اقتصادها في العام الماضي، وزيادة النشاط التجاري في أماكن أخرى مع تعافي البلدان من الوباء.
انخفاض الطلب
كبير الاقتصاديين في "بانثيون ماكرو إيكونوميكس" إيان شيبردسون كتب في مذكرة حديثة: "لقد كان صافي التجارة عاملا متأرجحا مهما في نمو الناتج المحلي الإجمالي الرئيسي خلال العام الماضي، حيث أدى إلى تراجع النمو في الربع الأول من عام 2022 وأدى جنون إعادة بناء المخزون من قبل تجار الجملة وتجار التجزئة إلى زيادة الواردات".
واعتبر أن التجارة قدمت دفعة في الفصول اللاحقة مع تلاشي الطفرة، لكنه أضاف أن التقلبات الكبيرة المماثلة في عام 2023 "غير مرجحة".
من جهته، أضاف ماثيو مارتن، من "أكسفورد إيكونوميكس"، أن الاقتصاد أظهر نموا قويا في الربع الرابع، لكنه حذر من أن "البيانات الأساسية تشير إلى ضعف النشاط، خاصة بالنسبة لطرق التجارة الرئيسية في العالم التي شهدت انخفاضا في الطلب من تجار التجزئة والمستهلكين".
وأضاف أن الواردات والصادرات من الإمدادات والمواد الصناعية تراجعت في ديسمبر الماضي، مؤكدا ضعف قطاع الصناعات التحويلية مع نهاية العام.
كبيرة الاقتصاديين الأميركيين في "هاي فريكوانسي إكونوميكس" روبيلا فاروقي قالت إن التدفقات التجارية "تباطأت أخيرا بسبب تحول في الطلب على الخدمات من السلع وضعف النمو العالمي، لكن آفاق النمو الأفضل في الولايات المتحدة وفي الخارج يمكن أن توفر الدعم خلال الأشهر المقبلة".
(فرانس برس، العربي الجديد)