في الوقت الذي يشعر الملايين بالقلق من الفقر والجوع وما إذا كان بإمكانهم تحمل تكلفة 1000 دولار إضافية على أسعار الطاقة هذا العام، تبدو أحوال شركات المنتجات الفاخرة في ازدهار، حيث لا يزال آخرون ينفقون بسخاء على حقائب يد "هيرميس" البالغة قيمة الواحدة منها 10 آلاف دولار.
فقد ذكرت سلسلة من شركات المنتجات الاستهلاكية، مثل مجموعة المشروبات الروحية "دييجيو" Diageo وشركة "هيرميس" Hermes لتصنيع الأكياس من شركة "بيركن" Birkin، أنها تحقق أرباحا من أغلى منتجاتها وتتوقع أن تستمر في ذلك، على الرغم من أزمة تكلفة المعيشة التي لا تظهر أي علامات على تراجعها.
وتؤدي أسعار الفائدة المرتفعة بشكل حاد والتضخم المتزايد وأزمة الطاقة الممتدة إلى استنتاج مفاده أن الاقتصاد العالمي يتجه نحو الركود. لكن الملايين من المستهلكين الأثرياء ما زالوا يجلسون على وسادة من المدخرات التي تراكمت خلال جائحة كورونا.
وسجلت "هيرميس" هوامش أرباح فصلية قياسية اليوم الجمعة، حيث ارتفعت المبيعات بشكل حاد وسط نمو قوي في أوروبا والولايات المتحدة وانتعاش في الصين في يونيو/حزيران. وقال رئيس مجلس الإدارة أكسل دوماس إنه لا يرى أي علامة على تباطؤ في أي منطقة، رغم أن الشركة رفعت الأسعار بنسبة 4% هذا العام.
كما قالت شركة "رينو" الفرنسية لصناعة السيارات إن استراتيجيتها للتحول المتمثلة في التركيز على بيع سيارات أقل لكن أكثر ربحية تؤتي ثمارها، ورفعت توقعاتها لهوامش الربح للعام بأكمله. ويمكن أن تكلف أغلى سيارات "رينو" أكثر من 100 ألف دولار.
كما تمكن أيضا رؤية المرونة المدهشة للمستهلكين الأوروبيين في النتائج القوية لمالك العلامات التجارية الفاخرة "لوي فيتون" Louis Vuitton، لا سيما في الأزياء والسلع الجلدية، مثل "فندي" Fendi و"كريستيان ديور" Christian Dior، كما تقول ريبيكا تشيسوورث، وهي كبيرة استراتيجي الأسهم في صناديق الاستثمار المتداولة State Street SPDR.
ويستعد العديد من المستهلكين لتدهور الاقتصاد بسرعة هذا الشتاء. ففي بريطانيا على سبيل المثال، من المتوقع أن يقفز الحد الأقصى لسعر فواتير الطاقة المنزلية النموذجية من 1277 جنيها إسترلينيا (1552 دولارا) في وقت سابق من هذا العام إلى أكثر من 3500 جنيه بحلول أكتوبر/تشرين الأول، في حين قفزت تكلفة الغذاء 10% على أساس سنوي.
وسيؤدي ذلك إلى إغراق مئات الآلاف في خطر مالي، غير قادرين على الإنفاق على أي شيء سوى الأساسيات المطلقة.
ودخلت شركات الأغذية والسلع الشخصية، مثل "نستله" و"يونيليفر"، في مفاوضات شاقة مع تجار التجزئة منذ أواخر العام الماضي، مع إحجام المتاجر الكبرى عن رفع أسعار الضروريات الأساسية والمخاطرة بإبعاد المتسوقين الذين يكافحون من أجل البقاء.
وقال وي لي، كبير محللي الاستثمار العالمي في معهد بلاك روك للاستثمار: "لا تستطيع جميع الشركات (رفع الأسعار)، فقط الشركات التي لديها قوة تسعير تعمل بشكل جيد نسبيا - والتي تتمتع بالمراكز المهيمنة في قطاعاتها - ستكون قادرة على القيام بذلك.. التركيز على الجهات الفاعلة ذات الجودة داخل القطاع أمر مهم".
وفي حين أن مدخرات المستهلكين الأكثر ثراء لا تزال تتأكل بسبب التضخم، يبدو أنهم يركزون حاليا على التمتع بالحريات التي عادت مع تخفيف قيود كورونا.
وعادت شركة "آي إيه جي" IAG المالكة للخطوط الجوية البريطانية (بريتش إيروايز)، يوم الجمعة، إلى الربح للمرة الأولى منذ انتشار وباء كورونا، حيث سافر المزيد من الناس في جميع أنحاء أوروبا بين إبريل/نيسان ويونيو/حزيران.
محلل الأسهم في "هارغريفز لانسداون" مات بريتزمان قال إن "التعليقات التي تشير إلى أن الحجوزات الآجلة لا تظهر أي علامة على الضعف تدعم الحجة القائلة إن الطلب المكبوت على السفر لا يزال يفوق بكثير تأثير أزمة تكلفة المعيشة".
وزادت مبيعات "آي إيه جي" للرحلات، المحجوزة غالبا من بريطانيا وإسبانيا والولايات المتحدة، بأكثر من 4 أضعاف، لتصل إلى 9.35 مليارات يورو (9.55 مليارات دولار) في النصف الأول من العام مقارنة بالعام الماضي. (الدولار = 0.8211 جنيه = 0.9792 يورو).
وقال الرئيس التنفيذي لشركة "دييجيو" إيفان مينيزيس للمحللين، يوم الخميس، بعد أن تغلب صانع ويسكي "دون جوليو" و"جوني ووكر" على توقعات مبيعات العام بأكمله: "لقد حققنا نموا سريعا في التعافي في تجارة التجزئة.
وقدّم المقرضون الأوروبيون هذا الأسبوع أيضا بعض المفاجآت الإيجابية في ما يتعلق بالأرباح، لكن المستثمرين يراقبون علامات ضعف الاقتصاد وارتفاع التضخم والحرب في أوكرانيا وهي أمور قد تضر بتوقعاتهم.
وارتفع التضخم في منطقة اليورو إلى أعلى مستوى قياسي آخر في يوليو/تموز، وقد تظل ذروته مستمرة لأشهر، ما يبقي الضغط على البنك المركزي الأوروبي لاختيار زيادة كبيرة أخرى في أسعار الفائدة في سبتمبر/أيلول القادم.
لكن في الوقت الحالي، أعلن بنك "بي إن بي باريبا" الفرنسي عن أرباح ربع سنوية أفضل من المتوقع يوم الجمعة، بعد انخفاض مخصصات القروض المعدومة واستمرار النشاط في كل من الاستثمار والخدمات المصرفية للأفراد.
(رويترز)