الآن، وبعد نجاح مصر في تعويم السفينة الجانحة "إيفر غيفن"، وإعادة فتح الملاحة في قناة السويس، بدأ الجميع يحصي خسائره التي تحققت من غلق القناة لمدة 6 أيام، وكيفية تقليصها لأقصى قدر وربما تحويلها إلى ربح ومكسب.
وبدأت كل الأطراف المتضررة من الحادث العالمي التحرك بسرعة مطالبة بتعويضات ضخمة سواء من شركات التأمين العالمية أو من الشركة المالكة للسفينة البنمية حسب الأضرار التي تعرضت لها.
المتضررون كُثر: مصر وقناة السويس، سفن النفط والغاز العملاقة التي تعطل مرورها لأيام، حاويات نقل السلع والبضائع والمواد الخام، الشركات الموردة، شركات التأمين. مالك السفينة التي تحمل بضائع وسلع تقدر قيمتها بنحو 3.5 مليار دولار، المستأجر، صاحب امتياز تشغيل الممر المائي، أصحاب البضائع، وهناك التعويضات المستحقة على بضائع السفن التجارية العملاقة والتي تراوح بين 100-200 مليون دولار للسفينة، حسب تقديرات وكالة بلومبيرغ الأميركية.
مصر بالطبع هي من أكبر المتضررين من غلق قناة السويس أهم ممر مائي عالمي وشريان الشحن الحيوي وواحد من أبز موارد النقد الأجنبي للبلاد بقيمة 5.6 مليارات دولار سنوياً.
خسائر مصر المباشرة قدرها رئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع، أول من أمس، بأكثر من مليار دولار، تتوزع ما بين كلفة فقدان إيرادات يومية تقدر بنحو 15 مليون دولار بسبب تعطل حركة الملاحة في القناة، وبما يعادل 100 مليون دولار، حيث بلغت مدة التعطل 6 أيام، إضافة إلى كلفة تعويم السفينة الجانحة، وحساب تكاليف عمل المعدات والعاملين بالقناة على مدار ستة أيام من أجل التعويم، بالإضافة إلى الأضرار والتلفيات الناتجة أصلا عن جنوح السفينة، خاصة على جسم قناة السويس.
إلا أن الخسائر غير المباشرة التي تكبدتها مصر من إغلاق قناة السويس تقدر بأكثر من ذلك بكثير من وجهة نظري، فهناك خسائر السمعة، والتي دفعت دولاً أخرى مثل روسيا وإيران ودولة الاحتلال الإسرائيلي وغيرها من المستفيدين من الأزمة لأن تطرح مشروعاتها بديلا للقناة المصرية، وأن تطرح مقترح إطلاق ممرات مائية بديلة عقب تعطل الملاحة بالقناة، مستغلين في ذلك وقف الملاحة 6 أيام وما أحدثته الأزمة من تأثيرات خطيرة على الاقتصاد العالمي وتجارته وأسواقه وزيادة سعر النفط بنسبة 6% في اليوم الأول.
بل وقيام بعض تلك الدول بالتشكيك في قدرة مصر على تجاوز الأزمة بسرعة، وهو ما ثبت عدم دقته في وقت لاحق، ومبالغة هذه الدول في مواقفها وتوقعاتها سواء على مستوى طول فترة إغلاق القناة، أو تقديرات حجم الخسائر التي سيتعرض لها الاقتصاد العالمي في حال إغلاق قناة السويس شهرا كما توقع عدد من المتشائمين.
كما استغلت بعض الأطراف أزمة توقف الملاحة في قناة السويس لإثارة مخاوف العالم والدول النفطية وشركات الشحن والتوريد على انسياب التجارة العالمية، ومدى تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل.
ودفعت الأزمة البعض للتندر على قدرة المصريين على تعويم السفينة الجانحة خلال فترة زمنية قصيرة، وهو ما ثبت عدم صحته مع نجاح السواعد المصرية في تعويم السفينة خلال فترة زمنية قصيرة.
الكل يتحرك ويطالب بالحصول على تعويضات ضخمة قد تقترب من خمسة مليارات دولار، لكن من يدفع تلك الأموال في النهاية، خاصة إذا ما أقدمت الشركة المالكة على إعلان إفلاسها للهروب من سداد كل هذه المليارات؟