تسلّم وزير الاقتصاد اللبناني الجديد أمين سلام مهامه، اليوم الثلاثاء، من سلفه راوول نعمة، واعداً بإتمام ملفَّيْن أساسيَّيْن هما البطاقة التمويلية وحماية المستهلك.
وأكد وزير الاقتصاد أهمية البطاقة التمويلية للتخفيف قدر المستطاع من وطأة الأيام المنتظرة، ولا سيما على مستوى رفع الدعم عن المحروقات، واصفاً إياها بأنها بمثابة الوسادة الهوائية التي تساعد على التخفيف من حدة الارتطام.
وتطرق سلام إلى ضرورة حماية المستهلك من الغش والغلاء الفاحش والاحتكار والتلاعب بجودة ونوعية المواد الحياتية، مؤكداً بدء التحضر اليوم قبل الغد لمشروع تفعيل العمل الحمائي الضروري والرقابة على الأسعار والنوعية بغية إعادة بعض الانتظام للسوق.
وشدد سلام على أن وزارة الاقتصاد سيكون لها دور تشاركي فاعل لوضع خطة اقتصادية متكاملة برؤى مستقبلية تقوم على إعادة إطلاق عجلة الاقتصاد المنتج وليس فقط الاستهلاكي إلى جانب المساهمة في خطة التعافي المالي والاقتصادي.
وإذ أشار وزير الاقتصاد إلى أن التحدي كبير والأزمة عميقة لكن الإرادة موجودة، لفت إلى أن "الأنسنة" ستكون العنوان العريض لعمله في وزارة الاقتصاد، أي جعل الأولوية لمقاربة هموم الناس ووجعهم.
ولم تمرّ كلمة الوزير سلام على خير، إذ تعرّض لانتقادات عدّة لبعض الأمثلة التي استخدمها خلال مؤتمره، أبرزها قوله" "هناك ضفدعتان داخل بئر تتصارعان للخروج منه، هناك ضفدعة نجحت في الخروج منه بظل التخبط داخل البئر ليتبين سبب خروجها أنها طرشة (أي صماء)، والثانية التي غرقت لا تسمع".
ضفدعتين بالبير عم يتخانقو ووحدة طلعت طرشة؟
— Layal Abou Rahal (@LayalAFP) September 14, 2021
يا للهول pic.twitter.com/TRipT5uAkl
من جهته، أشار وزير الاقتصاد السابق راوول نعمة إلى أن مسؤولية الحكومة الجديدة كبيرة، وعليها أن تنجح ليعود لبنان للحياة ولتنمية اقتصاده.
وعرض نعمة جملة المهام التي قامت بها وزارته والتي اعتبرها أنها حضّرت الأرضية للوزير الجديد، مثل البطاقة التمويلية، الشباك الموحد، قانون حماية المستهلك، قانون المنافسة، الخطة الاقتصادية وغيرها من المشاريع والخطط.
وتوقف نعمة عند أهمية العمل على الإصلاحات والاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وقال: "لقد مضى عام وأنا أقول إنه يجب أن تكون هناك حكومة في المرحلة الأولى، وفي المرحلة الثانية، على الحكومة العمل على اتفاقية مع صندوق النقد الدولي، وعليه تبدأ من اليوم الإصلاحات المستعجلة".
وتوجه نعمة بالتحية إلى أرواح ضحايا 9 من الموظفين العاملين في مبنى الأهراءات في مرفأ بيروت والذين سقطوا في انفجار الرابع من أغسطس/آب 2020، وقد انتشر فيديو له عبر مواقع التواصل الاجتماعي وهو يجهش بالبكاء عند التطرق إلى قضيتهم.
بالفيديو- #راؤول_نعمة يجهش بالبكاء أثناء تسلم وتسليم #وزارة_الإقتصاد.. والسبب؟https://t.co/wzkl8VaTOw pic.twitter.com/uHi2YsF1NZ
— قنـــاة الجـــديـــد (@ALJADEEDNEWS) September 14, 2021
وينتقد لبنانيون طريقة عمل نعمة، خصوصاً على صعيد رفعه المستمرّ لسعر ربطة الخبز وعدم قدرته على لجم جشع التجار وتحقيق الرقابة الفعلية على المحال والسوبرماركت التي أمعنت في استغلال الأزمة ورفع الأسعار، عدا عن ملفات وقضايا كثيرة لم ينجح الوزير السابق في حلّها، لا بل ساهمت ممارساته في جرف البلاد إلى مزيدٍ من الانهيار والاحتكار والتهريب والتخزين.
ولم تسلم وزارة الاقتصاد خلال عهده من التحركات الشعبية والتظاهرات التي اقتحمت مرات عدة مبنى الوزارة اعتراضاً على قرارات نعمة وممارساته ورفضاً للأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعتبر الأخطر في تاريخ البلاد والتي شهدت للمرة الأولى تخطي سعر صرف الدولار عتبة 23 ألف ليرة لبنانية ومعدلات مقلقة جداً للجوع والفقر والبطالة والهجرة.
على صعيدٍ ثانٍ، جرت اليوم أيضاً مراسم التسليم والتسلم بين وزير المال السابق غازي وزني والجديد يوسف الخليل في وزارة المالية.
وقال وزني، الذي يحمله الشارع اللبناني أيضاً مسؤولية كبرى في ما وصلت إليه البلاد من أزمات: "في ما يتعلق بموازنة وزارة المالية، أعددنا مشروع موازنة 2020 وكانت موازنة اجتماعية ومعيشية.
في نهاية العام 2020 كان العجز 53% أقل من العجز في موازنة 2019. في مشروع موازنة 2021 أخذنا بعين الاعتبار صعوبات الوضع الاجتماعي والمعيشي، ومن هنا كان هدفها كيفية تحسين الوضع المعيشي والاجتماعي للمواطنين وخاصة القطاع العام".
وأضاف: "رصدنا في مشروع موازنة 2022 زيادة 50% على الرواتب والأجور كمساعدات اجتماعية، وفي الوقت نفسه رفعنا كلفة بدل النقل من 24 ألف ليرة إلى 64 ألف ليرة. هذه كانت من القرارات الاجتماعية الضرورية. وبالنسبة لموضوع المستشفيات والأدوية، فقد ضاعفنا الاعتمادات ثلاث أو أربع مرات".
وعلى صعيد البطاقة التمويلية، قال وزني: "تمويل البطاقة متوفر من مصدرين أساسيين، الأول من البنك الدولي الذي خصص تقريباً حوالي 295 مليون دولار لمشروع شبكة النقل الذي كان مقرراً لمدينة بيروت، وأظهر البنك استعداده الكامل من دون تردد لأن يخصص هذه الأموال للمساعدات الاجتماعية أو للفقراء. هذا المبلغ متوفر ويحتاج إلى قرار من مجلس النواب لتغيير كيفية استخدامه"، مشيراً إلى أن "قيمة البطاقة التمويلية تبلغ 500 مليون دولار، وبإمكاننا الحصول على ما يقارب الـ200 أو 220 مليون دولار إضافية من مصادر أخرى، مثل الـSDR أو حقوق السحب الخاصة".
ورأى وزني أنه "في ما يتعلق بصندوق النقد الدولي فلا مخرج لهذه الحكومة من أزمتها إلا من خلال برنامج صندوق النقد".
وحول موضوع حقوق السحب الخاصة SDR، شرح وزني أن "حصة لبنان بلغت 860 مليون دولار. نحن كوزارة المالية طالبنا بحق لبنان من صندوق النقد الدولي للعام 2009 الذي لم نحصل عليه لأن حاكم مصرف لبنان رأى حينها أننا لسنا بحاجة لهذا المبلغ، إذ كان لدينا فائض أموال في الداخل. من هنا ارتفعت قيمة الـ(SDR) من 860 مليون دولار إلى مليار و135 مليون دولار".
وأكد وزني أن "من يحرك حساب المليار ومئة وخمسة وثلاثين مليون دولار هو وزير المال وليس مصرف لبنان وإنما بالتعاون مع المصرف، وهذا ما يرتب مسؤوليات إضافية على عاتق الوزير الجديد في المرحلة المقبلة".
وحول ملف التدقيق الجنائي، قال وزير المال السباق: "كان يفترض توقيع العقد الجديد مع شركة التدقيق الجنائي ألفاريس ومارشال أمس، لكن التأخير يعود لطلب ديوان المحاسبة ترجمة العقد إلى اللغة العربية، ويفترض أن يوقع الوزير الخليل العقد خلال الأيام المقبلة، أما بالنسبة إلى التدقيق المالي مع شركتي KPMG والـOliver Wyman، قدمت الشركتان التقرير الأولي وهو متوفر، أما بالنسبة للتقرير الثاني فسيجهز خلال شهر".
وختم وزني: "البنك الدولي أبدى لي استعداده الكامل لمساعدة لبنان، خاصة في الظروف الحالية".
بدوره، قال وزير المال الجديد يوسف الخليل: "دور السياسة المالية سيكون أساسياً على مستوى مواكبة وزارة المالية لهذا التغيير"، مشيراً إلى أن "المفهوم العام للسياسة المالية محدود مع صلاحية استعمال تكاد تكون منتهية. فربط نجاح السياسة المالية بتحقيق تقليص النفقات وتعظيم الإيرادات لم يعد كافياً مع التشديد على واجب لبنان التقيد بمعايير مقبولة لمستوى العجز والدين".
ورأى أن "علم الاقتصاد المعاصر تخطى المفهوم الماضي الذي أعطى الثقل الأساسي لتراكم الرأسمال الإنتاجي والمالي، وقد تغيّر مفهوم الاقتصاد التقليدي بإضافة ركيزتين أساسيتين، وهما الرأسمال البشري والنظام البيئي".
وأشار الخليل إلى أن "فقدان الثقة بالمؤسسات الحكومية والخاصة هو عائق ثقيل أمام إخراج لبنان من مشاكله، وزيادة الثقة بالسياسة المالية تتطلب تغييرا أساسيا بأداء وصورة وفعالية وشفافية الإدارة العامة وتفاعلها مع المواطنين".