أوصت اللجان النيابية المشتركة في لبنان، اليوم الاثنين، الحكومة، بصياغة مشروع قانون "كابيتال كونترول" متماسك تأتي به إلى مجلس النواب لمناقشته وإقراره، آخذة في الاعتبار المصلحة العليا للمودعين، وذلك على وقع تحركات كان يجري التحضير لها غدا الثلاثاء بالتزامن مع انعقاد جلسة البرلمان، رفضاً لاقتراح "يهدف إلى اغتصاب سلطة القضاء وشرعنة المخالفات المصرفية الفاضحة للقانون لمصلحة مفسدي الدولة"، وفق تعبير "رابطة المودعين".
وقال نائب رئيس مجلس النواب، ايلي فرزلي، الذي ترأس جلسة اللجان اليوم لـ"العربي الجديد" إنّ "النواب الذين اجتمعوا فضّلوا أن يأتي مشروع القانون من الحكومة، واضعين شرطاً أساسياً بأن يأخذ مصلحة المودعين بالدرجة الأولى في عين الاعتبار، وبالتالي تقرّر تأجيله ولن يتم بحثه ضمن جدول أعمال جلسة البرلمان المقرّرة غداً الثلاثاء في قصر الأونيسكو".
ولفت فرزلي إلى أن الملاحظات أتت في الشكل ولم ندخل في صلب القانون، على أن يأتي ضمن خطط التعافي الاقتصادية، وأن يكون جزءاً منها. وفي حال أرادوا الإتيان به منفرداً يجب أن يكون ذلك مع أخذ مصلحة المودعين العليا، وفي هذه الحالة يمكننا درسه في مجلس النواب ليتخذ القرار المناسب حوله.
ويترقب لبنان الجولة الجديدة التي يقوم بها وفد صندوق النقد الدولي، والتي ينتظر فيها هذا الأسبوع أجوبة حاسمة، خصوصاً حول ثلاثة مطالب أساسية، كما أكد وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام، في وقتٍ سابق لـ"العربي الجديد"، الطلب الأول: إعادة درس ملف المودعين لتأمين غطاء أكبر لهم ولحمايتهم، والإسراع في بتّ ملف الكابيتال كونترول، وإقرار قانون الموازنة العامة لعام 2022.
ولدى خروجه من الجلسة، قال رئيس لجنة المال والموازنة النيابية النائب إبراهيم كنعان إن "الصيغة المطروحة من الكابيتال كونترول مرفوضة وقد هبطت علينا وتختصر فيها لجنة الدولة بكاملها من القضاء والحكومة وغيرها، وهذا الأمر ليس مقبولاً، فعلى الحكومة إرسال مشروع قانون وتحمّل مسؤولياتها تجاه المودعين".
وأكد كنعان أننا "نريد الكابيتال كونترول البارحة قبل اليوم، والصيغة المطروحة ليست لها علاقة بما تداولنا به في اللجان، وعلى الحكومة أن تحيل مشروعاً متكاملاً"، مشيراً إلى أنهم أرسلوا لنا الكابيتال كونترول مفصّلاً فيه أسباب موجبة، ونحن نتعهد أنه في أيام قليلة سندرس الصيغة حسب الأصول، ولكن لن نقبل أن تجمّد أموال الناس لخمس سنوات وتمدد هذه المهلة من دون الرجوع إلى المجلس النيابي.
وقالت "رابطة المودعين"، في بيانٍ سابقٍ لها، إنه "بعد إسقاط اقتراح نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي الأول لقانون كابيتال كونترول واقتراح النائب نقولا نحاس، وفي لحظة يضيق فيها الخناق القضائي المحلي والدولي على المصارف اللبنانية وحاكمية المصرف المركزي وأزلامهم في السلطة، هرول الشامي لتمرير مقترح جديد، وهرولت المنظومة لعقد جلسة تشريعية لمناقشته الاثنين. المطلوب الآن وبسرعة: حماية المصارف والمصرفيين".
ومن المخالفات التي توقفت عندها الرابطة "استحداث لجنة حكومية - نقدية لخمس سنوات مؤلفة من وزير المالية ووزير الاقتصاد والتجارة وحاكم مصرف لبنان، ويرأسها رئيس مجلس الوزراء أو وزير ينتدبه ذات صلاحيات شاملة تغتصب السلطات التشريعية والقضائية والنقدية معاً في بسط سلطتها على تحديد عمليات المصارف وتحديد أسعار الصرف وقيود السحوبات وعملاتها وحركة الأموال واستعمال الشيكات والبطاقات المصرفية وتشرّع الباب أمامها على إعفاء من تشاء من القيود التي يفرضها القانون على الأفراد والمؤسسات والمصارف وتثبت الاستنسابية التي تجذرت في التعاملات خلال السنتين والنصف الماضيتين من خلال قراراتها النهائية والملزمة غير الخاضعة لأية رقابة من أي جهة كانت دونما آلية واضحة لكيفية درس الطلبات المقدمة ومن أي جهة".
كذلك، يشرع هذا المشروع لما هو تمييز واضح بين المودعين وبين أموالهم في مخالفة لشرعة حقوق الإنسان ويكرس بدعة الفرش دولار أو ما يعرف "بالأموال الجديدة" التي بدورها قسمت بين أموال جديدة بمعاملة مميزة وأخرى جديدة بمعاملة الأموال المحتجزة، كان من شأنها أن تلعب دورا أساسيا في تحريك النقد والاقتصاد، محدّداً لسبب بعيد عن كل منطق تاريخ اعتبار هذه الأموال بالجديدة بيوم 9 إبريل/نيسان 2020.
وتلفت الرابطة إلى أن تحديد سقوف للسحوبات هو من صلب قانون الكابيتال كنترول، إلا أن مثل هذه السقوف لا يجب أن تترك لاستنسابية "لجنة" تقوم بتعديلها من وقت لآخر بدون معايير علمية واضحة، فمن شأن ذلك أن يفتح باباً للاستنسابية والتأويل، كما أن فرض سقوف للسحوبات لابد أن تراعي حجم كل مودع، بحيث لا تطاول المودع الصغير أو المتوسط كما الكبير، كما لابد من تحديد عدم المس بحسابات الرواتب، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي المتردي الذي نعيشه.
أما لناحية حصر تسديد الودائع بالليرة على سعر صرف منصة صيرفة، فإن هذه المنصة حتى اليوم تتعاطى بضبابية.
وتوقفت الرابطة عند "عدم السماح بفتح حسابات مصرفية جديدة أو حتى الاشتراك بتلك الموجودة أصلاً، إنما هو ضربٌ لهدف وجود المصارف ولفحوى عملها التي وإن كانت تسعى لشيء في المرحلة الراهنة هي إعادة هيكلة ذاتها واستجرار الأموال وإعادة الثقة التي يعدمها هذا القانون بشد الخناق على الودائع من دون أي خطط موازية".