كشفت تقارير رسمية أن حكومة الوحدة الوطنية الليبية برئاسة عبد الحميد الدبيبة تعتزم اللجوء للمصارف التجارية لتمويل مشروعات تنموية خلال الربع الأخير من العام الجاري بقيمة 10.4 مليارات دينار (2.3 مليار دولار)، وذلك ضمن خطة "عودة الحياة" التي أعلنت عنها الحكومة وينتظر إطلاقها في مطلع أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
وتركز الخطة على ثلاثة قطاعات حيوية هي البنية التحتية والكهرباء وتحريك الاقتصاد، بينما تواجه حكومة الدبيبة مأزقا في الحصول على تمويلات من خلال الموازنة العامة للدولة التي يرفض مجلس النواب إقرارها ويدعو لسحب الثقة من الحكومة.
وأشارت التقارير، التي اطلعت عليها "العربي الجديد"، إلى أن المشروعات التي سيتم تمويلها عبر المصارف التجارية متوقفة منذ عشر سنوات، وأن نسب الإنجاز فيها تتخطى 90%، مشيرة إلى أنها تقع في مدينة بنغازي، شرق البلاد، والمنطقة الغربية في العاصمة طرابلس، إضافة إلى مشروعات استثمارية جديدة.
خطة حكومية تركز على ثلاثة قطاعات حيوية هي البنية التحتية والكهرباء وتحريك الاقتصاد وبتكلفة 2.3 مليار دولار
ويأتي اللجوء إلى المصارف لتمويل المشروعات الحكومية وسط انتقادات من خبراء اقتصاد، مشيرين إلى ضرورة عدم تحميل الدولة المزيد من الديون، خاصة أنه لم يتبق من عمر الحكومة الحالية سوى أقل من أربعة أشهر.
وكانت خريطة الطريق المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي قد وصفت حكومة الوحدة الوطنية بـ"المؤقتة"، وحددت دورها في التمهيد للانتخابات الوطنية المقرر عقدها في 24 ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
وأعرب المحلل الاقتصادي أبوبكر الهادي عن استغرابه من حجم الإنفاق المالي للحكومة خلال فترة زمنية قصيرة، مشيرا إلى أنها أعباء مالية ستُحمل على الدولة كدين عام، ما سيؤثر على الاستدامة المالية على المدى القريب.
وقال الهادي لـ"العربي الجديد"، إن حكومة الوفاق السابقة أنفقت 10 مليارات دينار خلال العام الماضي عبر ترتيبات مالية استثنائية خارج الموازنة العامة دون معرفة التفاصيل بشأن أين صرفت.
ووفق تقرير حديث لشركة "ديلويت" العالمية للاستشارات المالية، فإنه بمراجعة حسابات مصرف ليبيا المركزي في طرابلس والمصرف الموازي في يوليو/ تموز الماضي، اتضح أن الدين العام بلغ 132.2 مليار دينار وهو موزع بين حكومة طرابلس بواقع 70.8 مليار دينار والحكومة الموازية (شرق) بقيمة 61.4 مليار دينار.
انخفضت احتياطيات النقد الأجنبي من 124 مليار دولار في 2012 إلى 38.37 مليار دولار في 2020، وانكمش الاقتصاد الوطني بنسبة 66%
ولفت إلى زيادة نسبة الدين العام إلى إجمالي الناتج المحلي إلى 270%، فيما انخفضت احتياطيات النقد الأجنبي من 124 مليار دولار في 2012 إلى 38.37 مليار دولار في نهاية العام الماضي، 2020، وانكمش الاقتصاد الوطني بنسبة 66%.
وقال أحمد أبولسين، مدير مركز أويا للدراسات الاقتصادية في ليبيا، إن تزايد نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي ستؤدي إلى فقدان السياسة المالية لمرونتها، وزيادة احتمال اتباع سياسة التقشف، ما يؤثر بشكل سلبي على الاستثمار والاستهلاك والتنمية الاقتصادية بشكل عام.
لكن هناك من يرى أن حكومة الدبيبة مضطرة إلى اللجوء للمصارف التجارية لتمويل المشروعات، خاصة مع اتساع الخلافات مع مجلس النواب بشأن الموازنة العامة.
واعتبر محمود سالم، المحلل المالي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن هذه الخطوة إيجابية وتهدف إلى مشاركة القطاع الخاص في المشروعات.
ومر مقترح الميزانية بعدة عراقيل اضطرت الحكومة لإجراء تعديلات عليها استجابة لملاحظات مجلس النواب، فبينما كان المقترح الأول 98 مليار دينار (21.8 مليار دولار)، تم خفضه في المقترح الثاني إلى 93 مليار دينار، قبل أن يرتفع إلى أكثر من 111 مليار دينار.
وتباينت ملاحظات مجلس النواب حيال مقترحات الحكومة للميزانية في الكثير من تفاصيلها ومسبباتها، فبينما طالبتها بخفض حجمها، طلبت منها في الوقت ذاته تضمين قوانين جديدة بشأن رفع رواتب موظفي عدد من القطاعات الحكومية والخدمية، فضلا عن منح اللواء المتقاعد خليفة حفتر ومليشياته ميزانية وصفها عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، أخيراً، بـ"المحترمة والمقدرة".