صادقت الحكومة الإسرائيلية في وقت متأخر من مساء الاثنين الماضي، على موازنة تكميلية "غير مسبوقة" لما تبقى من العام الجاري بقيمة 8 مليارات دولار، لتلبية احتياجات الحرب المدمرة التي يشنها جيش الاحتلال على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأثارت هذه الموازنة انقساماً يهدد الائتلاف الحكومي بالتصدع، لاحتوائها على مخصصات مالية وُصفت بـ"السياسية"، حيث تمنح عشرات ملايين الدولارات للمتطرفين والمستوطنين في الضفة الغربية المحتلة.
وتأتي هذه الأموال ضمن مخصصات لما تعرف بـ"صناديق التحالف" المخصصة للمستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، ونظام التعليم اليهودي المتطرف.
وبموجب اتفاق التحالف الذي أبرمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش وقادة الأحزاب الدينية الأخرى بعد انتخابات العام الماضي، من المقرر تخصيص مليارات الدولارات للأحزاب الدينية المتطرفة واليمينية المتطرفة المؤيدة للمستوطنين.
وأفادت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" بأن أعضاء حزب "الوحدة الوطنية" الخمسة فيما يعرف بـ"مجلس الحرب"، بمن فيهم زعيم الحزب بيني غانتس وتشيلي تروبر وجادي آيزنكوت وجدعون ساعر، صوتوا ضد التعديلات على الميزانية، وغادروا اجتماع المجلس فوراً.
وتسبب التصويت في صدع بين أعضاء من تياري الوسط واليمين المتطرف في حكومة نتنياهو.
وكان غانتس قد ترك المعارضة لينضم إلي نتنياهو في حكومة حرب مصغرة بعد وقت قصير من عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها المقاومة الفلسطينية على مواقع عسكرية إسرائيلية ومستوطنات متاخمة لقطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وأشار غانتس، في رسالة شديدة اللهجة إلى نتنياهو نشرها مكتبه، الاثنين الماضي، إلى معارضته لإدراج "أموال التحالف" في الميزانية المقترحة، وقال إنه يتعين عدم تخصيص أموال إضافية لأغراض تتجاوز المجهود الحربي أو دعم النمو الاقتصادي.
وفي الأسابيع الأخيرة أشارت تقارير إسرائيلية ودولية إلى تأثيرات ضخمة للحرب على الاقتصاد الإسرائيلي. وكانت إسرائيل استدعت 360 ألف جندي وضابط احتياط منذ بدء الحرب، ما يكلف الحكومة مبالغ كبيرة وكذلك الاقتصاد بسبب تغيب الذين يخدمون في القوات الاحتياطية عن العمل في الحياة المدنية.
كما أجلت إسرائيل منذ بداية الحرب نحو ربع مليون مستوطن من جنوب وشمال فلسطين المحتلة، وتأويهم حاليا في فنادق وبيوت ضيافة على نفقة الحكومة. وتنفق الحكومة الإسرائيلية أموالا ضخمة على التسلح وتمويل العدوان على غزة، الأمر الذي دفع تل أبيب إلى إصدار أدوات دين بقيمة 6 مليارات دولار.
وكان وزير المالية قد قال أمام الكنيست في وقت سابق إن تعديل الموازنة الذي يركز على الشهرين الأخيرين من 2023 يوجه 17 مليار شيكل (4.5 مليارات دولار) للدفاع، و13.5 مليار شيكل (3.64 مليارات دولار) لاحتياجات المدنيين خلال الحرب.
وكانت ميزانية العام الجاري قد قدرت بـ 484 مليار شيكل (حوالي 130.1 مليار دولار) لدى إقرارها قبل نحو سبعة أشهر لكن الحرب أضافت أعباء مالية كبيرة، ما اقتضى تعديلها بموازنة تكميلية.
وبخلاف الضغوط المالية الكبيرة التي تواجهه الحكومة بسبب تمويل الحرب والإنفاق على النازحين والتعويضات لهم، تواجه مختلف القطاعات الاقتصادية أضراراً بالغة، لا سيما البنوك التي تواجه ضغوطاً مالية كبيرة بسبب تأخر المقترضين في سداد أقساط الديون وتوفير التمويلات.
وحسب تقرير لصحيفة "غلوبس" فإن بنك "ديسكونت" الذي أعلن نتائج الربع الثالث من العام الجاري، رصد مخصصات ضخمة لخسائر الائتمان المحتملة في الربع الأخير من العام، تعادل ستة أضعاف المخصصات المرصودة لتغطية الخسائر في العام 2022.
وخصص "ديسكونت" 596 مليون شيكل خسائر الائتمان، مقارنة بـ106 ملايين شيكل في نفس الفترة من العام الماضي.
كذلك خفّض بنك هبوعليم توزيعات أرباح الربع الثالث إلى 20% من الأرباح، تحسباً للخسائر المتوقع تكبدها من الحرب، وفق تقرير غلوبس، الذي نشر مساء الاثنين. وبنك هبوعليم هو ثالث أكبر مصرف تجاري في إسرائيل.
في الأثناء، قرر بنك إسرائيل (المركزي)، الاثنين الماضي، الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير عند مستوى 4.75%، مشيرا إلى "عواقب اقتصادية كبيرة، سواء على النشاط الحقيقي أو على الأسواق المالية" بسبب الحرب.
والأسعار الحالية تعتبر الأعلى منذ عام 2007 بحسب البيانات التاريخية لأسعار الفائدة الصادرة عن البنك.
ولفت البنك إلى النفقات الحكومية بسبب الحرب تقدر بـ 160 مليار شيكل (43 مليار دولار)، متوقعاً أن تصل نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 63% في 2023، و66% في 2024، مقابل 58% في 2022.