يُجمع خبراء اقتصاديون على أن الموازنة التي أقرتها الحكومة اللبنانية الخميس هي بمثابة إعلان حرب اجتماعية على المواطنين. وأقرت الحكومة اللبنانية في جلسة برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون وحضور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والوزراء مشروع موازنة عام 2022 بعجز يصل إلى 7 آلاف مليار ليرة لبنانية.
ويقول الباحث الاقتصادي وعضو رابطة المودعين نزار غانم لـ"العربي الجديد" إن "هذه الموازنة تخلو من أي خطة ماكرو اقتصادية تعيد هيكلة المصارف والدين العام وتعطي رؤية مستقبلية للسنوات القليلة المقبلة. كما أنها تتضمن زيادة ضرائب عشوائية وتعطي حرية كبيرة لوزير المال واستنسابية في تحديد سعر الصرف في خطوة هي أيضاً غير قانونية وخطيرة بتداعياتها"، معتبراً أنها بمثابة إعلان حرب على كل اللبنانيين لانعكاساتها الكبيرة على صعيد زيادة الفقر والتضخم المالي.
ويلفت الباحث الاقتصادي إلى أن "الموازنة تضمنت الكثير من الكمائن والمغالطات القانونية وذلك بهدف تحصيل أكبر إيرادات ممكنة عبر فرض ضرائب عشوائية من دون أي حل بنيوي للاقتصاد".
وتوقف عند نية الدولة تحصيل الأموال من الشركات من خلال الـTVA، وكذلك من زيادة الضرائب على الأبنية السكنية وعلى المكلفين الضريبيين ووضع رسوم على المسافرين بالدولار، عدا عن فرض ضريبة على الانتقال ورفع الشطور وفرض رسوم على السلع المستوردة، وتحصيل الضرائب بالدولار من الشركات التي تمنح الرواتب بالدولار، وفرض توطين رواتب القطاع الخاص بالمصارف".
ويشدد غانم على أن "اللبنانيين غير مدركين أن الأسوأ لم يأتِ بعد والضربة ستكون كبيرة". ويشير غانم إلى أن "هذه الموازنة الإفقارية من شأنها أن تؤدي إلى انكماش اقتصادي وتزيد التضخم المالي وتواصل تذويب ودائع الناس من دون أن تلحظ في المقابل أي رؤية اقتصادية طويلة الأمد. وهو ما يؤكد عدم جدية الدولة اللبنانية في إقرار خطة مالية تضع الحلول المناسبة للأزمات".
ويردف غانم أن "هذه الموازنة تعني استمرار النهج السابق بتذويب الودائع عبر السياسات العامة التضخمية، واستمرار نهج حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي يقوم على تحميل أكلاف الأزمة المالية للمسحوقين وأصحاب الودائع الصغيرة والمتوسطة في مقابل إنقاذ المصارف والطبقة السياسية المتعاونة في ما بينها من دون تقديم أي حل بنيوي".
من جهتها، أصدرت "شرعة الإنقاذ الوطني" (تضم مجموعة من الناشطين والمثقفين) بياناً فندت فيه خطورة مشروع الموازنة، أولاً على صعيد غياب أي خطة متكاملة للتعافي. وكذا، ضرب الأجور بالليرة اللبنانية وتكبيل القدرة الشرائية للشريحة الكبرى من اللبنانيين عبر فرض مطرد للضرائب والرسوم بدل التوجه نحو الضرائب المباشرة التصاعدية والرسوم على استثمار الأملاك البحرية والنهرية أو ضبط المعابر الحدودية لتحسين الجباية.
وقالت إن أخطر ما جاء في مشروع الموازنة هو استسهال خرق الدستور والقوانين وانتهاك مبدأ فصل السلطات عبر محاولة إعطاء صلاحية استثنائية للوزراء أو للحكومة لتحديد أسعار متعددة للصرف أو التفريق ما بين الودائع المصرفية أو إضفاء سياسات قطاعية يجب أن تقر في قوانين منفصلة.