استمع إلى الملخص
- **مقترحات المرشحين**: اقترحت هاريس إنشاء سلطة فيدرالية لحظر التلاعب بالأسعار وإعفاءات ضريبية، بينما وعد ترامب بخفض الأسعار عبر تقليص دور الحكومة وفرض تعريفات جمركية.
- **التحديات والانتقادات**: تواجه هاريس صعوبة في إقناع الناخبين بقدرتها على معالجة التضخم، بينما يثق الناخبون بترامب أكثر في التعامل مع الاقتصاد.
نشطت خلال الأسبوع المنتهي السجالات الاقتصادية بين مرشحي الرئاسة الأميركية، حيث سعى كل من دونالد ترامب وكامالا هاريس لإبراز رؤيته لترويض التضخم الجاثم على صدور الأميركيين، والتي يفترض أن تكون من أهم العوامل المؤثرة في قرار الناخبين عند صناديق الاقتراع. ورغم غياب الكثير من التفاصيل، فإن تصريحاتهما كانت كاشفة للنوايا، حيث أظهرت تباين وجهتي النظر حول الدور الذي يمكن أن تلعبه الحكومة في الاقتصاد الأكبر في العالم.
ودعت هاريس، التي ستقبل رسميًا ترشيح حزبها في المؤتمر الوطني الديمقراطي هذا الأسبوع في شيكاغو، إلى استخدام قوي لسلطة الحكومة للتدخل في الأسواق ووضع سياسة ضريبية جديدة لتحقيق الأهداف الاجتماعية، وفي كثير من الحالات، رأى محللون أن المرشحة الصاعدة بقوة ذهبت باتجاه اليسار أبعد كثيراً مما فعل الرئيس جو بايدن.
واقترحت نائبة الرئيس سلطة فيدرالية جديدة لحظر التلاعب بالأسعار في المواد الغذائية والبقالة، وقوانين جديدة لردع الشركات عن شراء المساكن العائلية ورفع الإيجارات. وقالت هاريس إنها ستعالج نقص الإسكان من خلال الإعفاءات الضريبية لبناء منازل للمشترين لأول مرة، وستسعى لتقديم إعانات للأطفال حديثي الولادة، لتخفيض تكاليف الولادة على الأميركيين. وعلى النقيض من ذلك، قال ترامب إنه سيخفض الأسعار من خلال تقليص دور الحكومة في الاقتصاد، ووعد بإلغاء القيود التنظيمية المفروضة على إنتاج الطاقة وغيرها من الصناعات غير المحددة، كما تعهد بخفض الضرائب، بما في ذلك على مزايا الضمان الاجتماعي.
التضخم يشكل خطط المرشحَين
وتخاطب مقترحات هاريس عقول وقلوب العديد من الأميركيين العاديين وبعض الباحثين، وخاصة من اليسار، حيث أشارت إلى أن جشع الشركات أدى إلى تضخيم الزيادات في الأسعار في السنوات الأخيرة، وخاصة الشركات التي تتمتع بقوة تسعير كبيرة. ويعطي معظم خبراء الاقتصاد هذه الفكرة القليل من المصداقية، ويعزون التضخم بدلاً من ذلك إلى الحكومات في جميع أنحاء العالم، بعد إغراق اقتصاداتها بكميات ضخمة من النقود المطبوعة خلال فترة الجائحة، في وقت كافحت فيه سلاسل التوريد العالمية لتلبية الطلب المتزايد والتغلب على نقص العمالة.
ومع ذلك، كانت أسعار البقالة أعلى بنسبة 26% في يوليو/تموز مقارنة بعام 2019. ووفقًا لمجموعة متنوعة من المؤشرات، تظل هوامش ربح الشركات أكبر الآن مما كانت عليه قبل الوباء. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح كيف سيعمل "الحظر" الذي اقترحته هاريس على التلاعب بالأسعار، وهو مصطلح ليس له تعريف واضح. ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مايكل سينكينسون، الخبير الاقتصادي في جامعة نورث وسترن والذي خدم في البيت الأبيض في عهد بايدن، قوله إن "فرض القانون سيكون صعبًا للغاية. إن الطريقة الأفضل للسيطرة على أسعار البقالة هي ضمان وجود منافسة صحية وشفافية الأسعار، وكان كلاهما محوريًا للسياسة الاقتصادية للإدارة الحالية".
من جانبه، أكد ترامب وعوده السابقة باستخدام سلطاته رئيساً لفرض التعريفات الجمركية، وقال إنه سيفرض معدلات تصل إلى 20% على الواردات، ارتفاعًا من اقتراح سابق بنسبة 10%. ويقول خبراء الاقتصاد إن مثل هذا الإجراء من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم التضخم في الولايت المتحدة، وزيادة معاناة ذوي الدخل المنخفض.
ولم يذكر أي من المرشحين كيفية تمويل خططهما. وتقدر لجنة الميزانية الفيدرالية المسؤولة، غير الحزبية، أن إلغاء ترامب المقترح للضرائب على مزايا الضمان الاجتماعي من شأنه أن يعجل بالتاريخ الذي تنفد فيه أموال المعاشات، ويزيد عجز الموازنة بمقدار 1.6 تريليون دولار على مدى عقد من الزمان. وتشير التقديرات إلى أن العجز سيتأثر بنحو 1.7 تريليون دولار نتيجة لمقترحات هاريس لتوسيع الإعفاء الضريبي الخاص بالأطفال، وعلى الدخل المكتسب، وإعانات التأمين الصحي، ودعمها للإسكان.
وجاءت موجة المقترحات السياسية في وقتٍ تتغير فيه الأوضاع السياسية والاقتصادية، بعد أشهر من اعتماد ترامب على غضب الناخبين من ارتفاع التضخم في بلادهم، قبل أن تأتي البيانات الأخيرة لتظهر ارتفاع الأسعار بأدنى معدل منذ عام 2021. ورغم أن أغلب الأميركيين ما زالو يعتبرون التضخم مصدر قلق رئيسي لهم، تظهر بعض استطلاعات الرأي أنهم لا يلومون هاريس على ذلك بقدر ما يلومون بايدن.
ووجد استطلاع أجرته قناة فوكس نيوز الإخبارية أن الناخبين يثقون بترامب في التعامل مع الاقتصاد أكثر من هاريس بنسبة 6 نقاط مئوية. وكان ترامب قد حقق تقدمًا بأكثر من عشر نقاط على بايدن في هذا السؤال، في ثلاثة من استطلاعات "فوكس نيوز" الأربعة السابقة. وتجدر الإشارة إلى أن تفاصيل السياسات التي أُعلن عنها لم تكن كافية لتكوين الانطباعات عن خطط هاريس الاقتصادية، وهي المرشحة التي لم تصبح خيار حزبها للرئاسة إلا بعد أن أنهى بايدن ترشيحه قبل أربعة أسابيع.
هاريس تريد تأكيد أنها تفهم الأمر
وقال الديمقراطيون إن تفاصيل خطط هاريس كانت أقل أهمية من إقناع الناخبين بأنها تفهم قلقهم ولديها الخبرة اللازمة لمعالجته. وأشاروا إلى أن هاريس تركز على سجلها مدعيةً عامةً لولاية كاليفورنيا في مقاضاة البنوك والشركات لإضفاء المصداقية على وعدها بمحاربة الشركات التي يُزعم أنها تستخدم قوتها السوقية لرفع الأسعار والإيجارات. وقال إيفان روث سميث، كبير خبراء استطلاعات الرأي في شركة بلوبرينت، وهي شركة استطلاعات رأي واستراتيجيات على صلة بالحزب الديمقراطي، إن استطلاعات الرأي تظهر أن الناخبين يعتقدون أن الشركات تسيء استخدام قوتها السوقية لرفع الأسعار، وأن هاريس ستكون موثوقة في القول "إنني أعرف من هم الجناة، إنهم القطط السمان التي تستغل الناس في فواتير البقالة وعند مضخة البنزين".
وأضاف أن خطة هاريس للتصدي للتلاعب بالأسعار ومكافحة التضخم "توضح للناخبين أنها تفهم الأمر جيداً، لأنها ركزت على القضية الأكثر أهمية بالنسبة لهم". ويعتقد مايكل بودهورزر، الاستراتيجي الديمقراطي والمدير السياسي السابق لاتحاد العمل الأميركي للمنظمات الصناعية، أن الحزب يجب أن يستهدف في المقام الأول الناخبين الذين دعموا مرشحًا ديمقراطيًا في الماضي ولكنهم ما زالوا غير ملتزمين بهاريس. وقال: "معظم الناس لا يعرفون الكثير عنها، ولذلك، عليها فقط أن تُظهِر أنها شخص يجعلهم يثقون بقدرته على فعل الشيء الصحيح".
وعلى العكس من ذلك، يحاول ترامب رسم صورة خاصة بهاريس على أنها يسارية متطرفة. ووصف في مؤتمر صحافي، يوم الخميس، خطتها لفرض الأسعار بأنها "السيطرة الشيوعية على الأسعار، إنها تؤدي إلى نقص الغذاء، والتقنين، والجوع، وتزيد التضخم بشكل كبير". وقال ميكا روبرتس، وهو خبير استطلاعات رأي جمهوري يعمل في استطلاعات التوقعات الاقتصادية لشبكة "سي إن بي سي" الاقتصادية، إن الناخبين لم يروا هاريس حتى الآن مختلفة كثيرًا عن بايدن في ما يخص التعامل مع التضخم. وقال: "إنها تخوض معركة شاقة بشأن الاقتصاد، وهي تحمل معها ثقل اقتصاد بايدن. وبقدر ما تحاول التخلص من هذا العبء، لا أعتقد أن الناخبين سيسمحون لها بالتخلص منه تمامًا".